انتهى اليوم الأول من جولة محادثات جنيف الجارية بلقاء بين الوفد المعارض والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وفق الجدول المعدّ، بعد تأخر الوفد الحكومي عن الحضور. ووفق مكتب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، فإن وفد دمشق سيحضر اليوم إلى جنيف للمشاركة في المحادثات، وهو ما أكدته وزارة الخارجية السورية رسمياً، مشيرة إلى اتصالات مكثفة من الجانب الروسي لضمان ذلك.
الغياب الحكومي في اليوم الأول استهدف توجيه رسالة اعتراض على بيان مؤتمر «الرياض 2»، الذي تطرق إلى قضية «إزاحة (الرئيس بشار) الأسد» في مطلع المرحلة الانتقالية. ومن غير المتوقع أن يكتفي الوفد الحكومي بتلك الرسالة فقط، بل ينتظر أن يصعّد الخطاب تجاه الوفد المعارض، من جنيف، وقد يتجه إلى رفض عقد محادثات مباشرة معه بحجة تجاوزه التوافق حول التفاوض غير المشروط.
ورغم هذا التردد الحكومي تجاه المشاركة الفاعلة في جولة المحادثات الحالية، فقد أعلنت دمشق، عبر الوسيط الروسي، قبولها مقترحاً من موسكو بعقد هدنة مؤقتة (أمس واليوم) في غوطة دمشق الشرقية. غير أن هذه الهدنة قد تبقى خارج إطار التطبيق، لكون الفصائل التي يحارب ضدها الجيش في المناطق الغربية من الغوطة لا تخضع لنفوذ الوفد المعارض. كذلك فإن بعضها ــ مثل «حركة أحرار الشام» ــ اشترك في بيان يرفض التنازل عن مطلب «إزاحة الأسد» في المحادثات. ولن يوفر الوفد الحكومي جهداً في إظهار هذا الافتراق بين الفصائل والوفد المعارض. وفي خلاصات اليوم الأول من الجولة الثامنة للمحادثات، غادر الوفد المعارض المقر الأممي، بعد انتهاء لقائه ودي ميستورا، من دون الإدلاء بأيّ تصريحات صحافية. واكتفى المتحدث باسمه، يحيى العريضي، بالقول إن «اللقاء كان جيداً، وجرى الحديث فيه عن تخلف النظام عن المفاوضات». ومن جانبه، كان دي ميستورا قد أشار إلى أنه سيعرض على الوفدين الحكومي والمعارض «خوض مفاوضات مباشرة»، وهو ما أعلنت المعارضة تأييده، غير أن وكالة «فرانس برس» نقلت عن مصدر سوري لم تسمّه قوله إن المبعوث الأممي «تعهّد بألا تتضمن هذه الجولة أيّ لقاء مباشر مع وفد الرياض (المعارض)، وعدم التطرق بأيّ شكل من الأشكال إلى بيان (مؤتمر) الرياض والشروط التي تضمنها».
ومن المقرر وفق الجدول الزمني أن تنتهي الجولة الحالية يوم الجمعة المقبل (بعد غد)، على أن تُعقد الاجتماعات مرة أخرى منتصف كانون الأول المقبل. وبالتوازي، سوف تنتهي الهدنة الروسية المؤقتة في الغوطة اليوم، إن لم يتم الإعلان عن تمديدها. وكان دي ميستورا قد أوضح أنه «خلال اجتماعه مع ممثلي الدول الخمس الدائمين في مجلس الأمن الدولي، أمس، أعلن المندوب الروسي أليكسي بورودافكين موافقة الحكومة السورية، بناءً على مقترح روسي، على هدنة في الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى أن هذا الإعلان «لا يأتي من باب المصادفة... وأنهم سيراقبون مدى تطبيق وقف إطلاق النار» هناك. وفي موازاة الهدنة المفترضة، دخلت أمس قافلة مساعدات إنسانية تحمل أغذية ومستلزمات صحية تكفي لنحو 7200 شخص، إلى منطقة النشابية في الغوطة الشرقية، وفق ما أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في تغريدة على «تويتر». وأوضحت المتحدثة باسم المكتب ليندا توم، لوكالة «فرانس برس»، أن القافلة تحمل «مواد غذائية وأدوية لمكافحة سوء التغذية... وتتضمن المواد الصحية عدداً من أدوية علاج الصدمات، لكن لا معدات جراحية». ولفتت إلى أن «فرقنا ليست تابعة لأيّ مبادرة للإجلاء الطبي».
وبعيداً عن جنيف، التأم مجلس الأمن القومي التركي بحضور الرئيس رجب طيب أردوغان، أمس، وبحث عدداً من القضايا الحساسة ضمن الملف السوري، وخاصة الوضع في منطقة عفرين وملف التسليح الأميركي للأكراد في الشمال السوري. وأثنى المجلس في بيان صدر عقب الاجتماع على «نجاح مهمة المراقبة» للقوات المسلحة التركية في منطقة «تخفيف التصعيد» في محافظة إدلب السورية. ولفت البيان إلى «إمكانية تحقيق مناخ الاستقرار والأمن عبر تنفيذ مهمة المراقبة في غرب حلب، وقرب مدينة عفرين». وأكد على مواصلة تركيا اتخاذ جميع التدابير اللازمة، ولا سيما في المنطقة الحدودية، من أجل ضمان أمنها. وقال إن «مساعي «حزب العمال الكردستاني/ وحزب الاتحاد الديموقراطي» الإرهابية بتغيير البنية الديموغرافية لسوريا، من خلال القيام بتطهير عرقي سري والاستحواذ على أراض إضافية، تتعارض مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان». وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، قد قال إن الاجتماع سوف يقيّم التصريحات الأخيرة لوزارة الدفاع الأميركية بشأن «مواصلة تعاونها مع «حزب الاتحاد الديموقراطي».
(الأخبار)