حصدت الكاتبة الفلسطينية حزامة حبايب (1965) «جائزة نجيب محفوظ للرواية» في دورتها الجديدة عن روايتها «مخمل». الجائزة التي تمنحها الجامعة الأميركية في القاهرة تحمل ثقلاً نوعياً في اختياراتها، بعيداً عن صخب الجوائز العربية الأخرى، بذهابها إلى تجارب جديدة ومبتكرة في السرد.
وقد بررت لجنة تحكيم الجائزة اختيارها «مخمل» بأنها «تتميز بلغة غنية وتعاطفها مع موضوعها، يولد هذان العنصران وصفاً دقيقاً لمشقة الحياة، لكنه يتدفق بحساسية ورقة، تعزى البطولة في هذه الرواية إلى شعرية ومهارة العزف على أوتار الكلمات، وإطلاق الصورة مجنحة الخيال».
من جهتها، قالت صاحبة «شكل الغياب» في كلمتها خلال الاحتفال بنيلها الجائزة «أنا امرأة الحكاية، امرأة بلا وطن؛ ورثتُ مِن أبي الفلسطيني حكاية ناقصة عن بيت كان لنا ذات وطن. ولدتُ ونشأتُ في بيت المنفى، بيت حاولنا أن نجعله يشبه بيتاً كان يمكن أن يكون لنا في الوطن. بيت مليء بحسنا وحواسنا، بهمسنا، بوشوشاتنا؛ بضحكاتنا التي تعالَقت مع عَرق أكفِنا على الحوائط؛ بنشيجنا الخافت الذي طرّز أرقّ الليالي. ثم راح البيت في حرب، كالعادة، نحن ضحاياها الموعودون. حوائطنا تهاوت». هكذا سعت حزامة حبايب في أعمالها السردية إلى إعادة إعمار الحيطان المتهاوية بالحكاية وحدها، والعمل في منطقة الظل، إذ لطالما نبشت الأسئلة الموجعة والمسكوت عنها بمهارة سردية لافتة تنطوي على مقدرة حكائية في تقليب تربة الكائن المهمل في هزائمه وصبواته. روايتها الأولى «أصل الهوى» (2007) مغامرة سردية جريئة تحتشد بالرغبات المقموعة والمحظورات، وإعادة توطين الايروتيكية من مقلبٍ آخر، من دون خشية أو تورية بلاغية. وسوف تواصل حفرياتها في روايتها الثانية «قبل أن تنام الملكة» (2011) بمزيد من الخشونة بايقاظ الأوجاع النائمة للكائن الفلسطيني العادي. إذ تروي أم لابنتها حكايات الشتات والوحشة و«استنطاق الحب». أما «مخمل» (2016) فهي حسب قولها «رواية النساء العاشقات رغم أنف الزمن، هي رواية الرغبات وهي رواية أن نعشق شيئاً لا نسطيع أن نحصل عليه، فشخصية المرأة «حواء» وهو اسم ذو دلالة كونها أول الخلق، تعيش ظروفاً ضاغطة في المخيم الفلسطيني، والمخيم الفلسطيني بالمناسبة هو مكان للقهر والكبت، وهو مكان مؤقت لا تستقيم فيه الحياة، فهو يمثل البيئة المسحوقة، فهي امرأة تمر بجميع أنواع المعاناة في حياتها، وتمر بكل أشكال القهر من الرجل ومن المرأة أيضاً، لأن المرأة تقهر المرأة أيضاً في أحيان كثيرة، وفي معظم الأحيان للأسف الشديد، لكن ما يحسب أن «حواء» استطاعت أن تحافظ على روحها وأن تظل شامخة الروح، حتى لو تهاوى جسدها، لكن في النهاية هي لم تكسر». هكذا تمكّنت حزامة حبايب من تكريس سرديتها الخاصة: غوايات الجسد في مواجهة الخسارات الأخرى.