عندما أنجز رامي حنّا مسلسل «غداً نلتقي» (كتابته مع إياد أبو الشامات) قابلناه بحفاوة الفاتحين وتعاملنا مع صاحبه على أنّه المخلّص الأوّل للدراما السورية ومشاكلها. يومها لم يتوان مخرجون مكرّسون عن الاعتراف علناً ببراعة زميلهم المتخرّج من «المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم التمثيل» الذي يتداول الوسط الفني طرائف مُحبّة عن مزاجه، وبطئه، وعزلته الطويلة في بيته!
طبعاً، تناسينا يومها أنّه صاحب فضل ما في تكريس الدراما الأجنبية المعرّبة، كونه كان مخرج «روبي» وهو من أوائل المسلسلات التي قدمت قصص حب أجنبية ساذجة على مدار حلقات طويلة!
بعد «غداً نلتقي» (2015)، سافر حنّا إلى فرنسا، وبقي هناك مدّة طويلة. حينها كانت العروض تنهال عليه من شركات الإنتاج، بعضها يقدّم له نصوصاً، والآخر يطلب منه أن يصطحب مشروعه معه، لكن وضعه لم يكن يسمح له بالعودة إلى الوطن العربي. هكذا، صام مخرج «زهرة النرجس» وقتاً طويلاً ليقرر بأن يكون إفطاره على مسلسل إسباني معرّب إلى البيئة اللبنانية اسمه «تانغو».
العمل أنجز السيناريو الثلاثيني العربي له إياد أبو الشامات عن سبعين حلقة من النسخة الأصلية، وسيلعب بطولته كل من: باسل خيّاط، ودانا مارديني، وباسم مغنية، ودانييلا رحمة... الثنائي الأوّل تربطه علاقة زواج، فيما تربط الثنائي الثاني علاقة حب وزواج معاً. تبدأ أحداث العمل عندما تتعرض دانييلا رحمة لحادث يدخلها في غيبوية طويلة قبل أن تموت في الحلقات الأولى، لتكون الأحداث بنسبة كبيرة منها عبارة عن فلاش باك تقليدي يكشف خبايا علاقة حب كان تجمع الفتاة التي تعرّضت لحادث بباسل خيّاط. إذاً هي الفرضية الأزلية التي تقوم عليها الدراما المدبلجة، أو المعرّبة. قصة حب تدور بين فتاة وشابين أو العكس! كان من الممكن بالاتكاء على النجاح الاستثنائي الذي حققه حنا في آخر أعماله، أن يخترق الحصار المفروض على الأعمال التي تشتبك مع الظرف السوري الجديد، لكن استباقاً لما سيحدث في هذا العمل، وما سيحققه من جماهيرية متوقعة، يمكن القول بأن نجم «قلم حمرة» سينجز ما بين يده ببضعة «كلوزات» وحفنة لقطات عامة تدعمها مشاهد طبيعية ملفتة، و«لوكيشنات» أنيقة صارت لازمة لمثل هذه الأعمال، ثم ينتهي الأمر! بعدما صيغ جزء من النص بمنطق الاعتماد على مادة تلفزيونية جاهزة، لا يمكن أن تخوّل القائم على تعريبها تقديم ملامح إبداع صدامي، أو جرأة حرّة منتظرة. لذا تتلخّص النتيجة بأن الدراما السورية خسرت فرصة كسر الشروط المجحفة التي تفرضها الفضائيات، بعدما اتخذ رامي حنا قرار الخوض بمثل هذا العمل!