فيلم The Post للمخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ، لم يمنع رسمياً في لبنان، في انتظار قرار وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعدما رفعت «لجنة الرقابة على الأفلام السينمائية»، توصية بمنعه، تبعاً لإدارج مخرجه على اللائحة السوداء لـ «مكتب مقاطعة إسرائيل» في الجامعة العربية، التي يلتزم بها لبنان.
ولم يحسم الى هذه الساعة هذا الخبر، لكنّ استعجالاً ممزوجاً بكثير من الخفة، دمغ تعاطي بعض القنوات اللبنانية معه.
إذاً ما وضعنا جانباً النقاش المحتدم، والمفتعل في بعض الأحيان على مواقع التواصل الإجتماعي، ظاهره الدفاع عن حرية التعبير، وباطنه القاء السهام على حملة «مقاطعة داعمي إسرائيل في لبنان»، والأصوات المناهضة للتطبيع الثقافي، فإننا سنجد عشوائية إعلامية في مقاربة قضية التطبيع الثقافي مع العدّو، وخفة (متعمدة؟)، تخلط ما بين ما يجب فعلاً أن يمنع بكونه إسرائيلياً، وبين ما وجب مقارعته في سياسة منع الأفلام اللبنانية تحديداً، من قبل «لجنة الرقابة»، والأسباب الواهية التي تختبئ خلفها.
في تقرير أمس، ضمن نشرة الأخبار، ألقت قناة «الجديد» الضوء سريعاً على عمل هذه اللجنة ضمن لعبة الإثارة بالعناوين، فجاء التقرير بعنوان «غزو إسرائيلي لصالات السينما في لبنان». تقرير (إعداد عمر خداج) ملتبس وضائع، يحكي فيه عن منع فيلم the post، (بطولة توم هانكس، وميريل ستريب ــ الصورة)، ويؤكد واقعة المنع، ومع تبيان أسباب المنع من دعم المخرج للعدو الصهيوني أثناء حرب تموز، وإدراجه ضمن «اللائحة السوداء». الا أن المعدّ بدأ بالمقابل، بتعداد مزايا سبيلبيرغ، وحصده لثلاثة أوسكارات، وتغزل بهذا المخرج، الذي مرّ على أهم «أفلام هوليوود»، ليعود ويربطه بفيلم Jungle، الذي منع قبل أيام، لكونه يستند الى رواية إسرائيلية، ومنتجته أيضاً إسرائيلية كذلك.
على النحو عينه، قاربت lbci هذه القضية، بخلط عشوائي واضح. تقرير (إعداد صبحية نجار)، بث في نشرة أخبارها المسائية أمس، تحدث مع عضو «لجنة الرقابة على الأفلام السينمائية»، أنطوان زخيا، الذي أكد قرار المنع من قبل اللجنة، الى جانب موزع الفيلم في لبنان، كارلو فيشنتي، الذي استغرب بدوره قرار المنع. سألت نجار: لماذا لم تمنع أفلام المخرج الأميركي من قبل منذ عام 2010 أقله مع نشأة هذه اللجنة، ولماذا الآن؟ لتورد في نهاية التقرير، رأياً خاصاً، على شاكلة سؤال: «متى ستفعّل ثقافة حرية الفرد بإختيار مقاطعة الأفلام، بدل منع إدخالها الى الصالات؟». سؤال يختزل النقاش الأساسي لهذه القضية، بين تمرير التطبيع الثقافي مع إسرائيل، وبين دور اللجنة كمطاوع يحجب أعمالاً سينمائية لأسباب واهية.