خلال جولته على معاقل العونيين في منطقة جزين في شهر تموز الفائت، تعهد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمام محازبيه بأن «نكرر مشهد انتخابات 2009 ونفوز بالمقاعد الجزينية الثلاثة (مارونيان وكاثوليكي) إذا شدينا الهمة»، لكن سرعان ما قاطعه أحد كوادر التيار قائلاً له: «إذا بقينا هكذا، سنربح مقعداً واحداً، في أحسن الأحوال». استنتاج وافق عليه عدد من الحاضرين في معرض الحث على مغادرة حالة الاشتباك ضمن البيت الداخلي البرتقالي، وخصوصاً بين النائبين زياد أسود وأمل أبو زيد ورئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش وبعض كوادر هيئات القضاء.
هذه الخلافات التي ارتدّت سلبا على العونيين في الانتخابات البلدية الأخيرة، وانسحبت على محطات عدة في فترات لاحقة، لا يبدو أن بمقدور رئيس التيار الحر تطويقها. يقول أحد أعضاء الماكينة الانتخابية في جزين إن الكل في حالة ضياع، ولا أحد يستطيع أن يقدم جواباً حاسماً، لا بالنسبة إلى الأسماء النهائية للمرشحين، ولا التحالفات ولا كيفية توزيع الأصوات التفضيلية.
على صعيد الترشيحات، يكاد يكون النائب أمل أبو زيد العنصر الثابت الوحيد في اللائحة المرتقبة، فيما يخوض النائب زياد أسود معارك متعددة، سواء ضمن التيار أو على الصعيد السياسي العام، والأهم على صعيد محاربة المال الانتخابي.

عازار وسعد ملتزمان التحالف، وباسيل فوجئ بمطالبة الحريري بالكاثوليكي



واللافت للانتباه أن أسود الذي حل في المرتبة الأولى في الاستطلاعات التي أجراها التيار في جزين، يواجه خطر السقوط، بسبب وجود ميل في بعض دوائر القرار إلى أن تكون خسارة أحد المقعدين المارونيين على حسابه هو، لا على حساب أمل أبو زيد. لذلك، يروّج خصوم أسود شائعات عن «ميله إلى الانسحاب من المعركة، استباقاً لهزيمة لا تليق بالعوني العتيق الذي هزم لائحة التنمية والتحرير و14 آذار وحصد 53 في المئة من أصوات المقترعين في عام 2009». الصوت التفضيلي الذي يرجّح فوز واحد من اثنين: إما أسود أو أبو زيد، قد يدفع القيادة إلى عدم ترشيح ممثل عنها عن المقعد الكاثوليكي بهدف تركيز معركتها وأصواتها التفضيلية على مرشحيها المارونيين. هذا الاحتمال عززه إبلاغ المرشحين الكاثوليكيين جاد صوايا وسليم الخوري استبعادهما من لائحة التيار.
حتى الأمس القريب، كان الاعتقاد السائد، أن العونيين وتيار المستقبل يتجهون نحو تحالف مريح في دائرة صيدا – جزين، لكن التيار الوطني الحر فوجئ، في الآونة الأخيرة، بطلب «المستقبل» أن يتولى هو تسمية المرشح الكاثوليكي وضمه في حال فوزه إلى كتلة سعد الحريري النيابية للتعويض عن الخسارة المرجحة للمقعد السني الثاني في صيدا الذي كان يشغله الرئيس فؤاد السنيورة (لمصلحة أسامة سعد). وفق مصادر مواكبة، رفض العونيون الطلب المستقبلي لأسباب عدة، أبرزها أن مرشح آل الحريري المحتمل للمقعد الكاثوليكي (وليد مزهر) من بقسطا (قضاء الزهراني)، أي من خارج جزين. لكن قوة «المستقبل» الانتخابية تجعله يتمسك بمطلبه. فقد حصدت بهية الحريري في انتخابات 2009، 25 ألفاً و460 صوتاً. في حين أن الحاصل الانتخابي للدائرة كلها حالياً يتوقع أن يراوح بين نحو 15 ألفاً و600 صوت و17 ألفاً و600 صوت. وإذا صحت التوقعات بارتفاع عدد الناخبين في كل من جزين وصيدا، بسبب القانون النسبي، فإن القوة التجييرية للحريري سترتفع، فضلاً عن وجود أصوات للناخبين السنّة في قضاء جزين تقدر بنحو 1500، يصوت 500 منهم على الأقل لمصلحة «المستقبل». تلك الأرقام، جعلت المستقبل في موقع القادر على بلوغ حاصل انتخابي يجعله قادراً على الإتيان بنائبين اثنين (سني وكاثوليكي).
تلك المؤشرات، تحوّل اللوائح إلى رمال متحركة. في هذا الإطار، زارت الحريري أول من أمس الرئيس نبيه بري للبحث في «استبدال تحالفها مع العونيين بتحالف مع حركة أمل وإبراهيم عازار وأسامة سعد»، وفق مصادر صيداوية. وفيما رفضت مصادر المستقبل التعليق على هذا الأمر، قال المرشح إبراهيم عازار لـ«الأخبار» أن «لا مانع لديه من دخول المستقبل كحليف إضافي إلى اللائحة التي تجمعه بأسامة سعد، مدعوماً من أمل». لكن ماذا لو رفض الأخير؟ يجيب عازار: «الأولوية بالنسبة إلي اتفاقي مع أسامة سعد».
قد يتمكن «المستقبل» من تشكيل لائحة بمفرده ويضمن فوزه بمقعدين (سني وكاثوليكي)، في مقابل اطمئنان عازار وسعد إلى قدرتهما على الفوز بمقعدين اثنين (سني وماروني) ضمن لائحة ستترك المقعدين السني والماروني الآخرين شاغرين، وتملأ المقعد الكاثوليكي بالمرشح جوزيف حداد، كما يرجح عازار.
وفق المصادر المواكبة، فإن اقتراح «المستقبل» بتبني مرشح كاثوليكي، دفع التيار إلى وضع «تكتيك» آخر. قالت المصادر المواكبة إن «التيار الحر طلب من حزب الله التصويت للائحة البرتقالية». الإجابة كانت حاسمة بـ«التزام دعم اللائحة التي تضم أسامة سعد». عندها، اتجهت أنظار التيار الحر صوب أسامة سعد. استقبل الأخير أمل أبو زيد قبل أيام قليلة، في زيارة ظلت بعيدة عن الإعلام «لإقناعه بالتحالف مع العونيين في إطار لائحة واحدة يدعمها حزب الله، وهذا يعني تخليه عن خيار التحالف مع عازار». بدوره، حسم سعد موقفه: «أنا ملتزم التحالف مع عازار». يروج بعض العونيين في جزين لقدرة رئيس التيار الحر على إقناع حزب الله بتقسيم أصواته بين لائحتي عازار والتيار. عازار يشكك في الأمر، انطلاقاً من «سلوكيات الحزب السياسية والتزامه التحالف الثنائي مع أمل»، على حد تعبير عازار.
أي خيارات أمام العونيين؟
يقول قيادي جزيني إن السيناريوهات البرتقالية للخروج من المأزق الانتخابي باتت محدودوة، وأبرزها «القبول بشروط المستقبل أو التحالف مع مرشح القوات الكاثوليكي عجاج حداد الذي سجل بمفرده 6498 صوتاً. في حين أن المرشحين الكاثوليكيين العونيين المفترضين جاد صوايا وسليم الخوري، تقدر الأصوات التجييرية لكل منهما بنحو ألفي صوت».