اختفى أمين يونس من نابولي. والإدارة تبحث عنه. في إيطاليا، يتحدثون عن «الحادثة الغريبة لاختفاء أمين يونس»، بمزيجٍ من الطرافة والغضب. اللاعب الألماني من أصول لبنانية، استقل القطار، وغادر المدينة إلى جهة مجهولة، التي لم تعجبه.
شعر بالخوف في مدينة الجنوب. لا يعرفون في أي قطار ذهب، ومتى يعود، توارى تماماً عن الأنظار. «الأخبار» حاولت الاتصال بمقرّبين من اللاعب، فلم يرغبوا بالتعليق على الموضوع. ولكن إدارة فريق نابولي لن تسكت، ووفقاً لمحامي النادي، ماتيا غراتساني، فإن النادي سيطارد يونس «الذي لديه اتفاق موقّع مع الفريق». في أية حال، أمين يونس ليس اللاعب العربي الوحيد، أو اللاعب الوحيد من الأصول عربية، على وجه الدقة، الذي يلعب في نابولي. الغريب في الأمر، أن اللاعبين من أصول جزائرية، وعلى عكس يونس القادم من أمستردام، وجدوا في نابولي بيئة محببة





بعد الجزائريين فوزي غلام وآدم أوناس، تعاقد نادي الجنوب الإيطالي نابولي مع لاعبين آخرين من أصول عربية. نتحدث عن ذي الأصول الجزائرية زين الدين مشاش، لاعب نادي تولوز الفرنسي السابق، الذي تم التعاقد معه خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية. وبعد الانتهاء من «المهمة الجزائرية» عبر التعاقد مع هذا الثلاثي، تعاقد نابولي مع لاعب أياكس أمستردام أمين يونس. لكن ما يصح على «الجزائريين»، لم ينسحب على «اللبناني» الأصل، الذي «تبخر»، كما تقول الصحافة الإيطالية.
في الأصل، تشير الأجواء إلى وجود إلحاح اللاعبين العرب بدورهم على القدوم إلى النادي الجنوبي. أمين يونس، الذي توارى عن الأنظار، رفض عرضاً في البداية بقيمة 10 ملايين يورو من نادي سوانزي الإنكليزي، وأعطى موافقته لنابولي، الذي قدّم 5 ملايين فقط للنادي الهولندي. لكن يونس، الذي يطمح أن يكون في تشكيلة ألمانيا التي ستذهب إلى موسكو الصيف المقبل، غيّر رأيه. وبعيداً عن «حالة يونس»، ما يمكننا ملاحظته في هذا السياق، هو افتقار الأندية الإيطالية الأخرى لوجود لاعبين عرب، بالمقارنة مع الفرق الفرنسية مثلاً، حيث يوجد «خزان المهاجرين» العرب. كل من ميلان وإنتر ميلانو بالإضافة إلى اليوفي وروما تمتلك في تشكيلاتها مجتمعة لاعباً عربياً يتيماً فقط لا غير، وهو المغربي مهدي بن عطية.


