ينتظرُ المركبُ اكتمال نصاب راكبيه قبل الانطلاق في رحلة قصيرة إلى تمثال بوذا الضّخم المتربّع وسط بحيرة «حسين ساكار (صقر)» في حيدر أباد (جنوب شرق الهند). تُشكّل «المدينة اللؤلؤة» حالةً إداريّة فريدة، فهي منذ عام 2013 عاصمة مُشتركة لولايتين: ولاية «سيماندرا»، وولاية «تيلنغانا»، اللتين نجمتا عن تقسيمٍ إداريّ لولاية «أندرا براديش» في ما عُدّ مقدّمة لإعادة تكوين الجغرافيا الإداريّة للهند بأكملها.
من المقرّر أن تستمرّ المدينة في لعب دور العاصمة المشتركة حتى عام 2023، إذ من المفترض أن تحظى «سيماندرا» بعاصمة جديدة. حتى منتصف القرن الماضي كانت حيدر أباد عاصمة دولة إسلاميّة وُلدَ فيها أبو الأعلى المودودي أهمّ مُنظري الجماعات «الجهاديّة» والأب الرّوحي لتنظيم «داعش». لكن لا أحد هُنا يعرفُ المودودي، أو هذا ما توحي به الأمور في هذا المساء الهندي على الأقل. يمكنك أن ترى في ما يرى السّائحُ صورةً «مثاليّة» من حولك: تمثالٌ ضخم لبوذا تسطع الأنوار من حوله، فيما ينطلق صوت الأذان قويّاً من مآذن المساجد المنتشرة في أرجاء المدينة. خليطٌ منوَّع من الهنود يحيط بك: نسوةٌ محجّبات، أُخَرُ سافرات، بوذيّون حليقو الرؤوس، رجالٌ مسلمون بلحى طويلة، وشبّان وشابات بملابس عصريّة. أمّا إذا تركت الصورة العامّة وغصتَ قليلاً في التّفاصيل، فسيكون عليكَ أن تتذكّر أنّ هذه الحديقة العامّة (لومبيني) كانت قبل عشرة أعوام مسرحاً لتفجيراتٍ إرهابيّة راح ضحيّتها أكثر من أربعين شخصاً، وجاءت ردّاً على تفجيرات إرهابيّة أخرى سبقتها بثلاثة أشهر مستهدفةً «مسجد مكّة» التاريخي وسط المدينة وأوقعت إحدى عشرة ضحيّة. لا يشكّل المسلمون أكثريّة هنا (نسبة تقارب27% من السكان وفقاً لتعداد عام 2011، مقابل 69% من الهندوس، و3% من المسيحيين، وقلة من البوذيين والسيخ تشكل 1%). رغم ذلك، يصطبغ الوسط التاريخي بصبغة إسلاميّة واضحة، من دون أن تشي بالتشدّد. الحياة اليوميّة في حيدر أباد توحي بأنّ الأمور تسير على ما يُرام، في كل الشوارع يطالعُك الخليط نفسه، الجميع يبتسمون لك بودّ ظاهر، وفي كل الجهات ستبصرُ لوحات تهنئة ما زالت منتصبةً منذ عيد الأضحى الماضي «عيد مبارك». أمّا الصحيفة المحليّة «حيدر أباد تايمز»، فمنهمكةٌ في مناقشة قضايا الطلّاب ومُشكلاتهم، إلى جانب كثير من شؤون الهند الداخليّة. لكنّ يومين من التجوال لا يُعتبران كافيين لسبر الواقع بدقّة، ولا سيّما أنّك لن تكونَ قادراً مثلاً على الوصول من دون إذنٍ رسميّ إلى مخيّمات اللاجئين الروهينغا الذين فرّوا من ميانمار المجاورة. أما الأحاديث التي تخوضها طوال اليوم، فلن تعكسَ أكثر من مشهد عام، إذ يخوض الكلّ حديثه معك بوصفك سائحاً. لا يبدو أنّ أخبار سوريا وحربها قد بلغت مسامع الجميع، وعلى العكس من ذلك، ستجد عدداً كبيراً ممّن لا يعرف عن البلاد حتى موقعها. على مدخل قلعة غولكوندا البديعة تُفاجئنا «سعة اطّلاع» عامل حجز التّذاكر، وهو يقول: «طبعاً أعرف سوريا، رئيسها اسمه بشار الأسد، وعدد سكانها 23 مليوناً»، قبل أن نكتشفَ أنّه يقرأ المعلومات من شاشة الحاسوب على طاولته.

