في حديث عابر مع فنانة سعودية عما إذا كانت النهضة الترفيهية أوشكت على الاقتداء بيخت الأمير محمد بن سلمان وإفتتاح دور سينما في البلاد، أجابتنا: «لنسلّم جدلاً بأنهم افتتحوا سينما، هل لك أن تتخيّل نوعية الأفلام التي سيعرضونها؟!».
الجواب يختصر المسافة، ويبدو رداً مناسباً لادعاءات الصحافة الأميركية، وكتّابها المكرّسين عبر العالم عن «الربيع العربي الحقيقي» الذي يقوده ولي العهد السعودي، وخطواته الانفتاحية التي تقلب المملكة الوهابية رأساً على عقب. إذ يبدو المرض مستعصياً أكثر مما يتخيّله عاقل، ولا يتعلّق الموضوع بسلوكيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا بثقافة إقامة الحد والجلد على الملأ، ولا فقط بمنع الاختلاط ومحاربة الفن على أنه كفر، بل ببنية التفكير ذاتها. النية لن تغيرها ألف هيئة عامة للترفيه، ولا يمكن أن تجمّلها مليون حفلة تقام في الرياض، على أساس أنّ المملكة استفاقت على الانفتاح، وقررت أن تعوّض الأيام الخوالي. آخر ما حرّر من إنجازات الإعلام السعودي الذي ينعب كل يوم على خراب اليمن، هو إطلالة المغنية اليمنية الإماراتية بلقيس أحمد على التلفزيون السعودي. هكذا كانت أوّل مغنية تظهر على التلفزيون الرسمي لأكثر مكان يصدّر تطرفاً في العالم منذ 47 عاماً، بعد الراحلة صباح التي أطلّت عبر هذا التلفزيون سنة 1970، ولم يتمّ بعدها إستضافة أي مغنية!.
غالباً، فإنّ قواميس الوقاحة تعجز عن مثل هذه الخطوة، إلا إذا قورنت مثلاً بغناء المغنية اليمنية أروى لأمراء السعودية وتمايلها بغنج من أجل خطب ودّ mbc مهما وصل درك الجحيم الذي تتهاوى إليه بلادها لا يهمّ! بلقيس ظهرت في برنامج «صباح السعودية» خلال الاحتفال السعودي باليوم الوطني للإمارات، بعدما اختيرت لتمثيل الإمارات في هذا الحديث التلفزيوني، مؤكدة على «مدى علاقة الأخوّة الكبيرة التي تجمع الشعبين السعودي والإماراتي، من جميع جوانبها». طبعاً لم يتسن لها الحديث عن العلاقة بين الشعبين اليمني والسعودي، لكنها حكت عمّا هو أهمّ من وجهة نظرها، وهي الحفلة النسائية التي أحيتها في مدينة جدة أخيراً، معتبرة أنها «علامة فارقة» وأن ما حصل معها «حلم لا تريده أن ينتهي». لا جديد يذكر سوى أن العقل الذي يدير الترفيه في مملكة آل سعود مصاب بعطب كبير. ذروة ما ينجزه هو أن بقذف بمغنية من أصول يمنية على شاشاته الرسمية، لينتصر لإجرامه بطرقه الفنية، ويصدّر صورة المسخ الذي يزداد تشوّهاً كل يوم.