أربعة لاعبين من أصول عربية في نابولي، بينما يختفي هذا الحضور في الأندية الأخرى. وبالنظر إلى نابولي، وطبيعتها، يجوز السؤال عن دور «البيئة» النابوليّة في استقبال اللاعبين العرب. هل بيئة نادي نابولي تساعد على تأقلم اللاعبين العرب وذوي الأصول العربية؟ وهل لفريق الجنوب جمهور وأجواء يمكن أن يعتبرها اللاعب العربي مألوفة لديه وتشبهه أكثر من غيرها من الجماهير في مناطق أخرى؟ لا يكفي مرور نابولي في رواية باولو سورنتينو للإجابة. ربما عليك أن تشاهد إحدى مباريات نابولي بنفسك، خاصةً إن كانت في ملعب سان باولو الخاص بنادي الجنوب. الطابع الشّعبي يطغى على مدرّجات هذا الملعب. وهذا يسهم كثيراً في التعامل مع اللعبة كلعبة. بالجهة المقابلة، نرى بأن «طبقات أعلى»، تشاهد المباريات من على مدرجّات ملاعب الفرق الإيطالية الكبرى الأخرى، مثل سان سيرو ويوفي ستاديوم. وإن كانت طبقات «أقل» مما يفترضه متابع الكرة الأوروبية، إذ تعاني إيطاليا من مشكلة جدية في نقص الحضور الجماهيري للمباريات. ولكن، الحديث عن «طبقات أعلى»، يعني أن الطبقية الموزّعة ما بين هذه الملاعب يمكن ملاحظتها من خلال الجماهير التي تكون حاضرة في هذا الملعب أو ذاك. الجزائريون ينظرون إلى نابولي وإلى جماهيرها وثقافتها كمدينة «بروليتارية». على الأرجح، يجدون أنها تشبههم أكثر من غيرها من المناطق في إيطاليا. في إيطاليا، وفي العالم، تبقى كرة القدم كرة الفقراء، كرة الشوارع. ليست ذهبية كما في احتفالات الفيفا الأنيقة.
اللاعبون الجزائريون محببون لأسباب فنية أيضاً. فوزي غلام، الظهير الأيسر الحالي في فريق نابولي، ولد في منطقة سان بريست أون جارز- فرنسا، وبدأ مسيرته في النادي الفرنسي سانت-إيتيان. قضى 4 مواسم هناك، قبل أن ينتقل إلى النادي الجنوب الإيطالي، لكنه ازداد تألقاً في نابولي.

وأول من أمس، افتقده الفريق كثيراً. كانت «الجبهة الشمالية» ميتة تماماً، وبدا الظهير البرتغالي ماريو روي ضعيفاً جداً بالمقارنة مع سلفه الجزائري. وإلى غلام، ينتظر النابوليون من الجناح آدم أوناس الكثير. ولد أوناس في 1996 في شامبري لي تور- فرنسا، ولعب في صفوف نادي بوردو الفرنسي لثلاث سنوات قبل أن ينتقل إلى نابولي في الموسم الحالي. الفرنسي ذو الأصول الجزائرية زين الدين مشاش لاعب نادي تولوز الفرنسي السابق يصل هو الآخر ليلتقي برفاقه الجزائريين من خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية.
لا يخفى على أحد أن فرنسا هي الدّولة التي تضم أكبر جالية جزائرية، وأن أبرز اللاعبين الجزائريين أو الذين يحملون هذه الأصول، ينطلقون من خلال بوّابة الدوري الفرنسي. لكن النقاش بين فرنسا والجزائر طويل، والأثر الاستعماري ما زال حاضراً وبقوة حتى في كرة القدم.

ارتدى لاعبو نابولي أمس قمصاناً تحمل اسم فوزي غلام تحية إلى الجزائري الذي تعرض لإصابة خطرة ستبعده إلى آخر الموسم

الجميع صار يعرف قصة مهاجم نادي ريال مدريد الإسباني ذي الأصول الجزائرية كريم بنزيما و«الفضيحة» التي «لُفّقت» لبنزيما، من خلال الصحافة الفرنسية. الفضيحة المخترعة التي حرمته من المشاركة مع منتخب الديوك الفرنسي من سنتين وحتى هذه اللحظة. ولم يعتذر أحد في فرنسا من بنزيما عن تشويه سمعته. قضيّة أخرى يمكن إلقاء الضّوء عليها، بعد موسم أكثر من ناجح مع «نيس»، فريق الجنوب في فرنسا. حاتم بن عرفة اللاعب الفرنسي، التونسي الأصل الذي قدّم موسماً مذهلاً مع ناديه نيس في 2015 وبدايات سنة 2016. حاتم تعرّض أو كان له مصير كريم. لم يقم المدرّب ديديه ديشامب باستدعائه إلى المنتخب في بطولة اليورو الأخيرة التي أقيمت في فرنسا. بل وأكثر من ذلك، قام باستدعاء كل من أوليفييه جيرو مهاجم أرسنال وجينيياك مهاجم فريق تايغرز المكسيكي. هنا يمكننا أن نضع علامات الاستفهام على الاتحاد الفرنسي وعلى «المجتمع الفرنسي» تجاه معاملته التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم تجاه اللاعبين العرب أو حاملي الأصول العربية. في نابولي، حتى الآن، الأمور مختلفة. وإن كان لأمين يونس رأيٌ آخر!