جايبور: المدينة الورديّة

في جايبور (عاصمة إقليم راجستان، شمال غرب البلاد) تختلف الصّورة. وبدلاً من الإجابات الخاطئة لدى السّؤال عن سوريا، ستطالعُك إجاباتٌ من قبيل «ومَن لا يعرفُ سوريا؟». يطلقُ صاحب أحد المقاهي صرخة استغرابٍ حين يسمع اسم سوريا، ثم يقول مازحاً: «وهل ستفجّر نفسك الآن؟». ويبدو أنّ الصبغة السياحيّة الطاغية على المدينة تلعبُ دوراً أساسيّاً في مواكبة أبنائها لما يدور في العالم الواسع، يتساءل كثيرون: «هل أصبحت سوريا بخير الآن؟»، «هل تسيرُ حقّاً نحو التعافي؟». ويظهر البعضُ فضولاً تجاه بعض التفاصيل: «هل هي حربٌ أهليّة فعلاً؟»، «هل هنالك مناطق لم تشملها الحرب؟»، «أعرف أن السوريين أناس طيبون ولطفاء، كيف ولماذا تفجّرت الأوضاع بهذه الصورة أصلاً؟».
في المقابل، تصادفنا نماذج لأشخاص يبدو أنّهم مطّلعون يومياً على أحداث العالم العربي. يُبدي أحدُ الشبّان استغرابه من ملابسات استقالة رئيس الحكومة اللبنانيّة سعد الحريري، قائلاً: «إنّه شيء لا يصدّق»، ويربطُ بين الحدث والحرب السوريّة والدور السعودي في كليهما. يسمحُ التوسّع في الحديث مع الشاب بتكوين فكرة عن انتمائه العقائدي، إذ يقول: «طبعاً أعرف سوريا جيّداً، لم أزرها، لكنني أعرفُها. في دمشق سيظهر الإمام المهدي، وفيها سيخرجُ عيسى عليه السلام». قبل أن يتمنى الخير لسوريا وأهلها، ويدلّنا على الوجهة التي نقصدها. تمتاز جايبور بحيوية استثنائيّة، وتتشابهُ كثير من أسواقها الشعبيّة مع نظيراتها في الدول العربيّة. الطابع العمراني للمدينة بديعٌ ويطغى اللون الوردي على معظم مبانيها، إلى درجة اشتهرت معها باسم «المدينة الورديّة». أحاديث الشارع بشكل عام لا تخرجُ عن تلك التي سمعناها في حيدر أباد. محمّد الذي يمتلكُ عدداً من الفيلة في مزرعة تُشكل وجهةً للسيّاح يُفاخرُ بأنّ «المسلمين في الهند منفتحون إلى حد كبير». يوافقه جاويد عامل الاستقبال في أحد الفنادق، ويشرعُ في الحديث عن «وجوه التعايش» مثل شراكات العمل والزواج المختلط وغيرها. لا تتجاوز نسبة المسلمين من سكان المدينة حاجز الـ9%، في مقابل 88% من الهندوس، و1.5% من السيخ، و1.5% من مكوّنات أخرى مختلفة. ولا يخلو أرشيف المدينة من حوادث إرهابيّة، حيث شهدت على سبيل المثال سلسلة تفجيرات في أيار 2008 أوقعت خمسة وستين قتيلاً. وبثّت وسائل إعلام هندية حينها شريطاً مصوّراً تعلن فيه مجموعةٌ مجهولة اسمها «المجاهدون الهنود» مسؤوليتها عن الهجمات.

