إسطنبول | عشية «القمّة الثلاثية» في مدينة سوتشي، جاءت الزيارة المفاجئة للرئيس السوري بشار الأسد، بلقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتثبت أهمية القمة بين بوتين والرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والإيراني حسن روحاني.
إردوغان استمر أمس في هجومه على الولايات المتحدة، متسائلاً «لماذا تواصل واشنطن إرسال الأسلحة والمعدات الحربية إلى الشمال السوري، بالرغم من القضاء على تنظيم داعش في سوريا والعراق؟»، واصفاً الموقف الأميركي بـ«العمل العدواني السافر»، لأنه «يدعم أكراد سوريا». وقد أبدى الرئيس التركي تمسّك بلاده بـ«حق الرّد على أيّ عملٍ استفزازي أو عدواني مصدره الشمال السوري». أما الإعلام الموالي لإردوغان، فقد شنّ بدوره هجوماً عنيفاً على واشنطن، متهماً الإدارة الأميركية بـ«التآمر على تركيا، من خلال دعم فتح الله غولن وإجبار المواطن التركي (المعتقل في الولايات المتحدة بتهمة الفساد) رضا زراب بالإدلاء بمعلومات مهمّة عن علاقاته بالمسؤولين الأتراك».
بدورها، اعتبرت الأوساط السياسية والدبلوماسية هذه القمّة، وفي هذه الحالة، «ضرورةً ملحة» كاللقاء الثنائي، الذي جمع بوتين وإردوغان، الأسبوع الماضي، حين بحثا في التفاصيل الخاصّة بسوريا، وتحديداً إدلب وعفرين، والميليشيات الكردية، و«قوات سوريا الديموقراطية»، الأمر الذي يفسّر تصريحات أنقرة خلال الأسبوع الماضي، إذ أكّد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو على ضرورة البحث في المزيد من التفاصيل الدقيقة عن سوريا، وبشكلٍ خاص الحلّ النهائي في إدلب، بعد حسم أزمة عفرين.
وترى أنقرة في عفرين أهمية كبرى تفوق أهمية إدلب، إلى جانب اعتراف دمشق الضروري ببعض الحقوق للمكوّن التركماني، وإشراك المعارضة السياسية والعسكرية (المدعومة منها) في السلطة بشكل فعّال وبأقرب فرصة، وهو ما أكّد عليه إردوغان، نهاية الأسبوع الماضي، وقبل أيّامٍ من لقاء وزراء خارجية: تركيا، إيران وروسيا في مدينة أنطاليا التركية.
ونقلت مصادر صحافية، عن هذا اللقاء، اتفاق الدول المذكورة على مواجهة أيّ مخطّطٍ أميركي في الشمال السوري، ومنع أيّ توتّرٍ خطير في المنطقة مع استمرار التوتر السعودي - القطري، والاستفزازات السعودية في لبنان وضد حزب الله.
وتتوقع الأوساط الدبلوماسية أن تضع «القمّة الثلاثية» النقاط على الحروف في ما يتعلّق بالعلاقات بين الدول الثلاث، وإعادة بناء الثقة في ما بينها، وخاصّةً إيران وتركيا؛ وبالتالي توضيح الصورة النهائية في سوريا، ومستقبل الوجود العسكري التركي في الشمال السوري وإنهائه، وذلك بعد اتفاق الدول الثلاث على خطّة مشتركة لمواجهة أي مشروعٍ أميركي هناك، الأمر الذي بحثه جنرالات الجيش الروسي مع الأسد.
وتتوقع المعلومات، أيضاً، توتراً خطيراً بين أنقرة وواشنطن، بسبب محاكمة زراب بقضايا فساد خطيرة، مع رفض الأميركيين تسليم غولن لتركيا، ما قد يدفع إردوغان إلى تكثيف تنسيقه وتعاونه مع روسيا، ومعها إيران. إذ يراهن الكثيرون على موقف أنقرة المستقبلي ضد واشنطن، و«حلف شمالي الأطلسي» مع استمرار تقارب إردوغان وبوتين، وهو ما أوضحه بعزم تركيا على بناء المفاعلات النووية، وفق ما تم الاتفاق عليه مسبقاً مع روسيا.