■ لمّا ولدت ابنتكم عهد، هل كنتم تتوقعون أن مستقبلها سيكون على ما هو عليه اليوم؟لا أعتقدُ أنّ أحداً يمكنه توقّع ما ستؤول إليه الأحوال مستقبلاً، ولا رسم سيناريو دقيق لذلك، لكنني أذكرُ أن رجلاً كبيراً في السن رأى عهد وحينها قال لي إنها «ستكون ذات شأنٍ عظيم مستقبلاً». عموماً هي ابنة محيط مليء بمظاهر الاشتباك المستمر مع الاحتلال الإسرائيلي، وقد نشأت في ظل هذه الظروف، وشكّل اسمها مسؤولية كبيرة على عاتقها، لكنّها كانت على قدر هذه المسؤولية، فحملت اسمها قلباً وقالباً.

■ كيف تصف لنا شخصية عهد بعيداً عن الشاشات؟
عهد في البيت مختلفة عمّا يرونه الناس على الشاشات أو خارج المنزل، فهي خجولة جداً، وهادئة، وتتحلى بقدر كبير من المسؤولية تجاه التفاصيل البيتية الصغيرة وتساعد والدتها وإخوتها. وبالمناسبة، هي لا تحبّ تسليط الضوء عليها، وتكره الظهور الإعلامي، وتؤمن بأن اشتباكها مع جنود الاحتلال يجب أن يكون اشتباكاً حقيقياً، وتكرّر دائماً «إن الاحتلال سرق أحلامنا كأطفال، وحرمني من تحقيق حلمي بأن أصبح لاعبة كرة قدم، وهو من أجبرني على التخطيط لدراسة القانون لأدافع عن أهلي وشعبي من بطشهم».

■ أين تتلقى عهد علومها؟ وكيف هو مستواها في المدرسة؟
طالبة في المرحلة الثانوية في مدرسة «البيرة الثانوية للبنات»، فرع أدبي. وهي متوسطة المستوى في نتائجها الدراسية.

■ بعيداً عن صورتها الشهيرة، المطبوعة في أذهان الناس... ماذا تحب عهد؟ وكيف تقضي أوقاتها العادية برفقة الأصدقاء؟
أحلام عهد تشبه أحلام أي فتاة عادية، ولكنّها مرتبطة بالقضية بشكل كبير ووثيق، لدرجة أنها لا تستطيع التنصل منها. وهي لا تُحبُّ أن يُشفق عليها أحد، ولا تحب لعب دور الضحية. أمّا بالنسبة إلى قضاء وقتها العادي فنظراً لأننا واقعون تحت الاحتلال، فإن الإمكانيات المتاحة ليست كثيرة إن لم تكن معدومة، لذلك تقضي عهد وقتها في البيت، في قريتها في النبي صالح، مع أترابها وصديقاتها. يلعبن سوياً، وأحياناً يذهبن للتنزه في مدينة رام الله.

طبيعة عهد
مختلفة عمّا يراه الناس على الشاشات فهي خجولة وهادئة


■ ماذا لو كانت ابنتك تعيش في بلد مستقل لا احتلال فيه؟
أظن أنها كانت لتصبح لاعبة كرة قدم (قالها بحسم!).

■ هناك الكثير من الأطفال المناضلين في فلسطين... لماذا برأيك نالت ابنتك كل هذا التعاطف وخصوصاً من العالم الغربي؟
أولاً : لأنها ظهرت بصورة المُقاوم. إذ ظهرت مقاوِمة للاحتلال وجنوده، ولم تظهر كضحية، فلم تبكِ ولم تستجدِ العواطف، وهذا دليل على أن أحرار العالم يتعاطفون مع الصورة الحقيقية التي تجسّدُ مقاومة الاحتلال والظّلم حيثما كان. ثانياً: لأن مقاومتها لجنود الاحتلال جرى توثيقها في مشاهد مصوّرة، وهو المشهد نفسه الذي يتكرر منذ صغرها، بمعنى أن عهد صارت في أذهان الكثيرين في هذا السياق المقاوم للاحتلال بشكل مباشر. ثالثاً: إن الضجة التي شهدناها لم تكن إلا نتاجاً وتراكماً لأكثر من عشر سنواتٍ كانت فيها عهد دوماً أمام المحتل، ولذلك هذا التعاطف ليس وليد اللحظة.

■ فلسطين بلد يزخر بالأحداث التاريخية والمحطات النضالية، ما هو أهم حدث أثر في تكوين شخصية عهد؟
لا يوجد لحظة واحدة معيّنة ومحددة، بل بوسعي القول إن حياة عهد كاملة ساهمت بتكوين وإنضاج شخصيتها. إذ ولدت في زمن استشهد فيه ياسر عرفات «أبو عمار»، واستشهدَ خالها أمامها، لترى لاحقاً مشهد اعتقال والدها، ثم زيارتها لي في الأسر تحادثني من وراء الزجاج من دون أن تستطيع ملامستي، كلها محطات وأحداث دمغت شخصيتها بهذا الطابع ولا يمكن الفصل بينها.

