يطلق المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم في قاعة قصر الأونيسكو، دراسته الإحصائية تحت عنوان «الأحوال المعيشية للأسر في لبنان 2015 ــــ النتائج والمؤشرات العامة والمناطقية»، والتي تشمل نتائج مسح الأوضاع المعيشية للأسر المقيمة، نفّذه المركز عامي 2014 ــــ 2015، وشمل أكثر من 6 آلاف أسرة لبنانيّة في المناطق كافة، باستثناء اللاجئين السوريين والفلسطينيين والأسر التي لا تحمل جنسية لبنانيّة والمقيمين في مساكن جماعيّة كالفنادق والمستشفيات ونزلاء السجون.
يرصد المسح 5 أدلة أساسيّة (تتضمّن 24 مؤشراً ثانويّاً) هي: الوضع التعليمي، المسكن، خدمات المسكن، الوضع الصحي، فضلاً عن الأوضاع الاقتصاديّة للأسر.
تتضمّن الدراسة تقديرات حديثة لمؤشرات الفقر (النقدي والبشري) والحرمان وعدم الانصاف في لبنان، وتبرز على نحو لا لبس فيه الفوارق التي ما زالت واسعة بين بقايا الريف اللبناني من جهة والمنطقة المركزيّة التي تضمّ العاصمة وأجزاء من الأقضية الملاصقة لها، فضلاً عن ظهور مؤشرات واضحة على ترييف المدن واتساع الفوارق الطبقيّة داخلها.

المركز والاطراف

بحسب نتائج الدراسة، يظهر اتساع هامش الفوارق بين الأطراف والمركز، إذ «يضمّ البقاع النسبة الأكبر للأسر المحرومة بنحو 53.8% من مجمل الاسر المقيمة فيه، في حين ان بيروت سجلت النسبة الأقل، اذ بلغت 27.4% من إجمالي الأسر المقيمة فيها. علماً أن نسبة الأسر المحرومة في النبطية (50.9%) والشمال (46.6%)، بالاضافة الى البقاع، تتخطّى المعدّل العام الإجمالي للأسر المحرومة (36.3%)، وخصوصاً في مؤشرات الوضع الاقتصادي والوضع الصحي وخدمات المسكن، ما يدلّ على أن هذه المناطق الواقعة في الأطراف ما زالت تعاني من الحرمان المستمرّ منذ عقود، مقابل تسجيل الجنوب (33.1%) وجبل لبنان (31.8%) وبيروت نسبة أقل من المعدل العام.

التحسّن النسبي في الجنوب يعود إلى عمليات إعادة الإعمار بعد عدوان تموز
ويعود التحسّن النسبي في الجنوب إلى عمليات إعادة الإعمار بعد عدوان تموز، ما انعكس إيجاباً على مؤشري المسكن والتعليم، في حين أن الأسر المحرومة في جبل لبنان تتأثّر بتراجع الوضع الاقتصادي وتردي الخدمات العامّة، والأسر المحرومة في بيروت تتأثّر بالأوضاع الاقتصاديّة.

دليل الأوضاع الاقتصاديّة: عامل الإفقار الأشدّ

بالاستناد الى دليل الأوضاع الاقتصاديّة وحده، الذي يعدّ العامل الأكثر تأثيراً على الأحوال المعيشيّة للأسر في كل المحافظات، زادت نسبة الأسر المتدنية الإشباع على هذا الدليل الفرعي من 49.1% إلى 55.9% بين عامي 2004 و2015، ونسبة الأسر المتوسطة الإشباع على الدليل نفسه من 25.2% إلى 31%، فيما تراجعت نسبة الأسر العالية الاشباع من 25.6% إلى 13.1%.
ويعود ذلك إلى تأثر الأوضاع الاقتصاديّة بالتقلبات الظرفيّة (الركود والتضخم)، ما ينعكس ارتفاعاً في البطالة لدى الفئات العمريّة الناشطة اقتصادياً (بين 15 و64 سنة) من 9.2% إلى 11.9% بين عامي 2007 و2015، وتراجعاً في دخل الأسر والأفراد نتيجة الوضع الأساسي في العمل والإعالة. تبلغ نسبة الإعالة 50.4%، ويتفاوت هذا المعدل بين حد أعلى قدره 55.8% في بيروت وحد أدنى قوامه 37.1% في البقاع، ما يعني أن نحو ثلث السكان يعيلون الثلثين الباقيين».

