في ظل حفلة الجنون التي تضرب السعودية منذ السبت الماضي، أمر ولي العهد محمد بن سلمان باعتقال أصحاب ثلاث إمبراطوريات إعلامية مع عشرات الأمراء والوزراء الحاليين والسابقين. وفيما ينتظر الأمير الوليد بن طلال مالك قنوات «روتانا» ووليد الإبراهيم صاحب شبكة mbc وصالح كامل مالك محطات art مصيرهم، بدأت انعكاسات الواقع الجديد تظهر على مؤسساتهم والمشهد الإعلامي. تعتبر mbc الأكثر تأثّراً بالمتغيّرات بما أنّها تُحكم سيطرتها في ظل تراجع شهرة قنوات «روتانا» في السنوات الماضية واقتصار شعبية art حالياً على مصر.
في زحمة السيناريوات والتوقعات حول المسار الذي تتخذه الأوضاع في المنطقة، سلّط الإعلام الأجنبي أخيراً الضوء على مصير المؤسسات المملوكة من «حيتان الإعلام» في حال وضعها تحت السلطة الرسمية من جهة، وعلى الوليد بن طلال كونه الحليف الأساسي لتايكون الإعلام الأسترالي ــ الأميركي روبرت مردوخ الذي يمكلك شركات ضخمة أهمّها «نيوز كورب» و 21st Century Fox من جهة ثانية.

تحدّثت كريستين ديوان من «معهد دول الخليج العربية» في واشنطن للـ «فايننشال تايمز» عن نيّة بن سلمان «الواضحة للسيطرة على الإعلام بالتوازي مع إحكام قبضته على مفاصل الدولة والاقتصاد»، معتبرة أنّ المسألة «مقلقة وتزيد المخاوف حول تكريس إعلام الرأي الواحد، من دون أدنى حدّ للتنوّع في الآراء والتغطية»، لا سيّما أنّ المؤسسات الخاصة تتمتع بهامش أكبر من الحرية لناحية البرمجة تجعلها أكثر جاذبية للمشاهدين والمعلنين. لكن بما أنّ هذا المبدأ لا ينطبق على السياسة، «يرجّح محلّلون أنّ السلطات ستُحافظ على هيكلية وطبيعة عمل هذه المؤسسات طالما أنّها تخدم مصالحها». في هذا السياق، قال صحافي مخضرم في mbc إنّ القنوات «تلتزم سياسة المملكة بغض النظر عن هوية المالك. لا نيّة لكسر هذه القاعدة، كما أنّ هذا ليس منطقياً من الناحية الاقتصادية. نحن جزء من وسائل الإعلام التي تقدّم للعالم صورة عن التغييرات الإيجابية التي تحصل في بلادنا... جميعنا في مركب واحد». أحد الموظفين في «روتانا» أيّد هذا الرأي، إذ رأى أنّ نقل الملكية إلى الدولة «أفضل من الإقفال الذي سيكون كارثياً بالتأكيد».
الصحيفة البريطانية تواصلت أيضاً مع عاملين في «روتانا» وmbc قالوا إنّهم تلقّوا رسائل إلكترونية هذا الأسبوع تؤكد أنّ عملهم «سيستمرّ كالعادة»، مشددين على أنّ شعوراً غريباً ينتابهم لدى إعداد تقارير عن «قضايا فساد يتّهم فيها وليد الإبراهيم والوليد بن طلال»، معبّرين أيضاً عن خوفهم من عدم الحصول على رواتبهم في حال تجميد حسابات الثنائي المصرفية. غير أنّ هذه الهواجس تبدّدت مرحلياً بعد الإعلان الثلاثاء الماضي عن تجميد الحسابات الشخصية فقط في انتظار استكمال التحقيقات.
من جهة ثانية، كشفت وكالة «بلومبيرغ» أنّ أسهم الوليد بن طلال في 21st Century Fox صارت «صفراً» في 30 أيلول (سبتمبر) 2017، بعدما انخفضت من أكثر من 6 في المئة إلى 4.98 في المئة في كانون الأوّل (ديسمبر) 2015. سبب البيع وهوية الشاري لا يزالان مبهمين، إلا أنّ صحفاً أجنبية، على رأسها الـ «غارديان» البريطانية، رأت أنّ الموضوع أفقد مردوخ «حليفاً أساسياً كان يثبّته على رأس مجلس الإدارة». يأتي ذلك قبل الاجتماع الذي يعقده المساهمون في 21st Century Fox الأسبوع المقبل في محاولة للسيطرة على المؤسسة التي تشمل «فوكس سيرتش لايت بيكتشرز»، و«فوكس نيوز»، و«سكاي»، و«إنديمول»، و«ناشونال جيوغرافيك». بناءً على ذلك، أشارت صحيفة «ذا سيدني مورنينغ هيرالد» إلى أنّ خسارة الأمير (الوليد) قد تفسّر أيضاً الأنباء التي جرى تداولها هذا الأسبوع حول محادثات جرت بين 21st Century Fox وشركة «والت ديزني» حول نيّة الأولى بيع غالبية أسمهما للثانية، وبالتالي الابتعاد عن صناعة الترفيه لصالح التركيز «حصراً على الأخبار والرياضة»، لا سيّما أنّها تواجه صعوبات في مجاراة مؤسسات مثل «أمازون» و«نتفليكس». علماً بأنّ صحيفة «نيويورك تايمز» نقلت عن نجل روبرت، جيمس مردوخ، قوله إنّ «المحادثات تتم مع «سكاي»... نأمل أن تكتمل الصفقة في منتصف العام المقبل بعد الحصول على الموافقة القانونية في بريطانيا».