بلا مقدمات، خرج إلى العلن سجال حاد بين الوزير السابق أشرف ريفي والعميد المتقاعد من الجيش اللبناني عميد حمود، في تراشق شهدته وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيدي ريفي ومناصري تيار المستقبل، الذين ينظرون إلى حمود على أنه أحد أركان الفريق الأمني في التيار الأزرق، ويحظى بتأييدهم.
الرجلان شكلا لسنوات طويلة ساعدَي الرئيس سعد الحريري أمنياً. احتل ريفي منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي ثماني سنوات، بينما نُظر إلى حمود على أنه «القائد العسكري» لتيار المستقبل وأحد الذين أشرفوا على ولادة فكرة «أفواج المستقبل». السجال بينهما برز قبل أيام عندما نسب أحد الأشخاص، على وسائل التواصل الاجتماعي، كلاماً إلى العميد حمود تضمّن اتهامات غير مسبوقة بحق ريفي. اتهم حمود اللواء المتقاعد بأنه «قليل الوفاء»، مضيفاً: «كنت ألتزم الصمت حفاظاً على وحدة الصف، لكن إذا كنت تذكر 7 أيار وكيف تصرف اللواء ريفي، وهل أعطى أمراً لعسكري واحد بالتصدي لعصابات 8 آذار؟ الجواب بالتأكيد لا». وحمود هنا يتحدّث بصفته ضابطاً قدّم استقالته من الجيش على خلفية أحداث أيار 2008، احتجاجاً على ما عدّه حينذاك قراراً من قائد الجيش الأسبق ميشال سليمان بعدم مواجهة حزب الله.
ويزيد حمود في الكلام: «كفانا مزايدات وإطلاق اتهامات يميناً وشمالاً. ما يجري أكبر من بلدنا بكثير، والتسويات تحدث خارج لبنان. الرئيس الحريري رفض أن يكون دمية وببغاء يردد ما يوحى إليه. علينا الانتظار قليلاً حتى تنجلي الصورة، وكل المزايدات التي نراها تدخلاً في خانة الانتخابات النيابية».
ومع أن كلامه أحدث صدمة كبيرة في أوساط تيار المستقبل وريفي معاً، فضّل حمود الصمت الإعلامي حيال ما نسب إليه وعدم الرد، ولم يصدر أي بيان يؤكد هذا الكلام أو ينفيه. إلا أن اتصالاً جرى بينه وبين ريفي في أعقاب نشر التسريب، أكد فيه حمود لريفي: «لا علاقة لي بالتسريب»، وردّ عليه ريفي: «نحن في خندق واحد». وقال ريفي لـ«الأخبار»: «أفضّل عدم التعليق على الموضوع، بعدما أوضح لي حمود الأمر».
بدوره، قال حمود لـ«الأخبار» إن «الوضع دقيق وحساس، وأنا لست بوارد نشر غسيل بعضنا على الملأ». واتهم «جاهلاً أو مخبراً بتسريب كلامي، الذي قلته في أحد اللقاءات الضيقة، بعد تحريفه». لكنه أكد أمرين: الأول أن «هناك كوادر علينا توعيتها»، والثاني أن «علاقتي مع ريفي على الصعيد الشخصي عادية، وهناك تواصل بيننا، لكن في السياسة هناك خلاف، لأن تهجمه على الحريري بهذا الشكل غير مقبول بالنسبة إلينا».
وإذ يشدد حمود على أن «الخلاف مع ريفي في الرأي لا يفسد في الود قضية»، و«لا مانع من وجود نقد بناء»، إلا أنه يؤكد بالمقابل أنه «لا يناسبنا وجود خطاب سياسي عالي النبرة بهدف المزايدة ولاستغلاله قبل الانتخابات النيابية، في وقت نلحظ فيه تراجعاً على الأرض في شعبيتنا، ولأنه يزيد من إحباط شارعنا».
ويؤكد حمود أن «علاقتي مع الحريري ممتازة، وأنا جزء من منظومته وليس من تنظيمه، أي تنظيم تيار المستقبل»، كاشفاً أنه حاول «رأب الصدع بين الحريري وريفي، مع كثيرين غيري، كما حاولنا رأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين جميع القوى السياسية السنية، انطلاقاً من إيماني بأنه لما تكون الطائفة السنّية قوية، فإن الوطن قوي، لكن للأسف لم ننجح في ذلك، لأن ريفي كلما فاتحناه بالموضوع يقول لنا إتركوها لي إلى ما بعد الانتخابات حتى نبني على الشيء مقتضاه».
وفسّر حمود رغبة ريفي في عدم مصالحة الحريري في الوقت الحالي بأن «اللواء يعتبر نفسه حالة سياسية كبيرة لها ما لها، وأنه يريد أن يجرب نفسه في الانتخابات، وهو يكاد يظنّ أن له مرشحين في حمص وإدلب، لا مرشحين في طرابلس وعكار والبقاع أو بيروت فقط!».
ويرى حمود أن «كل ما يقوم به ريفي له علاقة بالانتخابات، فنحن نعرف بعضنا جيداً، لكن رفعه شعار التصدي في وجه مشروع إيران وحزب الله في لبنان والمنطقة يحتاج إلى خطط وأفكار وليس إلى رفع شعارات»، معتبراً في موازاة ذلك أن «السعودية هي وحدها الطرف القادر على رأب الصدع بين الحريري وريفي، لأنها تمون على كلا الطرفين».