■ من هي الشخصيات التي تعتبرها عهد قدوة لها؟ وهل هي متأثرة بشخصية معينة؟
ليس هناك شخصية واحدة، عهد تنتمي وتحب أي شخص تشعر أنه يقاتل من أجل الحرية، أو من أجل رفع الظلم. لذا كانت عهد مهووسة بالنماذج المقاومة، وهي ترى في نفسها امتداداً لمن سبقها من مقاومي الظلم والاحتلال، مهما كانت جنسيتهم، لذا فقد كانت تفتش دوماً عن أيقونات المقاومة في التاريخ، لا سيّما النساء.
■ هل هناك حزب أو حركة سياسية تنتمي إليها عهد؟ وإذا لم يكن فهل لديها تقدير أو إعجاب لأفكار أو أيديولوجية حزب معين؟

تحلم بالجلوس أمام البحر الذي يبعد عن منزلها نصف ساعة


أنا لا أخفي انتمائي لحركة «فتح». لكن عهد لا تنتمي لأي حركة، ولا لأي حزب، فدوماً كانت تقول «أنا فلسطينية»، وطالما رأت في الأحزاب سبيلاً لتحرير الوطن ليس إلا. وقد قالت عهد مرة في أمسية شاركت فيها، مخاطبة الأحزاب «إذا مقدرتوش تلموا شملكم وتتوحّدوا، وبالتالي ترجّعلونا حيفا ويافا وكل فلسطين، فأنا أقول لكم مثلما قال غسان كنفاني: إذا كنتم مدافعين ضعفاء عن القضية، فمن الأجدر أن نغيّركم لا القضية».

■ هناك من يقول إنكم «تستخدمون أطفالكم لتوجيه العالم الغربي ولفت نظره»، كيف تعلق على هذا القول؟
نحن لا نستغل أطفالنا، ولا نستجدي عطف العالم أو تعاطفه مع قضيتنا. ما نفعله هو نقل الحقيقة، وقد كان لدينا موقع إلكتروني «تميمي برس»، وهناك قناة «آل تميمي» على موقع «يوتيوب»، وما نفعله هو توظيف هذه الوسائل والوسائط لنقل رسالتنا إلى كل العالم.

■ مددت محكمة الاحتلال اعتقال ابنتك وزوجتك حتى أسبوع آخر، في حال حوكمت ابنتك بالسجن، ومنعت من زيارتها ماذا تريد أن تقول؟
سأقول حينها إن هذا هو الاحتلال، وهذه هي قيمه ومبادئه، ولا يمكن أن نتوقع منه إلا الأذى. لذا سنصبر، ونقاوم حتى ننتصر ونحقق حلمنا بإقامة دولة فلسطينية على كامل تراب الوطن. ولن تثنينا أية خطوات قد يتخذها الاحتلال ضدنا.




توضيح بشأن المحامية الإسرائيلية

علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية موثوق بها أن المحامية التي أوكلت بالدفاع عن عهد التميمي، هي الإسرائيلية غابي لاسكي، التي تملك مكتباً للمحاماة في تل أبيب. وبحسب المعلومات المتوفرة فإن «لاسكي كانت أحد أعضاء حزب ميرتس الإسرائيلي. وقد خدمت في الجيش الإسرائيلي، وتولت مهمة الدفاع عن المجندات الإسرائيليات في المحاكم».
وفي رده على سؤال عما إذا كانت العائلة تعرف هذه المعلومات عن لاسكي، قال قريب العائلة بلال التميمي: «لسنا على علم بذلك، ولكن اختيار لاسكي لم يأتِ من فراغ، فقد تولت في السابق مهمة الدفاع عن عددٍ من النشطاء الذين اعتقلوا في قرى نعلين وبلعين والنبي صالح». وأوضح أنه «بعدما استشرنا اللجنة التنسيقية لمناهضة جدار الفصل العنصري، نصحونا بلاسكي، كونها نجحت في كسب عدد من القضايا. علماً أننا لا ندفع أتعاب المحامين في مكتبها، بل ندفع فقط الغرامات المالية أو الكفالات مقابل الإفراج عن المعتقل. وفي المقابل تتكفل اللجنة، المموّلة من الاتحاد الأوروبي، بدفع التكاليف الأخرى».
وعن خدمة لاسكي في الجيش الإسرائيلي، أوضح التميمي أنه «في الحقيقة، قلّة من الاسرائيليين لا يخدمون بالجيش، ومن خلال تجربتنا في المقاومة السلمية التي قدّمنا ايضاً فيها شهداء وجرحى وأسرى، تعرفنا على أشخاص رفضوا الخدمة في هذا الجيش ومنهم عاملون في مكتب لاسكي نفسها». علماً أن هناك محاميين فلسطينيين يعملان أيضاً في مكتب لاسكي ويعاونانها في القضايا الحقوقية.
وتابع: «هناك ليمور ونيري وغيرهما في مكتب لاسكي رفضوا خدمة الجيش وانضموا إلى منظمة كسر الصمت، وليمور نفسه شارك معنا في أكثر من مظاهرة وأصيب في قرية بلعين ودخل في غيبوبة لمدة شهر نتيجة إصابته». وختم بالقول «هناك ماض ربما يكون سيئاً، لكننا لا نحاكم شخصاً بدّل مواقفه السيئة إلى مواقف شجاعة».