الخبر المكرر: «الجهات الأمنية تحبط عملية انتحارية، أمس، قرب جسر اللوان على المتحلق الجنوبي في دمشق». وفي التفاصيل أن القوى الأمنية لاحقت الإرهابي وحاصرته في المكان المذكور، ما أجبره على تفجير نفسه وسيارته المفخخة، من دون وقوع ضحايا.
يأتي ذلك قبل ساعات من اجتماع الوفد الحكومي السوري في جنيف مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، خلال جولة المحادثات الحالية، وبعد يوم واحد على محاولة تسلل مسلحين من تنظيم «داعش» إلى أبنية سكنية شرقي حي التضامن الدمشقي. ومع انتشار هذا الخبر، خفتت قليلاً أصوات من ألقى اللوم على السلطة حول الخروقات الأمنية المستمرة منذ نهايات عام 2011، وذلك بفعل تعالي أوجاع عوائل الشهداء وباقي متضرري الحرب. المنظّرون انكفأوا قليلاً، والمعارضون القدامى ممن يجد فيهم الشارع الموالي جدارة المسؤولية، فضّلوا العمل «النضالي» وفق أولويات المرحلة المتردية. فيما نشط الحراك على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى درجة تجاوب السلطة مع مطالب الناس.

يرى العديد من الإعلاميين
أن الكثير من الصرخات لم تجد صداها اللازم


تلبية مطلب هُنا وآخر هُناك، بالتزامن مع انخفاض أسعار بعض السلع المهمة، إضافة إلى وعود بانخفاض المزيد منها خلال الأيام القادمة، ما يوحي باستراتيجية مستمرة من الحقن المخدرة لتنفيس الضغط الذي يعاني منه المواطن السوري. بينما بقيت ملفات عدة «كتيمة»، بلا أي تجاوب معها، منها سيارات مفخخة تزور العاصمة بين وقت وآخر، تزامناً مع وضع سياسي ما، وقذائف يحلو لمسلحي جوبر والغوطة الشرقية تسميم أيام أهالي دمشق القديمة بها، بشكل دوري، من خلال إطلاقها على الأزقة التاريخية ومدنييها.
أما الفساد فيزداد تغوّلاً مع ظهور الكثير من الشركات ورجال الأعمال من ذوي الثراء الفاحش، وقد حجزوا أماكنهم لمرحلة إعادة الإعمار المقبلة. أما السلطة الرابعة، فما زالت مشلولة عديمة القيمة لدى الرسميين، يقتصر دور العنيدين من أبنائها على التسبب بالقليل من «وجع الرأس» لبعض المسؤولين المقصّرين أو المخالفين.
يرى العديد من الإعلاميين في سوريا أن الكثير من الصرخات التي أطلقها الإعلام لم تجد صداها اللازم، إلا في حال وجود توجيهات من بعض المسؤولين بهدف إثارة قضية ما، لمصلحة أشخاص أو جهات. فيما يرى كثيرون أن العجلة الاقتصادية التي ستتحرك في المرحلة المقبلة تلزمها رقابة شديدة من الناس ممثلين بالسلطة الرابعة. ملفات عدة فُتحَت ونقلت اعتراضات الناس على أداء المسؤولين، من بينها قضية تسويق الحمضيات والمناهج التربوية والتغييرات المتسارعة على سعر الليرة، إضافة إلى ملفات عسكرية تتعلق بالخروقات الأمنية والجرحى والمفقودين والسوْق إلى الخدمة الإلزامية وقوات الاحتياط وتسريح الدورات الأقدم التحاقاً بالجيش. بعضها استحق لجوء السلطة إلى «التخدير» عبر جلسات مناقشة في البرلمان تأخذ وقتاً طويلاً في الأخذ والرد، في انتظار الخروج بقرارات حقيقية تخدم المواطن المُشاد بصموده طوال الوقت في الخطابات الرسمية. فيما تعلّم بعض المسؤولين كيف يجهزون التهمة لكل المتسائلين عن أسباب تردٍّ ما، أو حقائق تتعلق بأي خرق أمني ومسببيه والمتواطئين في تنفيذه، أو المطالبة بالمحاسبة. والتهمة دائماً تتعلق بالمسّ بهيبة الدولة. لا يهمّ إن كانت الدولة هُنا معنية باستعادة هيبتها بنفسها من مسلحين وجهاتٍ وقفت وراءهم، بدلاً من محاسبة معترض هُنا أو لائم هُناك.