بينما تتحدث وسائل إعلام أميركية عن انتهاء الخطة التي أعدّتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لتسوية القضية الفلسطينية، يواصل الفلسطينيون ببطء تنفيذ بنود اتفاق المصالحة، في وقت تترقب فيه حركة «حماس» صرف أنصاف رواتب لموظفي حكومتها السابقة الشهر المقبل، وسط حديث سياسي عن رفض إسرائيلي لتحويل أموال من السلطة إلى حساب هؤلاء الموظفين.
وفي احتفال شعبي إحياء لذكرى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في غزة أول من أمس، قال رئيس السلطة، محمود عباس، في كلمة، إنه لا بد للمصالحة من وجود «سلطة واحدة، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد... إضافة إلى التمكين الكامل للحكومة»، مستدركاً: «لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة».
وأضاف عباس أنه يعمل مع ترامب والقوى الدولية المعنية من أجل «التوصل إلى اتفاق سلام»، مشترطاً أن يكون الاتفاق «وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وحل الدولتين، على أساس حدود 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين». كما قال في كلمة أخرى خلال افتتاح «المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني»، في العاصمة الكويتية، أمس، بتنظيم من جامعة الدول العربية، إن «دولة فلسطين تمضي في بناء مؤسساتها وفقاً لسيادة القانون... لهذا انعكاساته وآثاره الإيجابية الواسعة في تحسين حياة الأسرة والأطفال، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على حدود 1967».
في هذا السياق، علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية أن عباس أبلغ المسؤولين في السلطة أن صورة التسوية المقبلة لن تكون في إطار حل الدولتين، إنما دولة واحدة مشتركة مع الإسرائيليين، لكن دون أن تعلن أنها يهودية، إنما «دولة ديموقراطية»، وأن الأميركيين بعد تخليهم عن دعم «حل الدولتين»، يتجهون إلى هذا الحل. لكن هذه «الدولة الديموقراطية» المشتركة التي ستحكم فيها السلطة المناطق المعطاة لها وفق اتفاق أوسلو ضمن حكم ذاتي، لن يمكنها السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إليها.

يسير تطبيق بنود المصالحة ببطء في انتظار مصير رواتب الشهر المقبل

كذلك، أعلم أبو مازن من حوله أن حركة «حماس» تعهدت خلال مباحثات القاهرة الأخيرة بألا تعترض على أي تسوية تتوصل إليها السلطة، وألا تنفذ عمليات لإحباطها مثلما كانت الحال أيام اتفاق أوسلو (1993 ــ 1995).
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد قالت إن فريق ترامب أقدم على وضع خطة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي تتخطى كل المبادرات الأميركية السابقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البيت الأبيض أنه بعد 10 أشهر من الزيارات والاتصالات، بدأ فريق العمل الذي كلفه ترامب مرحلة جديدة هي تحويل ما تمكنوا من معرفته إلى خطوات ملموسة تمهد لـ«صفقة نهائية» تتطرق إلى نقاط الخلاف القائمة كوضع القدس والمستوطنات في الضفة المحتلة.
لكن «نيويورك تايمز» قالت إن الخبراء يتوقعون أن يبقى سيناريو «حل الدولتين» قائماً، وخاصة أن المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، قال إن واشنطن لا تنوي فرض خطتها على الأطراف المعنية ولا وضع «جدول زمني مصطنع»، علماً بأن مسؤولين آخرين قالوا إن هذه الصيغة لن ترى النور قبل بداية العام المقبل.
مع ذلك، قالت الصحيفة إنه «لا (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو ولا عباس في موقف جيد من أجل التفاوض»، فالأول تواجهه تحقيقات الفساد وضغوط من اليمين ضمن تحالفه الضيق من أجل عدم تقديم أي تنازلات، فيما يواجه الثاني معارضة داخلية.
أما بالنسبة إلى «حماس»، فإن مسؤولين فيها قالوا إن جزءاً من التعهدات التي قدمتها الحركة في القاهرة «مرهونة بالظروف»، وإنها لم تشأ أن تعرقل التوافق بسبب هذه الشروط، وخاصة أن تقديراتها تشير إلى أن الإسرائيليين لا يريدون أي اتفاق بأي صيغة مع السلطة، ما يعني أنه «ليس من الضروري تقديم موقف ضد شيء لم يحدث بعد». وبشأن مشكلة الرواتب، أكد هؤلاء المسؤولون أن الحركة كما التزمت اتفاق المصالحة، يجب على بقية الأطراف، المشاركين والضامنين، أن يوفوا بالتزاماتهم، وأنها ليست مسؤولة عن صرف الرواتب للموظفين بدءاً من هذا الشهر.
وعن استمرار عدد من إجراءات السلطة «العقابية»، رغم قدوم عدد من الوزراء والمسؤولين من حكومة «الوفاق الوطني» لتسلّم مهماتهم طوال الأسبوعين الماضيين، قال نائب رئيس «حماس» في غزة، خليل الحية، إن على رام الله أن «ترفع العقوبات عن غزة»، داعياً في الوقت نفسه إلى السماح للحمساويين بإقامة مهرجان في ذكرى انطلاقة الحركة (14 كانون الأول المقبل) في الضفة المحتلة، كما سمح بذلك لـ«فتح» في القطاع. وطالب الحية بـ«ضرورة العمل وفق الشراكة السياسية في الضفة الغربية وغزة، وأن يشعر كل مواطن فلسطيني بالمصالحة».
(الأخبار)