غزة | كشفت مصادر من داخل «وكالة غوث وتشغل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) عن سلسلة تقليصات كبيرة طرأت على الوكالة خلال الشهر الجاري، كانون الثاني، ستدفعها إلى تقليص كبير في خدماتها المقدمة إلى اللاجئين، خاصة في قطاع غزة، على عدة مستويات، بما في ذلك إيقاف عدد من البرامج الإغاثية وإيقاف التوظيف، بجانب احتمال كبير لعجزها عن دفع راتب هذا الشهر للموظفين.
ونقلت المصادر عن مسؤول في «الأونروا» قوله إن الأخيرة «باتت تعاني كثيراً بعد إبلاغ الخارجية الأميركية لها أنه ستقلّص المساعدات بصورة كبيرة، وذلك لإجبار الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات وقبول رؤية الرئيس دونالد ترامب» بشأن القضية الفلسطينية. وحذّر المصدر، الذي كان حاضراً اجتماعاً خصص للمديرين في الوكالة مع مدير العمليات، من أنه مع تواصل العجز المالي «لن تستطيع الأونروا دفع رواتب موظفيها لشهر كانون الثاني... ماتياس شمالي (مدير عمليات الوكالة في غزة) يجري مباحثات كبيرة خلال الوقت الحالي لدفع الاتحاد الأوروبي وواشنطن إلى صرف مستحقات الوكالة قبل نهاية الشهر». لكن الأخطر هو قول المصادر إنه إذا لم تتوافر الموازنات قبل نهاية هذا الشهر، فستلجأ «الأونروا» إلى تقليص المساعدات الإغاثية خلال الأشهر المقبلة.
وشمالي كان يدير عمليات «الأونروا» في لبنان قبل أن يخرج منها بضغوط فلسطينية، وبينما رفضت سوريا استقباله ليشرف على عمليات الوكالة هناك، أرسل إلى غزة، قبل أن يعيَّن مديراً للعمليات في القطاع منذ الخامس عشر من تشرين الأول الماضي خلفاً للدانماركي بو شك. وكان شمالي قد قال قبل بداية الشهر الماضي إن وكالة الغوث لن تتمكن من دفع رواتب موظفيها عن كانون الأول الماضي إن لم يسدَّد العجز المالي الذي انخفض إلى 60 مليون دولار، مبلّغاً رئيس دائرة شؤون اللاجئين في «منظمة التحرير»، زكريا الآغا، أن إدارة الوكالة تمكنت من صرف رواتب تشرين الثاني الماضية بعد توفير السيولة المالية في اللحظات الأخيرة، لكنها تحتاج إلى 40 مليوناً شهرياً للاستمرار في دفع الرواتب وتقديم الخدمات.
في هذا السياق، علمت «الأخبار» أن وكالة الغوث لم تقرّ بعد ميزانية 2018، وأنها قررت بدء حالة تقشف قاسية لمدة عشرين يوماً من تاريخ 11 كانون الثاني حتى بداية شباط المقبل، يليها تقييم الوضع لتحديد ميزانية العام. ووفق مصادر، بلغت ميزانية الوكالة مع بداية العام الجاري أكثر من 146 مليون دولار، منها عجز سابق من العام الماضي بقيمة 49 مليوناً. جراء ذلك، سيكون من الإجراءات التقشفية الداخلية «وقف التوظيف اليومي (التعاقد) باستثناء الأساتذة الضروريين وبعض موظفي الصحة، ووقف دفع بدل الدوام الإضافي، ووقف بدل السفر (التذكرة) إلا باستثناء، ووقف تكاليف السفر (الإقامة وغيرها) إلا باستثناء». على صعيد ملف التوظيف، تقرر «وقف تعبئة الفراغات والشواغر، ووقف تثبيت الموظفين»، بجانب «إيقاف شراء البضائع إلا للضرورة القصوى، ووقف جميع طلبات الاستفسار عن وجود دعم مالي لأي خدمة أو نشاط لعام 2018».
ومن الأساس، شهدت خدمات «الأونروا» خلال السنوات الماضية تقليصاً ملحوظاً، خاصة في برنامج المساعدات الغذائية في غزة، الأمر الذي أثر في الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً، لكن الآن تُربط قضية التمويل بالخطة الأميركية في المنطقة. أما التقليصات السابقة، فكانت تهدف ضمن خطة عامة إلى إحداث المزيد من الضغط الاقتصادي على «حماس» في القطاع، قبيل إجراء المصالحة في تشرين الأول الماضي.
ووفق سجلات «الأونروا»، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في نهاية 2016 إلى نحو 5.9 ملايين، وهذه الأرقام تمثل الحد الأدنى، كما قالت، علماً أن اللاجئين المقيمين في غزة يبلغ عددهم نحو 1.445 مليون، ويشكّلون ما نسبته 24.5% من إجمالي اللاجئين، وهم أيضاً 65.3% من سكان القطاع. أما في الضفة، فالمسجلون لدى وكالة الغوث في 2016 يشكلون ما نسبته 17% من إجمالي اللاجئين لدى «الأونروا» (نحو مليون لاجئ)، ويشكلون نحو 26.2% من سكان الضفة. وبصورة عامة، تشير الإحصاءات إلى أن نحو 42% من مجمل السكان، في مناطق السلطة.