ثلاث جرائم بحق النساء هزت الشارع اللبناني خلال الأيام الماضية، الأولى راحت ضحيتها ندى بهلوان، التي قتلت بـ 9 رصاصات من زوجها، أثناء ملاحقتها بسلاحه «البومب أكشن» في منطقة «رأس النبع»، والثانية في «مجدل سلم»، حيث طُعنت دعاء حرز على يد زوجها، أمام أطفالها الذين لم تنفع توسلاتهم في ردع والدهم. أما الضحية الثالثة، فكانت إحدى النسوة التي أصيبت برجلها بمسدس زوجها في بلدة «كفركلا».
وتقول رئيسة «لجنة حقوق المرأة اللبنانية» عائدة نصر الله لـ «الأخبار» إن استسهال قتل النساء في لبنان «بلد الإشعاع» حسب وصفها، سببه أن العقوبة على هذه الجرائم ليست على مستوى الجريمة، نتيجة عدم المساواة بين الجنسين في الإنسانية والحقوق والمواطنة.
نصر الله دعت إلى الضغط عبر الشارع، من خلال الاعتصامات والتظاهرات، للحد من العنف المتصاعد ضد المرأة اللبنانية.
وأضافت نصر الله: «نحن بحاجة إلى ثورة إنسانية وحقوقية في التشريع اللبناني تكون قادرة على الردع ووضع حد نهائي للعنف والنزعة الإجرامية السلطوية الذكورية، تبدأ بقانون العقوبات وقوانين الأحوال الشخصية».
ودعت نصر الله عبر لجنة حقوق المرأة اللبنانية إلى «إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، بالتزامن مع إطلاق سياسة إعلامية تتحمل مسؤولية إنسانية وحقوقية ووطنية، وتنشر وعياً بديلاً عن الذهنيات القديمة المتخلفة والتقاليد البالية». كما دعت نصر الله إلى «ثورة في التربية والمناهج تنهي التمييز القائم على أساس الجنس، وتقوض الصورة النمطية للمرأة».
ولم تقلل نصر الله من «أهمية انخراط النساء اللبنانيات بشكل أكبر في سوق العمل لكي يؤمنّ لأنفسهنّ دخلاً خاصاً يحررهنّ اقتصادياً ويعيد إليهنّ كراماتهنّ ومكانتهنّ، لإنهاء عصر الظلامية واضطهاد النساء».
وتقول نصرالله إن «لهذا العنف والجرائم، بعداً آخر تمتد جذوره إلى سياسات، تقل فيها العدالة والمساواة وتكثر فيها الثرثرة السياسية المقيتة، كما تعود إلى عالم يتجه أكثر فأكثر إلى تكريس علاقات القهر والغلبة والإفقار واستغلال الإنسان».
موجة العنف المتصاعدة ضد النساء استدعت رداً من «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المراة»، الذي عقد اجتماعاً استثنائياً دان فيه الجرائم المروعة التي تطال النساء في لبنان.
وطالب الاجتماع بتقديم مذكرات إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ووزراء العدل، وشؤون المرأة والشؤون الاجتماعية، تطالبهم بتحمل مسؤولياتهم تجاه قضية العنف المتصاعد ضد النساء.
كما طالب الاجتماع بتعديل عنوان القانون 294 الصادر في شهر نيسان (ابريل) 2014 ليصبح «قانون حماية المرأة من العنف الأسري»، وتعديل بعض بنود هذا القانون لحماية المرأة المعنفة وتطبيق المساءلة والمحاسبة، وطالب بتشديد العقوبات بحق مرتكبي الجريمة وصولاً إلى السجن المؤبد دون عفو أو تخفيض العقوبة.
الاجتماع طالب الجسم القضائي بالإسراع بإصدار الأحكام وإنزال أشد العقوبات الرادعة ضد من تثبت إدانته بمثل هذه الجرائم.
ودعا الاجتماع إلى تشكيل تيار ضاغط من القوى والفعاليات الحريصة على حقوق الإنسان ورفع الصوت عالياً وإقرار تحرك سريع على مختلف الأصعدة بالتجمعات والاعتصامات والمظاهرات.
ولم يهمل الاجتماع الجانب الإعلامي، حيث دعا إلى تنظيم حملة إعلامية واسعة حول العنف بمختلف أشكاله، وخاصة العنف الأسري القاتل.
إضافة إلى تنظيم حملة توعية مجتمعية عامة تركز خاصة على البيئة المساعدة على العنف، واعتماد يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، ودعا إلى تنظيم تحرك قريب على الأرض دعماً لجميع هذه المطالب.