دليل خدمات المسكن إلى تراجع

باتت الأسر تعتمد على قدراتها الذاتيّة لتأمين حاجاتها من الخدمات العامة، ويظهر التراجع في مؤشر خدمات المسكن الذي يقيس توفّر مياه الشرب ومياه الخدمة والطاقة الكهربائيّة ووسائل الصرف الصحي والنفايات المنزلية ووتيرة تصريفها، من خلال مقارنة نسبة توفّر هذه الخدمات بين عامي 2004 و2015، بحيث زادت الأسر ذات الإشباع المتدني من 29.8% إلى 48.9%، وانخفضت الأسر العالية الإشباع من 41.1% إلى 7.6%.
للصورة المكبرة انقر هنا



بحسب الدراسة «يتبيّن أن 41.1% من المساكن فقط تعتمد على مياه الشبكة العامة التي تصل إلى المنازل بما يعكس حجم تراجع هذه الخدمة. والأمر نفسه ينطبق على الطاقة الكهربائيّة، فعلى الرغم من اتصال 99.3% من المساكن بالشبكة العامة، إلّا أن عدم كفايتها يدفع الأسر إلى الاعتماد على مصادر أخرى لسدّ حاجاتها تتراوح بين نسبة 54.5% من اشتراك المولد، و35.1% من الـUPS، و6.5% من مولدات خاصّة. إضافة إلى ذلك، يتبيّن أن 74.7% من المساكن تعتمد على شبكة المجاري الخاصة بالصرف الصحي لكن القسم الأكبر منها غير مرتبط بمحطات للمعالجة ما يؤدي إلى تصريفها في الأدوية ومجاري الأنهر والبحر».

ثلث الأسر غير مكتفية صحياً

«ثلث الأسر اللبنانية غير مكتفية في المجال الصحي على الرغم من العدد الكبير للمستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات المستحدثة»، هذا ما تظهره نتائج الدراسة على صعيد دليل الوضع الصحي، مشيرة إلى أن «الحاجة الفعلية المطلوبة في هذا المجال هي لتحسين نوعية وجودة الخدمات المقدمة وليس لإقامة منشآت جديدة».
ويتبين أن السبب الأساسي في نسبة حرمان الأسر في دليل الصحة هو «عدم كفاية الخدمات المقدّمة للمعوقين، وزيادة ساعات العمل، وانتشار الأمراض المزمنة. فضلاً عن وجود نحو 15.2% من الأسر التي لديها حرمان في مجال التأمين الصحي، مقابل 43.6% من الأسر التي لديها إشباع عال». ويعود ذلك إلى انتشار شركات التأمين الخاصّة، التي ارتفعت نسبة المستفيدين منها من 7.6 إلى 8.6، مقابل تراجع المستفيدين من الجهات الضامنة الرسمية كالضمان الاجتماعي من 52.1% إلى 51.4%.

ثلثا المساكن يفوق عمرها 25 سنة

يسجل مؤشّر المسكن تحسناً من 24.6% عام 2007 إلى 22.3%، ويعود الإشباع المقبول في مجال السكن إلى انتشار البناء في شكل واسع، نتيجة للسياسات العقاريّة السائدة والتشريعات المتساهلة في البناء والتسهيلات في القروض المصرفيّة السكنيّة.

أكثر من نصف اللبنانيين يؤمنون حاجاتهم الكهربائية من اشتراكات المولدات

إذ تعيش 12.3% من الأسر في مساكن أصغر من حاجتها الفعليّة أغلبها في جبل لبنان وبيروت والشمال، وتعيش 2.8% من الأسر في منازل أكبر من حاجتها.
إلى ذلك، يبلغ متوسط مساحة المساكن نحو 134.5 متر مربّع، ونحو 67.7% من الأسر تمتلك مسكنها الرئيسي مقابل 21.7% من الأسر تشغله بالإيجار (خصوصاً في بيروت بنسبة 55.4% وجبل لبنان بنسبة 27.7%). ويشار إلى أن أكثر من ثلثي المساكن (68.3%) بنيت منذ 25 سنة وما فوق، و3.9% منها بنيت قبل 5 سنوات.

41.3% من الطلاب في المدارس الرسميّة

يسجّل التعليم النسبة الأقل من الحرمان، إذ تحسّن لدى الأسر المحرومة مسجلاً نسبة 13.8% مقارنة مع 34.7% خلال 2004. يأتي ذلك نتيجة اتجاه الأسر لتعليم أبنائها حتى مستويات متقدّمة باعتبارها وسيلة لاكتساب مكانة اجتماعيّة أفضل. أيضاً، تحسنت أوضاع الأسر التعليمية ذات الإشباع المرتفع وزادت نسبتها عما كانت عليه عام 2004، من 35% إلى 58.8%، ما يعد مؤشراً أولياً على تحسن أوضاع التعليم ومستويات المدارس الرسميّة التي تستقطب 41.3% من إجمالي الطلاب، وإلى ارتفاع المستويات التعليميّة لدى أرباب الأسر ما دون 45 سنة (أي جيل ما بعد الحرب).






أكثر الأمراض انتشاراً بين اللبنانيين

■ ضغط الدم المرتفع، السكري، أمراض القلب، الكوليسترول، أمراض التهاب المفاصل
■ يعاني من أحدها 67.6% من الأفراد
■ تصيب أمراض القلب وضغط الدم المرتفع الذكور أكثر من الإناث
■ تصاب الإناث بالتهاب المفاصل وترقق العظم أكثر من الذكور