يقترب الجيش من تحقيق إنجاز ميداني سريع وبارز باستعادة السيطرة على مطار أبو الضهور العسكري في ريف إدلب الشرقي، بعد وقت قصير على دخوله حدود محافظة إدلب الجنوبية. التقدم على هذا المحور جاء أسرع من المخطط والمتوقع، وسط انهيار في دفاعات الفصائل المسلحة، التي تفرّغ أنصارها لتبادل الاتهامات حول مسؤولية الخسارات المتواصلة في أرياف حماه وإدلب وحلب.
المطار الذي خرج من يد القوات الحكومية في أيلول من عام 2015، سيكون أولى القواعد العسكرية التي يستعيدها الجيش ضمن محافظة إدلب. وكان لافتاً في العمليات خلال الأسابيع الماضية، أن الجيش تمكن من الوصول إلى المطار، عبر أبعد المحاور التي يتمركز فيها، حوله، إذ تقدمت القوات عبر ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي للوصول إلى أطراف المطار، فيما كانت جبهتا خناصر (جنوب شرق حلب) والحاضر (جنوب حلب)، الأقرب جغرافياً إليه، ولكنها الأكثر تحصيناً من جانب المسلحين. وحتى وقت قريب، كانت سيناريوهات السيطرة على المطار تفترض تكامل المحاور الثلاثة، عقب السيطرة على ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بين بلدتي أبو دالي وسنجار، غير أن التقدم السريع من جنوب المطار حسَم الأمر.

طلبت روسيا
من تركيا تنفيذ
التزاماتها بموجب اتفاق أستانا


وخلال تقدم الجيش الذي انطلق منذ أسابيع، تمت السيطرة على عشرات البلدات والقرى بين ريفي حماه وإدلب وحلب. ومع الوصول إلى أبو الضهور، أصبح أمام الجيش احتمالين لحصار جيبين واسعين من المناطق التي توجد فيها عدة فصائل، أبرزها «هيئة تحرير الشام» و«داعش». إذ يفصل قوات الجيش المتقدمة على محور المطار، نحو 15 كيلومتراً، عن تلك المتمركزة جنوب بلدة الحاضر، كما تبعد القوات المتقدمة في جنوب غرب خناصر نحو 10 كيلومترات عن نقاط الجيش جنوب شرق أبو الضهور. ونقلت عدة وسائل إعلام معارضة، أنباء تفيد بأن العديد من الفصائل المسلحة قد بدأت بالفعل منذ أمس سحب جزء من عتادها وقواتها المتمركزة في منطقة جبل الحص، عبر الممر الأخير المفتوح لها نحو وسط إدلب وريفها الغربي. وفي حال استكمال الجيش عملياته العسكرية عقب تثبيت نقاطه في المطار، نحو جنوب الحاضر، أو شرقاً نحو خناصر، سيكون قد حاصر جيباً يضم مئات من المزارع والقرى، التي ستصبح السيطرة عليها مسألة وقت فقط. ومن شأن فرض السيطرة على هذا الجيب، تعزيز أمن الطريق الاستراتيجي الواصل إلى مدينة حلب عبر طريق أثريا ــ خناصر، وتمكين فتح طريق جديدة عبر ريف إدلب الشرقي نحو ريف حلب الجنوبي.
ومن المرجَّح أن تفتح سيطرة الجيش على المطار العسكري، المجال أمام توسيع العمليات في كامل محيطه، وصولاً إلى أبرز البلدات المحيطة بالطريق الدولي بين حماه وحلب، خاصة في محيط سراقب. وهي تعد خطوة أولية في أي تحرك لاحق يستهدف التجمعات الأهم للفصائل المسلحة في محافظة إدلب. ومن المؤكد أن طبيعة وآلية تنفيذ مثل هذا التحرك تختلفان عن معارك الريف الشرقي، الذي يضم تجمعات سكنية صغيرة نسبياً مقارنة بالكثافة العمرانية والسكانية التي توجد في وسط وغرب إدلب. وكان لافتاً خلال الأيام القليلة الفائتة، تحميل غالبية الفصائل المسلحة العاملة في إدلب ومحيطها، مسؤولية الخسائر أمام الجيش لزعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني. وترافق هذا الجدل، مع اتهمات روسية لفصائل محسوبة على تركيا، بتنفيذ الهجوم على قاعدتي حميميم وطرطوس. إذ أفادت وزارة الدفاع بأن الطائرات المسيّرة أقلعت من الجزء الجنوبي الغربي لمنطقة «خفض التصعيد» في إدلب، الذي «تسيطر عليه المعارضة المعتدلة». وقدمت الوزارة رسائل إلى كل من رئيس الأركان العامة التركية، خلوصي آكار، ورئيس الاستخبارات حقان فيدان، لافتة إلى أن الرسائل «تؤكد أن من الضروري أن تفي أنقرة بالالتزامات المفترضة لضمان وقف إطلاق النار، من قبل القوات الخاضعة للرقابة، وتكثيف الجهود لوضع نقاط مراقبة فى منطقة خفض التصعيد في إدلب، وذلك لمنع هجمات الطائرات المسيّرة على أي أهداف».
وفي المقابل، خرج وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ليؤكد ضرورة أن تتحمّل إيران وروسيا مسؤولياتهما، إزاء هجوم الجيش السوري في محافظة إدلب. وأوضح أن «الأوضاع على الساحة السورية معقدة، لذا من المتوقع أن يحدث بعض الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما يحصل في الفترة الأخيرة من اعتداءات على مناطق خفض التصعيد، تجاوز حد الانتهاكات المتوقعة»، مضيفاً أنه «لولا الدعم الإيراني والروسي، لما تجرّأ النظام السوري وقام بهذه الانتهاكات». ولفت إلى أن بلاده ستتشاور مع روسيا وإيران بشأن الجهات التي ستشارك في مؤتمر سوتشي المرتقب، مبيناً أنه لن يشارك أحد في المؤتمر دون إجماع الدول الثلاث على قبول مشاركته. وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الاستعدادات حول «مؤتمر سوتشي» وصلت إلى مرحلة مهمة بفضل جهود بلاده وتركيا وإيران. وبدوره، أكّد الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أنّ عقد اجتماع ثلاثي بين رؤساء تركيا وإيران وتركيا، قبل مؤتمر سوتشي، غير مطروح حالياً. وأوضح أن بلاده تواصل مشاوراتها مع أنقرة وطهران لتحديد الجهات التي ستشارك في المؤتمر. وبالتوازي، أعربت فرنسا عن قلقها إزاء الهجوم الذي ينفّذه الجيش السوري، شرق إدلب، داعية إلى احترام اتفاق «خفض التصعيد» الذي أبرم في أستانا.
(الأخبار)