إعداد: راجانا حميةيحدث أحياناً أن «يهاجر» السرطان من مكانه الرئيسي الذي ظهر فيه للمرة الأولى إلى أجزاء أخرى في الجسم. يعرّف البعض هذه الهجرة بـ«النقلة»، أو كما هو شائع لدى الناس عندما لا يعود هناك جدوى من العلاج «انتشر فيه». في الطب، يهاجر السرطان في الجسم من عضوٍ إلى آخر، ليستحيل اسمه السرطان «النقيلي»، فمتى يحدث هذا السرطان؟ وهل يحدث في كل الأنواع؟ وهل من مسببات لتلك الهجرة غير ما هو معروف عن الأعراض الأساسية؟

يحمل السرطان النقيلي الصفة نفسها التي يحملها السرطان العادي. الورم الخبيث. ولكنه يختلف عن السرطان الأساسي في أنه يحدث نتيجة حصول نمو غير طبيعي في خلية، نتيجة حدوث طفرة في المادة الوراثية فيها، الأمر الذي يؤدي إلى نمو غير متحكم فيه وتمدد غير محدود للأنسجة المجاورة. هكذا، تنفصل الخلايا السرطانية من المنطقة الأساسية التي تشكلت فيها عبر مجرى الدم أو الجهاز الليمفاوي إلى مكانٍ آخر في الجسم، ليكوّن ورماً سرطانياً جديداً، بحسب ما يشير المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة.
ويختلف انتشار الخلايا السرطانية باختلاف الطريق الذي سلكته، فالسفر عبر النظام الليمفاوي، قد ينتهي بها المطاف في الغدد الليمفاوية القريبة أو أنها ربما الانتشار إلى أعضاء أخرى. ومن خلال مجرى الدم، فيمكن أن تذهب مباشرة إلى أي جزء من الجسم. بعضها قد يموت وبعضها الآخر قد يستقر في منطقة جديدة وتبدأ في النمو، لتتشكل بعدها أورام جديدة. وهنا، يصبح اسم هذا السرطان النقائل السرطانية والانبثاث.
ماذا عن أسبابه؟ يشير المعهد الوطني للسرطان إلى أن أحد أهم أسباب خطورة السرطان، بشكل عام، هو قدرته على التمدد والانتشار، وذلك عبر:
ـ النمو والتمدد إلى الأنسجة المجاورة.
ـ الانتقال عبر الأوعية الدموية والجهاز الليمفي.
ـ الوصول إلى نقطة معينة ثم الانتقال من الدم إلى الموقع الجديد.

الرئة والكبد والعظام هي أكثر الأماكن التي ينتشر فيها السرطان النقيلي


ـ النمو في المكان الجديد مما يشكل ورماً جديداً.
ـ تحفيز نمو أوعية دموية جديدة، مما يتيح التروية الدموية لنمو السرطان.
أما بالنسبة إلى أكثر الأماكن التي ينتشر فيها السرطان النقيلي فهي العظام والكبد والرئة.
لا تنحصر مخاطر السرطان النقيلي بهذه الهجرة، فغالباً ما يأتي «صامتاً»، إذ لا يؤدي دائماً إلى أعراض، وقد يتأخر كشفه إلى المراحل الأخيرة. وهنا، في بعض الأحيان قد لا يسعف الحظ الكثيرين، فإمكانية علاجه تصبح ضئيلة. ولكن، مع ذلك، يمكن الحديث عن أعراض، وهي تعتمد هنا على المكان الذي انتقلت إليه الخلايا السرطانية. ومن الأعراض، يمكن ذكر:
ـ الألم والكسور في العظام إذا انتشر السرطان إلى العظام.
ـ الصداع والدوخة إذا انتشر إلى الدماغ.
ـ ضيق التنفس إذا انتشر إلى الرئة.
ـ اليرقان أو التورم في البطن إذا انتشر الى الكبد.
عندما يهاجر السرطان، تصبح الأورام جديدة. ولكنها لا تفقد علاقتها بالورم القديم، إذ أن العلاجات تبقى مسماة باسم السرطان الأول. فعلى سبيل المثال، عندما ينتشر سرطان البروستاتا إلى العظام، يصبح اسمه سرطان البروستاتا النقيلي. وهنا قد يوصي الطبيب المعالج بالعلاجات التي ثبتت مساعدتها في مكافحة سرطان البروستاتا النقيلي. وكذلك الحال بالنسبة لسرطان الثدي الذي انتشر إلى الرئتين، فيسمى سرطان الثدي النقيلي وليس سرطان الرئة، ويجري التعامل معه على أنه سرطان الثدي. وهنا، تكمن الصعوبة في العلاج الذي يصبح أكثر تعقيداً من السرطان الأصلي.

* للمشاركة في صفحة «صحة» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]