لا تشبه الوقفة الاحتجاجية مساء السبت الفائت أمام بلدية صيدا، ضد أزمة النفايات، التحركات السابقة التي نظّمها التنظيم الشعبي الناصري وحلفاؤه في المدينة. الوقفة جاءت في إطار التصدي للفضائح المتتالية التي تكشف سوء تشغيل معمل فرز ومعالجة نفايات صيدا واتحاد بلديات صيدا ــ الزهراني.
وما كانت تؤكده القوى الوطنية من أن الشركة المشغلة تردم النفايات والعوادم في الحوض البحري المجاور للمعمل، تثبّت ليل الجمعة بالصوت والصورة، إذ وثّق ناشطون قيام عشرات الشاحنات التي تلقي النفايات في الحوض ثم تردمها جرافة بالردميات، وسط ظلام دامس. رئيس التنظيم أسامة سعد علّق في تغريدة على حسابه على «تويتر» قائلاً: «يقبض المعمل 95 دولاراً عن كل طن نفايات ويهرّب بضاعته القاتلة إلى الحوض البحري، ويدفع ستة دولارات عن كل طن مهرّب، في ظل غياب مدوٍّ للمسؤولين».

يميل كل من
الحريري وسعد إلى
ترك المقعد الصيداوي الثاني شاغراً


في الفترة الماضية، تصدّت القوى الوطنية لفضائح معمل النفايات. على خط مواز، أطلق رجل الأعمال الصيداوي محمد زيدان، مع عدد من فعاليات المدينة، لجنة الفعاليات الإنمائية التي تصدّت لأداء الشركة المشغلة ودور بلدية صيدا واتحاد بلدياتها. وفيما كانت القوى الوطنية تعتصم في الشارع وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، كانت اللجنة تتفقد المعمل بين الحين والآخر وتجتمع برئيس البلدية محمد السعودي، مطالبة بإشراك المجتمع المحلي في الرقابة على الشركة المشغلة. الخطان المتوازيان لم يلتقيا في السابق. رغم الشعار الجامع، إلا أن السياسة والصداقات فرّقتهما. زيدان وأعضاء اللجنة ليسوا بعيدين عن الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري. لكن المهندس نبيل الزعتري، أحد أعضاء اللجنة وصديق زيدان والسنيورة، شارك للمرة الأولى في اعتصام السبت الفائت، وألقى كلمة مدوّية طالت بشظاياها البلدية والحريري والجماعة الإسلامية. تحدث باسم صيدا «مدينة معروف ومصطفى سعد والشهيد رفيق الحريري»، مذكّراً «ممثلي الإسلام في المجلس البلدي بأن الله لا يرضى بضرر الناس من أجل مكاسب خاصة». وأكد أن الحريري (رفيق) «لو كان حيّاً، لكان طردهم جميعاً (القوى الممثلة في البلدية)». وقال: «كنت أريد أن تكون كل صيدا معنا هنا، لكن للأسف يريدون جرّ كل شيء للسياسة والانتخابات»، متوجّهاً «لمن يدّعي أن هذا تجمع انتخابي أو سياسي» بالقول: «إن النفايات التي تدخل إلى صيدا هي التي دخلت بالانتخابات، وهي التي دخلت بالسياسة».
سعد تلقّف مواقف الزعتري العالية السقف. «أحيّي كل الحاضرين الذين ينتخبوننا والذين لا ينتخبوننا. يقولون إن تحركنا سياسة وانتخابات، غير أن هذا لا يغيّر حقائق موجودة على أرض الواقع. نتكلم منذ سنوات مع المعنيين، وهم يديرون الأذن الطرشاء».
توافق سعد والزعتري على أن اجتماعهما للمرة الأولى ضد البلدية لا علاقة له بالسياسة أو الانتخابات. لكن من يقتنع؟ التكهن بهوية المرشح السنّي الثاني عن صيدا، إلى جانب كلّ من سعد أو بهية الحريري في اللائحتين اللتين ستضمانهما من جهة، ومحاولة تركيب التحالفات الانتخابية من جهة أخرى، جعلا من مشاركة الزعتري خطوة لافتة. قبل أقل من أربعة أشهر من الانتخابات النيابية، وبالنظر إلى المعطيات السياسية الحالية، بات من شبه المؤكد أن دائرة صيدا – جزين ستشهد تشكيل لائحتين على الأقل؛ أولاهما مدعومة من حزب الله وحركة أمل وتضم إبراهيم عازار وسعد (وآخرين)، وثانيتهما مدعومة من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وتضم زياد أسود وأمل أبو زيد والحريري (وآخرين). حول هاتين اللائحتين تحوم طموحات الترشح والدعم. إلا أن زعيميهما الصيداويين، الحريري وسعد، يميلان بحسب مقرّبين من كلّ منهما إلى «ترك المقعد الثاني شاغراً». من شبه المؤكد لدى أنصار الخصمين أن أيّ مرشح غيرهما لن يكون له حظوظ الفوز بسبب حجم سعد والحريري والصوت التفضيلي الواحد. وفي حال بقي المقعد السنّي الثاني شاغراً، ماذا عن التحالفات وتجيير الأصوات؟ حتى الآن، لم يحدد كل من رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري والجماعة الإسلامية توجههما. حتى ذلك الحين، تساؤلات عدة تطرح صيداوياً، لا سيما حول السنيورة. هل سيتقبّل الأخير استبعاد «المستقبل» له من ترشيحه مع الحريري في لائحة «زي ما هيي؟». وهل يكرر زيدان حركته الاعتراضية كما فعل قبيل الانتخابات البلدية عندما روّج لـ«تيار ثالث في المدينة»؟ هل نسّق الزعتري مشاركته باسم «لجنة الفعاليات الإنمائية» ومواقفه عالية السقف مع صديقيه زيدان والسنيورة؟
لا يستبعد مقرّبون من سيدة مجدليون «توحّد قوى متناقضة ضد المستقبل في الانتخابات بدعم من السنيورة». فالأخير المستبعد من رئاسة كتلة المستقبل وشبه المعزول بعد مواقفه خلال احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية، فضلاً عن فقدان الكيمياء بينه وبين زميلته الحريري، يدرك أنه لا يستطيع الفوز من دون شموله بالرداء الأزرق. فالأصوات الثلاثة والعشرون ألفاً التي حصل عليها في انتخابات عام 2009 لم تكن سوى تطبيق لتكليف «زي ما هيي»، في حين نالت زميلته 26 ألفاً. تحسم أوساط السنيورة أنه لن يترشح، لكن من يحسم أنه لن يضع لمساته الاعتراضية في الانتخابات كما فعل سابقاً عند دعم «المستقبل» لانتخاب الرئيس ميشال عون أو خلال احتجاز الحريري؟