دمشق | بعض الأشخاص يحققون حضورهم برقيّهم وسلوكهم الإنساني الشفّاف، قبل منجزهم الإبداعي. هذا ما تفعله المخرجة السورية سهير سرميني (الصورة)، على الأقل من خلال علاقتها بزملائها وفريق عملها. المهندسة المعمارية التي تركت أبواب مكتبها مفتوحة لمن يود مذ كانت مديرة للقناة الأولى في التلفزيون السوري، ثم مديرة القناة الفضائية.
خلّفت من خلال المناصب الإدارية التي تسلّمتها في الإعلام السوري أثراً سيصمد طويلاً بعدما صممت ونفّذت الاستديو الزجاجي الذي يطلّ على «ساحة الأمويين» و«جبل قاسيون». كادت أثناء التنفيذ أن تدفع ثمناً باهظاً عندما سقطت قطعة ديكور كادت أن تصيبها بأذى كبير. على مدار سنوات الحرب، شكّل هذا الاستديو كلمة مفتاحية لإيصال رسالة الشام البليغة التي كانت ترد على وقاحة القنوات الفضائية التي حرّضت على الدماء السورية. مفادها أن دمشق تعيش رغماً عن الحرب، وذلك من خلال النقل الصباحي المباشر من الاستديو الذي يلتقط على خلفية المشهد الإيقاع الحياتي ضمن الساحة الأشهر في أقدم عاصمة تاريخية! بعد إعفائها من مسؤوليتها في التلفزيون، تفرّغت سرميني لمشروعها الإخراجي، إذ أنجزت ثلاثيات تلفزيونية وأكثر من فيلم سينمائي، آخرها شريط «عرائس السكّر» (روائي طويل ــ كتابة ديانا فارس ــ إنتاج المؤسسة العامة للسينما. بطولة: سلمى المصري، والطفلة مروة الجابي، وغادة بشّور، ولمى الإبراهيم، ونجلاء خمري، وعدنان أبو الشامات، وعربي غيبة، والمغني سامر كابرو). سيقدّم الفيلم اليوم خلال عرض خاص بدعوة وتعاون بين مؤسسة «أحفاد عشتار» و«وزارة الثقافة» في صالة «سينما كندي دمشق» (س:17:00). يستمد الشريط خصوصيته من خلال توغّله في قضية إنسانية شائكة لم تأخذ حقها من الرصد الدرامي والاشتباك الحكائي. إذ يتناول قصة طفلة في الـ 13 من عمرها مصابة بـ «متلازمة داون»، ليضيء على مرحلة مهمة من حياتها، و هي فترة البلوغ، وظروفها الحساسة، ومن ثم صدمة تعرّضها للاغتصاب. كل ذلك، في قالب درامي نيّته إيصال رسائل إنسانية ومجتمعية هادفة، ونشر الوعي إزاء ضرورة الاهتمام بهؤلاء الأطفال. في السياق نفسه، تحضّر صاحبة «لكلّ ليلاه» لانطلاق تصوير مسلسلها الجديد «رائحة الروح» (تأليف أيهم عرسان، وإنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني»). في تصريح لـ «الأخبار»، تشير سرميني إلى أنّها تتجه نحو «دراما مجتمعية خاصة، تبتعد عن المقولات الكبيرة لصالح تصدير شكل جديد في الحديث عن المجتمع السوري، بالاتكاء على مقترح حكائي يطرح قصص مجموعة عائلات سورية متباينة من حيث ظروفها المادية». إذاً، يقوم العمل على لبنة أساسية وهي الفارق الطبقي بين مجموعة أسر سورية ليركّز على سوية العلاقات بين هذه العائلات، والشكل الذي يحكمها بناء على الاختلاف الطبقي بينها. هكذا، سنكون أمام سرد تقليدي لمعرفة الفجوات التي تتحكم بالتركيبة المجتمعية السورية التي أفرزتها السنين الأخيرة، من مدخل اقتصادي بحت بعيداً عن السياسة والحرب.