القاهرة | بدأت الحكومة المصرية خطة عمل مكثفة لتنفيذ أحد أبرز شروط قرض صندوق النقد الدولي، الذي تصل قيمته إلى 12 مليار دولار، والذي بدأت مصر في الحصول عليه منذ العام الماضي لدعم الاقتصاد الذي يعاني من ضغوط هائلة.الخطة الحكومية الحالية تعمل على محورين: الأول هو خفض عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، والثاني طرح بعض الشركات الحكومية في البورصة المصرية في أسلوب بديل لنظام البيع الكامل الذي طلبه صندوق النقد عند التفاوض مع الجانب المصري قبل الحصول على القرض.

والجدير بالذكر أن العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وعددهم أكثر من 5.5 ملايين موظف، تلتِهمُ أجورهم نحو 20 في المئة من إجمالي الموازنة.
وخلال الفترة الماضية، سعت الحكومة الى اعتماد إجراءات عدّة لتقليص عدد الموظفين في الجهاز الإداري، سواء لجهة إقرار تسهيلات للتقاعد المبكر، وصرف المستحقات المرتبطة بتعويضات نهاية الخدمة بصورة أسرع من ذي قبل، أو عبر وقف التعيينات الحكومية إلا بمسابقات منذ أكثر من عام.
ومع ذلك، فإنّ الحكومة المصرية لا تملك، من الناحية القانونية، أية طريقة لخفض أعداد الموظفين بقرارات مفاجئة، على النحو الذي يلائم شروط قرض صندوق النقد.
ولذلك فإنّ الجزء الأكبر من الخطة الحالية يقوم على الاستفادة من بعض البنود القانونية التي تسمح بتسريح الموظفين الزائدين على العمل في أجهزة إدارية عدة.
أبرز هذه البنود يسمح بفصل الموظفين الذين سيثبت تعاطيهم المواد المخدرة بالفحص المفاجئ، الذي سيقوم به جهاز مكافحة الإدمان، وهو إجراء يتوقع أن يطاول الآلاف من الموظفين، خاصة المعينين حديثاً، مع وجود إحصائيات غير رسمية تؤكد أن نحو 10 في المئة تقريباً من العاملين بمختلف القطاعات الحكومية يتناولون المخدرات بصورة أو بأخرى.
وتعوِّل الحكومة على هذه الخطوة التي سيجري التوسع فيها خلال الأسابيع المقبلة بالتزامن مع إعلان استقبال أول دفعة من المعينين في القطاع الحكومي، إلى جانب خروج مئات الآلاف من الموظفين خلال العامين المقبلين بما يخفض عدد الموظفين بحلول 2020 إلى نحو 3 ملايين، مع تقييد العمالة الجديدة لتكون بعقود موسمية وليس بعقود نهائية، أي أنها ستكون من دون قيود ولا تنتهي بالتقاعد حُكماً كما هي الحال الآن.
جانب آخر تعده الحكومة في ما يتعلق بالموظفين، إذ أعلنت وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري هالة السعيد استحداث ثلاث وحدات في الجهاز الإداري للدولة، هي وحدة الموارد البشرية، وحدة التدقيق الداخلي والرقابة الداخلية، ووحدة التطوير المؤسسي. وسيبدأ تفعيل هذه الوحدات اعتباراً من العام المقبل لتدريب العاملين في الجهاز الإداري، مع تأكيد وجود لوائح للثواب والعقاب بناءً على التقييمات التي ستُجرى دورياً للتأكد من قيام الموظفين بعملهم بالطريقة المثلى، إلى جانب التوسع في مكننة الخدمات الحكومية لخفض حجم العمالة في القطاع العام ضمن استراتيجية 2030.
اللوائح الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ تتوقع الحكومة أن تكون سبباً في تقديم عدد من الموظفين لاستقالتهم طوعاً والحصول على مستحقاتهم المالية، خاصة مع إحكام التدقيق على مواعيد الحضور والانصراف، وحجم الأعمال المنجزة شهرياً من كل موظف.
من جهة ثانية، تستعد الحكومة المصرية لطرح عدد من الشركات والمصارف الحكومية في البورصة، مع الاحتفاظ بحق الإدارة، ومن بينها «بنك مصر»، فيما تواصل العمل مع شركات قطاع الأعمال لتحويل خسائرها إلى أرباح قبل إدراجها في البورصة خلال الأسابيع المقبلة.
وستحصل الحكومة على ما بين 3 إلى 4 مليارات دولارات من سندات جديدة ستُطرَح لسداد التزامات مالية مرتبطة بفوائد قروض وودائع حصل عليها المصرف المركزي في سنوات سابقة ويحين موعد استحقاقها خلال عام 2018.
وتنتظر الحكومة وصول أول دفعة من الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي، والمقدرة بملياري دولار، فيما سيُحصَل على الدفعة الثانية من الشريحة بالكامل في منتصف العام المقبل، مع اكتمال الإجراءات الاقتصادية المقرر اتخاذها في بداية العام المالي الجديد عقب الانتخابات الرئاسية.
وعدلت الحكومة من خطتها المتعلقة بتحريك أسعار الكهرباء لتكون الفترة الباقية على رفع الدعم كلياً خمس سنوات بدلاً من ثلاث سنوات، علماً بأن تعديلات طفيفة ستحدث في الأسعار مع بداية العام المقبل، بينما تجري دراسة تقييم سعر عادل للمحروقات لتحديد نسبة الزيادة المقبلة على أساسه، في وقت رفضت فيه بعثة صندوق النقد الدولي الإبقاء على معدلات الدعم المرتفعة لأسعار المحروقات.
وطلبت بعثة صندوق النقد خلال المراجعة التي أجرتها الشهر الماضي لنتائج إجراءات الإصلاح الاقتصادي ضرورة الحدّ من عجز الموازنة في شطر المحروقات، وذلك بزيادة أسعارها خلال العام المالي، وهو ما رفضته الحكومة المصرية بنحو قاطع لأسباب سياسية.