للأسبوع الثاني على التوالي، يحشد برنامج «كلام الناس» على lbci، أكبر مساحة تفاعلية على الشبكة العنكبوتية. إذ اثارت حلقة الخميس الماضي عاصفة مع ظهور الصحافيين السعوديين عضوان الأحمري، وإبراهيم آل مرعي، وإتهام الأخير لرئيسي الجمهورية والمجلس النيابي بأنهما «شريكا حزب الله في الإرهاب». وهنا، تحرك وزير العدل سليم جريصاتي وأرسل كتاباً الى النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود، لما اعتبره «كلاماً إتهامياً»، يقع موقع «التحقير والإفتراء الجنائي»، ويمس بـ «هيبة الدولة والشعور القومي» (الأخبار 11/11/2017).
هذا الكلام، خصص له الإعلامي مرسيل غانم 16 دقيقة، من وقت برنامجه، ضمن إستهلالية تلاها أول من أمس، على الهواء. استهلالية توجهت إلى الرأي العام اللبناني على حد تعبيره. وسرد غانم ما حصل معه، عقب حلقته الماضية، وطلب القاضية غادة عون التحري بشأن هويته وهوية المدير المسؤول في lbci جان فغالي، الى جانب الصحافيين السعوديين المذكورين آنفاً. اعتبر غانم أنّ هذه الإجراءات التي طلبها وزير العدل، معروف الى «أين يراد أخذ الملف». الإعلامي اللبناني رفض المثول أمام مكتب التحقيق والتحري، لأنه كما قال «ليس مجرماً ولا تاجر مخدرات»، بل هو «مناضل» منذ أكثر من 25 عاماً في مجال الإعلام، وقضى 10 سنوات في السلك القانوني. واعتبر أن ما يحصل يندرج ضمن «المحاسبة على النوايا»، بما أن ضيفيه أدليا بآرائهما فقط، من دون الحاجة لأن يكون المحاور «طرفاً يتولى مهمة الدفاع». وفي نهاية هذه المقدمة، اتهم غانم القضاء اللبناني، بمحاولة «تدجينه»، وهذا برأيه ما لم يحصل في «الزمن السوري».

إذا أخطأ الإعلامي، تحاسبه الهيئات النقابية المختصة


إستهلالية إنقسم الرأي العام تجاهها، بين من اعتبر أن مرسيل لم يقم بدوره في الحلقة السابقة، وبين من اعتبره بطلاً و«عملاقاً في زمن الأقزام». وكان لافتاً، حفلات التضامن مع مرسيل من شخصيات سياسية، من وليد جنبلاط، الذي اعتبر أن «حرية الصحافة والإعلام فوق كل إعتبار»، رافضاً كل ما يجري مع ما وصفه بـ «الصديق»، مرسيل غانم. وأرفق تغريدته بعبارة «لا للقوى الظلامية». كما غرّد رئيس حزب «المردة» سليمان فرنجية، قائلاً: «من عمل لحماية حرية رئيس حكومتنا، لا ننتظر منه الا حماية حرية الإعلام»، وصولاً الى وزير الإعلام ملحم رياشي، الذي أكدّ أن «الإعلام حرية مقدسة». وأرفق رياشي هذه التغريدة المقتضبة، ببيان لاحق، تعليقاً على حلقة «كلام الناس» أول من أمس، اعتبر فيها أن «الظرف لا يسمح بأن نضيّع البوصلة، ونتلهى بما أسماها بـ «المهاترات»». رياشي توجه الى وزير العدل سليم جريصاتي، ليعلن أن هناك «آلية متبعة بخصوص الإعلام» تنفذها وزارة الإعلام و«المجلس الوطني للإعلام». كلام ردّ عليه المستشار الإعلامي والسياسي لرئيس الجمهورية جان عزيز، فتوجه الى وليد جنبلاط بالقول «برسم الزعيم وليد جنبلاط: يوم اشتبهت في أنّ أحد مساعديك اختلس منك اموالاً، لجأت إلى القضاء، فقبع في السجن ثلاث سنوات بدون حكم ولا محاكمة». وأضاف: «وقبل أسبوع، خرج اثنان ليتّهما رئيس الجمهورية بأنه إرهابي وأنّ لبنان دولة إرهابية، فلجأت الدولة إلى القضاء نفسه لكشف الحقيقة لا لسجن أحد، فهل لدى الأستاذ جنبلاط نصيحة بوسيلة أخرى غير القضاء لتعتمدها الدولة؟». بعدها اتجه نحو «القوات» ووزير الإعلام بشكل خاص بسؤال: « ماذا يفعل حزب «القوات اللبنانية» حين يتعرض له أحد في الإعلام؟ هل يلجأ إلى القضاء أو الى المجلس الوطني؟». في موازاة ذلك، أصدر «نادي الصحافة» بياناً، اعتبر فيه أن الإعلام والإعلاميين يمارسون دورهم وليسوا مسؤولين عما يتفوه به الضيوف، وأن لهذا الإعلام «قدسية»، يحاول «بعضهم تشويهها في محاولة للحد من حرية الإعلام والرأي». واعرب عن تضامنه مع غانم والمدير المسؤول في lbci، جان فغالي، داعياً في الوقت عينه الى «تعزيز حرية التعبير التي من دونها يصبح لبنان مرتعاً لممارسة الديكتاتورية».
رفض تدخّل القضاء السياسي جملة كررها بعضهم، معتبرين أنّه إذا أخطأ الإعلامي أو الوسيلة الإعلامية، فيجب أن يحاسب من قبل الهيئات النقابية المولجة بذلك، لا أن يكون رهينة للصراعات السياسية لكل مرحلة.