في اتصال مع «وزير الدولة لشؤون المرأة» ــــ واسم الوزارة «ملتبس» في حد ذاته ــــ جان أوغاسابيان، الذي قدّم، أخيراً، مشروعاً لتعديل بعض المواد في قانون العقوبات اللبناني المجحفة بحق المرأة، سألناه عن مادتين موجودتين في القانون نفسه.
المادتان 503 و504 اللتان لم يكن الوزير على علم بوجودهما

المادة 503

تنصّ على نيل «كل مغتصب عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات على الأقل، شرط ألا يكون المغتصَب هو نفسه زوج المغتصِب».

المادة 504

تنصّ على «نيل عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، كل من جامع شخصاً غير زوجه لا يستطيع المقاومة بسبب نقص جسدي أو نفسي أو بسبب ما استعمل نحوه من ضروب الخداع».
قال الوزير حين تلونا عليه هذه المواد حرفياً: «كيف هيك؟». أعدنا القراءة. استدرك بأنه «سبق وقدّمت مشروع تعديل خاصاً بهاتين المادتين». لم نسمع بهذا التعديل. وأكد لنا مصدر في الوزارة بأن هذه المواد لم تُذكر في أي مشروع تعديل. في المادتين المذكورتين، الزوج ــــ الزوجة في الأحرى ــــ مستثناة من الحديث. وما تتضمنه المواد هو الآتي:
أولاً، تشريع الاغتصاب: من حق الزوج أن «يغتصب» زوجته.
ثانياً، العقوبة التي تنصّ عليها المادة 504 في ما يخصّ اغتصاب شخص عاجز عن الرفض والمقاومة لعدة أسباب، يمكن أن تكون جسدية، يُستثنى منها الفاعل في حال نفّذ جريمته بحق زوجته. استكمال عملي للمادة السابقة.

تبيّن أن دور الوزارة يقتصر على استقبال اتصالات النساء

سؤال آخر: هل تتحرك وزارة الدولة لشؤون المرأة عند وقوع أي جريمة قتل أو تعنيف جسدي أو لفظي تتعرض له أي إمرأة؟ إن كانت لا تفعل، فما هي وظيفتها اذاً؟ «التصريحات». الجمعيات «تراقب» (وتتلقى التمويل طبعاً) والوزارة «تراقب». والقانون ليس معدلاً، وأسهل ما يمكن قوله، هو ما سيقوله الجميع وهم يقرأون الآن: «المشكلة ثقافية وعميقة». في الواقع، تواصلنا مع الوزارة بهدف معرفة ماهية الدور الذي تلعبه، والإجراءات التي تقوم بها ــــ إن وجدت ــــ عند وقوع أي جريمة تعنيف أو قتل. تبيّن أن دور الوزارة يقتصر على استقبال اتصالات النساء (وهذا لا يحدث غالباً) اللواتي يواجهن مشاكل عنف وغيرها، وإعلامهن بما يجب القيام به (اللجوء إلى وزارة الشؤون أو القضاء، الخ...). دور الوزارة اذاً استشاري لا تنفيذي، لأنها «لا تستطيع لعب دور القضاء أو القوى الأمنية». الأمل كالعادة، على القضاء، قبل «القضاء» على المرأة.
عودة إلى قانون العقوبات. المادة 562: «يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع فأقدم على قتل أحدهما أو إيذائه بغير عمد». بسبب ما يمكن أن يشعر به الأخ أو الأب أو غيرهما من الأقارب المعنيين، من غضب أو انفعال، يُقدّر موقفهم وتبرّر فعلتهم حتى ولو كانت جريمة قتل. القانون اللبناني مرهف جداً وقمة في المراعاة في هذه النقطة، ويأخذ انفعالات الناس ومشاعرهم في الاعتبار. وهي مشاعر، تأتي من موروث. ألم يحن موعد تحرير المرأة من الموروث؟
هذا ليس كل شيء. في ما يخص «أحكام الزنا» ــــ وهذه تسميتها الحرفية الواردة في قانون العقوبات ــــ التمييز بين الرجل والمرأة ظاهر على صعيدين أساسيين. من حيث العقوبة، تواجه المرأة عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، أما الرجل فيواجه عقوبة الحبس من شهر إلى سنة. لا يواجه عقوبة المرأة نفسها إلا اذا كان متزوجاً (عقوبة المرأة هي نفسها إن كانت متزوجة أم لم تكن). في ما يخص اثبات التهمة، لا يعدّ الرجال «زانياً» إلا اذا قام بفعلته داخل المنزل الزوجي أو في حال اتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان كان، أما الزوجة فتعتبر «زانية» بغض النظر عن مكان الحادث. ويتطلّب إثبات الزنا بحق الزوجة شهادة شهود، لكن يعتبر شريكها المتهم بريئاً في حال غياب رسائل أو وثائق خطية تخصّه وتثبت تورّطه. القانون وُضع في الأربعينيات، ولا يزال سارياً. وكل يوم إمرأة والجميع بخير.