عملت تركيا في الفترة التي سبقت ــ ورافقت ــ انطلاق تحركها العسكري في منطقة عفرين، على إجراء جهد ديبلوماسي وعسكري واسع مع الدول المعنية بالملف السوري، وبشكل خاص التي تجمعها مصالح مع القوى الكردية. وانعكس هذا الجهد على طبيعة ردود الأفعال الدولية والإقليمية حول التحرك التركي، الذي لم يلق ـ حتى الآن ــ لهجة حادة تعارضه.
وانفردت فرنسا من المعسكر الأوروبي، بموقف مختلف، دعت من خلاله إلى عقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن الدولي، وذلك لنقاش التطورات الأخيرة في عفرين، إلى جانب طلبها من أنقرة وقف عملياتها العسكرية هناك. وقال وزير الخارجية جان ايف لودريان، في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، إن «فرنسا قلقة جداً إزاء الوضع في سوريا، وإزاء التدهور المفاجئ هناك». وجاء حديث لودريان بعد اتصال هاتفي صباح أمس، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، جرى الحديث خلاله عن الوضع في شمال سوريا بشكل خاص. واستخدمت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، لهجة أكثر وضوحاً في مطالبتها وقف العمليات التركية، وقالت عبر قناة «فرانس 3»: «يجب العودة إلى المهم، أي مكافحة الإرهاب. ويجب وقف جميع هذه المعارك»، معتبرة أن العملية في عفرين قد «تُبعد القوات المقاتلة الكردية المنخرطة بزخم إلى جانب التحالف (الدولي) الذي تنتمي إليه فرنسا، عن المعركة الأساسية» ضد الإرهاب، وفق ترجمة لوكالة «فرانس برس».

استنكرت مصر
العمليات التركية بوصفها اعتداء على سيادة سوريا

وبينما يمكن ردّ موقف فرنسا إزاء التحرك التركي، إلى علاقتها الجيدة بعدد من القوى الكردية الناشطة في الشمال السوري، ولا سيما «حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي تستضيف باريس ممثلاً دائماً عنه، فإن الموقف الأميركي اكتفى بالطلب من أنقرة «ضبط النفس» و«تفادي وقوع إصابات بين المدنيين». وأوضحت وزارة الخارجية في بيان، أمس، أن الوزير ريكس تيلرسون، أعرب لنظيريه الروسي والتركي (أول من أمس)، عن قلق بلاده من العمليات في شمال غرب سوريا، ولا سيما «محنة المدنيين الأبرياء الذين يواجهون الآن تصعيداً في القتال».
وأضاف البيان: «ما زلنا ندعم معالجة الحساسيات الأمنية المشروعة لتركيا، بوصفها حليفاً للناتو، وشريكاً حاسماً في الجهود الرامية إلى هزيمة داعش. ومع ذلك، نحث تركيا على ممارسة ضبط النفس، وضمان أن تظل عملياتها العسكرية محدودة في نطاقها ومدتها، وأن تتفادى بدقة وقوع إصابات بين المدنيين». ولفت إلى ضرورة «تركيز جميع الأطراف على الهدف الرئيسي المتمثل في هزيمة داعش».
وبرغم عدم صدور بيان رسمي عن «حلف شمال الأطلسي» حول ما يجري في عفرين، نقلت وكالة «الأناضول» التركية، عن أحد «مسؤولي الحلف» في بروكسل، قوله إن «كافة الدول تتمتع بحق الدفاع عن النفس، لكن يجب أن تقوم بذلك بشكل متوازن ومعتدل»، لافتاً إلى أن الأمين العام ينس ستولتنبرغ، على تواصل مستمر مع المسؤولين الأتراك.
وعلى الصعيد العربي، أعربت وزارة الخارجية المصرية، في بيان أمس، عن «رفضها للعمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية ضد مدينة عفرين... باعتبارها تمثل انتهاكاً جديداً للسيادة السورية، وتقوض جهود الحلول السياسية القائمة وجهود مكافحة الإرهاب».
وجاءت تلك المواقف في وقت أعلنت فيه أنقرة أنها كلّفت مساعد مستشار وزارة الخارجية التركية سادات أونال، بإبلاغ ممثلي الاتحاد الأوروبي، ورؤساء البعثات الدبلوماسية للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين بالإضافة إلى إيران، وعدد من بلدان المنطقة (الأردن والعراق ولبنان وقطر والكويت والسعودية)، بتفاصيل حول العملية التي تجريها في محيط عفرين.
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب، رويترز)