أوّل ما يلفت النّظر في العاصمة


يتساءل كثيرون:
«هل أصبحت
سوريا بخير الآن؟»


الهنديّة تلوّث الهواء بنحو كبير. «سكّان نيودلهي يعيشون خلف الأقنعة»، عنوانٌ يتصدّر إحدى الصّحف المحليّة، ويمكنك معايشةُ دقّته على أرض الواقع. لاحقاً سنعرفُ أنّ وصولنا إلى المدينة صادفَ مرورها بواحدة من كوارث ارتفاع نسبة التلوّث التي تتكرّر فيها سنوياً من جرّاء عوامل عدّة، مثل حرق مخلّفات المحاصيل الزراعيّة بطريقة غير مشروعة، وعوادم السيارت الهائلة العدد، والغبار الناجم عن مواقع البناء الكثيرة. السلطات المحليّة كانت قد أعلنت قبل أيّام حالة الطوارئ وإغلاق المدارس لأيام عدّة، فضلاً عن إجراءات مؤقّتة، مثل منع دخول الشاحنات إلى المدينة، ووقف كل أنشطة البناء. الازدحام الهائل في المدينة ليس سوى واحد من انعكاسات كثافتها السكّانية العالية (تُصنّف دلهي ثامنة مدن العالم من حيث الكثافة، وبلغ تعداد سكانها عام 2014 خمسة وعشرين مليون نسمة). اختبرت دلهي أيضاً الحوادث الأرهابيّة مرّات عدّة، عام ،2005 على سبيل المثال، أعلنت جماعة كشميريّة تُدعى «انقلابي» مسؤوليتها عن تفجيرات أدت إلى مصرع ستين شخصاً وإصابة العشرات. أما عام 2008، فأعلنت جماعة «المجاهدين الهنود» مسؤوليتها عن تفجيرات أوقعت خمسة وعشرين ضحيّة. لا كثير من الأحاديث الطويلة هُنا، يبدو معظم من التقيناهم مستعجلاً وميّالاً إلى الاقتضاب. كُثرٌ لم يسمعوا بسوريا أو لبنان. يقولُ أحدهم: «هل هي في جنوب أفريقيا؟»، وتجيبُ أخرى «أوروبا؟». في المقابل، يردُ اسم إسرائيل على كثير من الألسن، وإذا جربت أن تحتجّ قائلاً: «لا شيء اسمه إسرائيل، بل فلسطين» ستنالُ إجاباتٍ مُجاملةً وابتساماتٍ لا تشذّ عن اللطف الهندي المُحبّب. في أحد المسارح يوافقنا واحدٌ من الموظّفين بحماسة: «نعم، أقصد فلسطين. أنا أعرف الكثير عمّا يدور هناك». يعرضُ الشّاب الحرب السوريّة من البوابة ذاتها، قائلاً: «أعتقد أن أميركا هي السبب في كل ما يحدث في بلادكم، تبحث عن النفط والغاز وتنشر الفوضى». يتطرّق إلى ذكر تنظيم «داعش»، وزعيمه أبو بكر البغدادي. يُفاجأُ حين نخبره بأنّ الأخير ليس سوريّاً، ثم يستدرك: «لكنّه اشتهر في سوريا». يلقي دعابةً سمجة «البغدادي بطل»، نقول «هل تحبّ أن ينتقل إلى هنا؟» فيصرخ «طبعاً لا». ينخرط الشاب في حديث طويل يتفاخر فيه بأن «لا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً سيئاً معنا، نحن في الهند لدينا كل شيء، طائرات وأسلحة متطوّرة، وحتى سلاح نووي». ثم يكرّر الحديث عن «ترابط المجتمع الهندي وتعايشه»، نقول: «كنا قبل سنوات قليلة نردّد الكلام ذاته، ونأمل ألّا يصيبكم ما أصابنا»، فيجيب بثقة: «الهند حالة مختلفة».




