القاهرة | وقّعت مصر وروسيا بروتوكولاً أمنياً من شأنه أن يمهد لاستئناف رحلات الطيران المباشرة بين البلدين، والمتوقفة منذ تشرين الثاني عام 2015، على خلفية سقوط الطائرة الروسية التي اقلعت من شرم الشيخ بعد تفجيرها بعبوة ناسفة وُضعَت على الأرجح خلال فترة توقف الطائرة في المطار، بحسب ما أفادت التحقيقات التي جرت في الواقعة، والتي لم تفض إلى التعرف إلى هوية الشخص الذي استطاع التسلل إليها.
توقيع البروتوكول يوم الجمعة الماضي في موسكو، بعد موافقة القاهرة على بعض الاشتراطات الروسية التي تمسّك بها الجانب الروسي، وعقب تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإعطائه موافقته شخصياً على ما ورد في البروتوكول، لم يضمن عودة الرحلات إلى جميع المطارات المصرية، بل اقتصر على إعادة الرحلات المباشرة إلى مطار القاهرة فحسب، بانتظار مباحثات أخرى ستُجرى خلال نيسان المقبل لبحث استئناف الرحلات إلى باقي المطارات.
ويشمل البروتوكول الأمني وجود رجال أمن روس على متن الطائرات الآتية إلى المطارات المصرية، بالإضافة إلى وجود تفتيش زائد للمسافرين إلى موسكو، وتخصيص صالات سفر لهم، وقضاء فترات تدريب أطول للمتعاملين مع المسافرين الروس وتحديد أماكن لكل فرد وحدود وجوده في المطار، بحيث لا يسمح بالوصول للطائرات إلا لمن تتطلب طبيعة عمله، وذلك بعد تلقي التدريبات اللازمة.

تتوقع مصر وصول نحو 3 ملايين سائح روسي خلال عام 2018


الرحلات التي حُدِّد موعدها المبدئي في بداية أو منتصف شباط، سيكون هدفها الأول خدمة وتسهيل الحركة بين رجال الأعمال في البلدين، خاصة أن العامين الماضيين شهدا زيارات متبادلة لوفود تجارية في وقت أطول للرحلات، فيما ستعيد شركة مصر للطيران رحلاتها الثلاث الأسبوعية إلى موسكو من مطار القاهرة، وستطلب تشغيل رحلات إضافية لتلبية احتياجات المسافرين المصريين، سواء إلى مباريات كأس العالم أو المستثمرين في البلدين، إذ تصل نسب أشغال الرحلات إلى 90 في المئة قبل توقفها، فيما تجري دراسة تنسيق رحلات سياحية بالتعاون مع الشركات الروسية تتوقف لعدة ساعات في مطار القاهرة ليقضي السياح يومهم في زيارة الأهرام وغيرها من معالم القاهرة لعدة ساعات قبل أن يستأنفوا سفرهم إلى شرم الشيخ، وهي رحلات ستكون تكلفتها أعلى قليلاً من الرحلات التي تأتي عبر مطارات أخرى بخلاف القاهرة.
مصادر مصرية تتحدث عن ربط موسكو عودة السياحة بكامل قوتها إلى القاهرة لاستقبال الشريحة الأولى من قرض المفاعل النووي في «الضبعة»، الذي يتوقع أن يفضي قبل نيسان المقبل وفق الاتفاق بين البلدين إلى بدء التنفيذ عبر شركة «روي أتوم» الروسية، بعد تجاوز بعض النقاط العالقة التي لم تحسمها القاهرة، وأجلت بعض الخطوات النهائية، علماً بأن المشروع تأجّل أيضاً لنحو عامين بسبب صياغة العقود.
العاملون في قطاع السياحة تراجع تفاؤلهم المفرط باستقبال الوفود الروسية في شرم الشيخ والغردقة خلال شباط المقبل، بعد تراجع التوقعات بعودة الرحلات كاملة حتى أيار أو حزيران المقبلين في أقل تقدير، ما يعني استمرار الخسائر للعام الثالث.
وبالرغم من أن ثمة رحلات تأتي من أوكرانيا وعواصم أخرى وتحمل الكثير من السياح الروس عبر رحلات ترانزيت، إلا أن استئناف الرحلات المباشرة كان يعوَّل عليه لجذب شريحة أكبر، خاصة أن الرحلات بين المطارات الروسية المختلفة ومطاري الغردقة وشرم الشيخ كانت تصل إلى أكثر من 400 رحلة أسبوعية، وهو رقم يستحيل تعويضه، ولو بنسبة 10 في المئة من خلال الرحلات التي تصل إلى مطار القاهرة.
وأرجأت هيئة تنشيط السياحة إطلاق الحملة الترويجية التي كان يفترض أن تقوم بها للمقاصد المصرية في السوق الروسية، فيما بدأ بعض الوكلاء السياحيين في مصر بمطالبة الحكومة بإطلاق الحملة وتشجيع طيران الترانزيت للحدّ من الخسائر التي يعاني منها القطاع السياحي، ولا سيما أن نسبة السياح الروس وصلت إلى نحو نصف عدد السياح الوافدين في عام 2014 بنحو 4.5 ملايين سائح انخفضت إلى 3.2 ملايين سائح في عام 2015 بعد قرار حظر الرحلات بين البلدين.
وبحسب مصدر مسؤول في وزارة السياحة المصرية، فإن استئناف الرحلات الروسية المباشرة إلى مطار القاهرة وحده لن ينعكس على حركة السياحة بشكل كبير لعدة أسباب، أهمها أن الرحلات المباشرة إلى القاهرة لا تتضمن أفواجاً سياحية، وهي رحلات أسعارها أعلى بكثير من الرحلات الموجهة إلى شرم والغردقة بالإضافة إلى محدودية المقاعد وعدد الرحلات التي لن تزيد في أفضل الأحوال على سبع رحلات أسبوعياً تنقل أقل من ألفي مسافر.
وأضاف أنّ وزارة الطيران المصرية ستقدم تسهيلات للطيران الروسي، لكنها لم تتلقّ طلبات من شركات طيران خاصة لتنظيم رحلات «تشارتر» بين القاهرة وموسكو بناءً على الحركة السياحية، مؤكداً أن حركة السياح الروس تكون أكبر إلى شرم الشيخ والغردقة، وهي المقاصد التي يصل إليها السياح سواء عبر الرحلات الـ«تشارتر» الآتية من أوكرانيا أو من المطارات الإماراتية.
وأشار إلى أنه بالرغم من أن السائح الروسي أقل إنفاقاً من غيره، إلا أن هناك فنادق في شرم الشيخ تعتمد بشكل كامل على السياحة الروسية، وستعود لها الحياة مع استئناف الرحلات، وبعضها أغلق أبوابه خلال العامين الماضيين، وينتظر قرار استئناف الرحلات لتجديده وإعادة افتتاحه.
وتتوقع مصر وصول السياح الروس إلى نحو 3 ملايين خلال عام 2018، وهو رقم تعوِّل عليه كثيراً لتحسين العائد الاقتصادي من السياحة بجانب الحفاظ على المعدلات المرتفعة للسياحة من عدة أسواق، وخاصة ألمانيا والدول العربية التي زادت نسبة سيّاحها بأكثر من 300 في المئة بفضل التسهيلات الممنوحة بالدخول والأسعار المخفضة بعد قرار تعويم الجنيه.