لم يعد هناك مجال للنقاش حول أنّ الموسم الثاني من برنامج «نقشت» (lbci) لم يلق الأصداء المطلوبة كما في العام الماضي، سوى من جمهور تجذبه محاكاة الغرائز الجنسية. ومن الثابت أيضاً، على ما يبدو، أنّ برنامج المواعدة استنفذ ورقته الأساسية (الإيحاءات والخطاب الجنسي المبتذل) التي باتت بحكم المهترأة.
لذلك، سعى العمل الذي يقدّمه فؤاد يمين خلال حلقاته الماضية إلى تركيز على مواضيع أخرى، تثير الحساسيات والغرائز على حدّ سواء، كالدخول في زواريب المناطقية والإنتماءات الدينية والحزبية. علماً بأنّ يمين نفسه يلعب هذا الموسم دوراً لافتاً في تحريك النقاش، وتأجيج الخلاف والجدل بين المشتركات أنفسهن، أو بينهن وبين الضيف/ الرجل على المسرح. وكما بات معلوماً، لا يعدو take me out سوى تأدية لمسرحية متفق عليها مسبقاً، تديرها منتجة ومعدّة ومشرفة البرنامج رولا سعد.
انطلاقاً من هنا، لا يمكن المرور على حلقة أمس الأحد سريعاً لما تحمّله من مضمون ونقاشات خطيرة، تثار اليوم عمداً ربّما لمحاصرة المشاهدين، إن لم يكن على الشاشة فعلى مواقع التواصل الإجتماعي.
استهلّت الحلقة بالتلميح إلى موضوع حجم العضو الذكري، إذ تفّنن يمين في توزيع حواره القيّم الممزوج بكثير من البذاءة على المشتركات. وبعد هذه الأحاديث التي صارت مّملة وبحاجة إلى تجديد، تحوّل «نقشت» سريعاً إلى ساحة عراك بين المناطق والأحزاب، وخرجت شعارات وعبارات غابرة مرّ عليها زمن الحرب والتقسيم. حلقة استضافت «البشرّاني» إيلي طوق، الذي حرص على التغزّل ببلدته بشّري (شمال لبنان)، وجاهر بأنّه «قواتي» ويحب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي وصفه بأنّه «البداية والنهاية». أثار هذا الكلام حفيظة المشتركة جوانا، ابنة الأشرفية (بيروت)، والتي استنكرت أن تستخدم هذه العبارة لغير بشير الجميل. توجّهت جوانا إلى طوق بالقول: «الأشرفية البداية، الأشرفية النهاية»، وأضافت: «الله يرحم الشيخ بشير... من بعد الشيخ بشير ما خلق حدا»!.
حفلات الردح لم تقف هنا، فمرّت على المشتركة العونية إيفونا، قبل أن تظهر على الشاشة صورة أمين سرّ تكتلّ «الإصلاح والتغيير» النائب إبراهيم كنعان، ليستذكر المشترك حادثة حصلت معه حين كان على وشك الخضوع للتحقيق عندما شتم «العونيين» على السوشال ميديا. بعد ذلك، حصلت مناوشة صغيرة بين ميشا «بنت الجنوب»، وميا (بنت بشّري) حول مصدر الأنوثة مناطقياً، لنكون في نهاية المطاف مع «وصلة» ختامية تولّتها المشتركة ميليسا التي أعادت التذكير بأشهر شعار رفع في الحرب الأهلية، على طريقتها الخاصة: «إذا كان قبل طريق القدس بتمرق بجونية، بعدها لليوم ما بتمرق بجونية».
هكذا، انتهت المسرحية المليئة بالحساسيات المناطقية والطائفية، والتي أحيت خطاب الحرب ومفرداته المقيتة، حاملة توقيع رولا سعد التي فشلت هذا الموسم في الاستقطاب عبر النكات الجنسية السطحية، لتذهب نحو إثارة من نوع آخر يحتاجها الشارع اللبناني اللبناني اليوم في زمن الإنتخابات والولاءات المشطورة.