«تاج محل» محذوفٌ من الدليل السياحي

في مطلع الشهر الماضي أثارت صحفٌ عالميّة على رأسها «تايمز» البريطانيّة و«واشنطن بوست» الأميركيّة قضيّة حذف «تاج محل» من الدليل السياحي الرّسمي. وقالت إنّ حكومة ولاية «أوتار براديش» قد حذفت المعلم الذي يُعدّ أشهر معالم الهند، وإحدى عجائب الدنيا السّبع (الجديدة) من «كُتيب مناطق الجذب السياحي المحلية». وعزت سلطات الولاية الشماليّة الأمر إلى أنّ «الضريح الرّخامي الأبيض في مدينة أغرا لا يعكس الثقافة الهندية»، وفقاً للزعيم الهندوسي اليميني يوجي أديتياناث الذي يتربّع على رأس الهرم الإداري في الولاية. ورغم أنّ عدد زوّار الضريح الشهير قد انخفض وفق كثير من المصادر، غير أنّ الازدحام بدا كبيراً لدى وصولنا إلى المَعلَم العريق، فيما نُصبَت هياكل معدنيّة ضخمة أمام إحدى واجهاته في إطار عمليّات تجديد للبوابات وأعمال صيانة وإنشاء مواقف طابقيّة للسيارات خصّصت لها الحكومة 22 مليون دولار. ولا يقتصر زوّار «تاج محل» على السيّاح، بل يفوقهم عدد الزائرين الهنود، في مشهدٍ تكرّر في كل المعالم التي زرناها في مختلف المدن.






حروب، وانفصاليّون «جهاديّون»

على رأس مشكلات البلاد السياسية، يأتي صراعان مُزمنان مع كلّ من الصين وباكستان. عام 1962 منيت الهند بهزيمة قاسية في حربها مع الصين، ورغم ذلك احتفظت بمنطقة «أروناتشال براديش» (يطلق أيضاً اسم هضبة «دوكلام» على هذه المنطقة المتنازع عليها) بعد انسحاب القوات الصينية وسط ضغوط دولية. في منتصف حزيران الماضي، أرسلت الصين جنوداً لحماية أعمال شق طريق حدودي في الهضبة، فردّت الهند بنشر قوات عسكرية حالت دون استكمال المشروع. تتنازع الدولتان أيضاً على منطقة أكساي تشين (قرابة 40 ألف كيومتر مربع) الواقعة غرب جبال هيمالايا. كذلك، تنخرط الهند في صراع طويل مع دولة باكستان الإسلاميّة بسبب إقليم كشمير المتنازع عليه. اندلعت ثلاث حروب بين الدولتين، الأولى بين عامي 1947 و1948 وانتهت بتقسيم كشمير بينهما. تجدّدت الحرب مطلع عام 1965، وهدّدت الصين بالتدخل فيها إلى جانب باكستان فلوّحت الولايات المتحدة بردع الصين إذا نفّذت تهديدها. وفي كانون الثاني وقّعت الهند وباكستان «اتفاقية طشقند» برعاية الاتحاد السوفياتي، وتوقّفت الحرب. أواخر عام 1971 اندلعت حرب جديدة بينهما، استمرّت أسبوعين وانتهت بفصل باكستان الشرقية عن الغربيّة وقيام جمهوريّة بنغلادش. يشكل «الناكسالاتيون» (نسبة إلى قرية «ناكسالباري» غرب البنغال) تهديداً متطرفاً للهند منذ عام 1967. في نيسان 2006 اعتبرت الحكومة الهندية «الناكسالاتيين أضخم تحدٍّ واجهته أمتنا على الإطلاق».
كذلك، تبرز منظمات «جهاديّة» من بين الأخطار المهدّدة للهند، وينشط معظمها في كشمير مثل «عسكر طيبة» و«حركة المجاهدين» و«جيش محمد». وفي أيلول 2014 اكتمل «العقد الجهادي» مع إعلان زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري تشكيل «قاعدة الجهاد في شبه القارة الهنديّة» بزعامة الملا عاصم عمر. يهدف التنظيم إلى «إقامة الخلافة الإسلامية في دول شبه القارة الهندية: الهند وباكستان وبنغلاديش وبوتان ونيبال وسريلانكا وجزر المالديف وبورما»، قبل أسبوع وعلى نحو لافت أظهر التنظيم اهتماماً خاصّاً بفرعه الهندي، وبثّ مقابلة طويلة مع أسامة محمود، المتحدث الرسمي باسم التنظيم في شبه القارة الهنديّة. الرجل تحدّث في خلال اللقاء الطويل عن ارتباط نشاط التنظيم في الهند بنظيره في أفغانستان، وضرورة العمل على « الدفاع عن مسلمي باكستان وكشمير وبنغلاديش والهند وبورما، (...) واسترجاع حقوق مسلمي شبه القارة إليهم».








قارّة التناقضات

تمكن تسمية الهند «قارة التناقضات». ورغم الصورة النمطيّة المأخوذة عن البلاد بوصفها معقلاً من معاقل الفقر والبطالة المرتفعة، ستلفت نظرك صورةٌ مغايرة في كثير من المدن: شوارعُ واسعةٌ عاليةُ التنظيم يندر أن تواجه فيها اختناقاً مروريّاً واحداً (مع الأخذ بالاعتبار حجم الازدحام الهائل)، مبانٍ ضخمة، حدائق مترامية الأطراف، سيارات حديثة لكنّها ليست فارهة (المقود على اليمين، وتنظيم السير وفق النمط الإنكليزي). خرجت الهند رسميّاً أواخر عام 2014 من قائمة «الدول الفقيرة» وفق المنظمات الاقتصادية الدولية. وفيما تؤكد الدراسات والإحصائيّات أنّ اقتصاد الهند يُعدّ اليوم سابع أقوى اقتصاد في العالم، ما زال عدد الفقراء فيها يشكل قرابة ربع عدد السكّان! وبينما يمكنك أن تلاحظ بوضوح نظافةً لافتة في كثير من المراحيض العامّة، ستفاجئُك تقارير أمميّة تضع الهند «في المرتبة الأولى في العالم من حيث عدم امتلاك السكّان لدورات مياه»! عام 1974 أعلنت الهند أنها أجرت أول تفجير نووي «لأغراض سلمية»، وعام 1998 أعلنت رسميّاً حيازتها سلاحاً نووياً، بالتزامن مع إصدار الجارة اللدود باكستان إعلاناً مماثلاً. تحتل «الأتمتة» مكانة عاليةً في النظام الإداري الهندي، إلى حدّ يوحي بأنّ الشبكة العنكبوتية تدير كلّ شؤون البلاد، بما في ذلك خدمات سيارات الأجرة التي تقدمها شركتان كبيرتان، ويمكنك طلبها عبر «تطبيقات» خاصة. كلّ ما عليك أن تحدد وجهتك، ليخبرك التطبيق عن أقرب سائقٍ، والوقت المقدّر لوصوله إليك، والزمن المتوقع لبلوغ وجهتك، والكلفة التقديريّة، علاوة على صورة السائق ورقم هاتفه ولوحة سيارته. وأضافت إحدى الشركتين إلى خدماتها «التوك توك» ذي العجلات الثلاث والذي يسميه الهنود «الهيلوكوبتر الهندي». يعكس السلوك الجمعي الهندي حالة انضباط عالية التنظيم، الطابور حاضر في كل مكان من دون محاولات ملحوظة لاختراقه، التزام قوانين منع التدخين عالٍ إلى درجة تجعل مشاهدة هنديّ يدخّن حالة نادرة (التدخين ممنوع حتى في الحدائق، يمكنك فعلُ ذلك في بيتك أو في الشارع فقط). يبدو واضحاً أن القبضة الإدارية للسلطات قويّة، فيما يمكن استشفاف حضور مماثل للقبضة الأمنيّة بإمعان بسيط. الضرائب مرتفعة بنحو ملحوظ، وعلى سبيل المثال ستدفع علاوةً على كل مئة روبية تنفقها في المطاعم أو المقاهي ضريبتين نسبة كلّ منهما 15%. يعادل الدولار الواحد ما قيمته 65 روبية، وتسيطر الحكومة على أسواق الصرف عبر مراكز مرخّصة، ويندر أن تعثر على من يقبل أن يقبض منك بعملة غير العملة المحليّة. وعلى كل فئات العملة ستشاهدُ صورة لشخصيّة واحدة فقط: المهاتما غاندي.