قضية احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري من قبل السلطات السعودية أثارت، منذ اليوم الأول، اهتمام الصحف الغربية، لا سيّما أنّ إعلان استقالة الحريري سعودياً تزامن مع حملة التوقيفات التي طالت أمراء من العائلة الحاكمة ورجال الأعمال. وقد وضعت مُعظم المقالات التي نُشرت استقالة الحكومة اللبنانية في إطار نقل المواجهة مع إيران إلى لبنان، ووجود قرار سعودي بتفجير البلد.
أمس، نشرت «لو موند» الفرنسية مقالاً بعنوان «التحالف الخطير بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية»، ربطت فيه بين إعادة صياغة الوضع الحالي في الشرق الأوسط، وبين التحالف الجديد بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة «التي يجمعها الكره للنظام الإيراني، ورغبتها في الحدّ من سيطرته على المنطقة». انطلاقاً من هنا، عمدت السعودية إلى «رفع درجة التوتر من خلال إجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على تقديم استقالته». وذكّر المقال بأنّ الحريري «أدان، في خطاب مكتوب قرأه بنبرة خالية من أي تأثر، تدخلات حزب الله وراعيه الإيراني في بلاد الأرز».
أما «إندبندنت»، فتناولت بيان كتلة تيار المستقبل أمس، والذي شدّد على ضرورة عودة الحريري لاستعادة كرامة لبنان واستقراره. واعتبرت الصحيفة البريطانية أنّ البيان «الذي قرأه رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، بدا كأنّه إشارة إلى أنّ الحريري مُحتجز في السعودية خلافاً لإرادته».
وكانت «نيويورك تايمز» قد وصفت، أول من أمس، استقالة الحريري بالقرار «الخطير». ورأت أنّها ستكون لها تبعات أكبر من أن يتحمّلها لبنان، «فغالباً ما يُفجّر الاحتقان توترات أمنية، إما عبر اغتيالات، وإما عبر مواجهات مسلحة». ونقلت الصحيفة في مقالٍ لها عنوانه: «أين سعد الحريري؟ لبنان يريد أن يعلم»، عن مايكل يونغ (محرّر مدوّنة ديوان في كارنيغي المعنيّة بشؤون الشرق الأوسط، ومعروف بعدائه لحزب الله)، قوله: «لا أعتقد أن الحريري موجود كرهينة في المملكة، لكن إقامته هناك بشكل غريب شكّلت عاملاً لتأكيد ما يعرفه اللبنانيون، بأن سلطة الحريري سببها السعودية، وهو رهينتهم طوال الوقت».
وأعادت «ديلي مايل» البريطانية التذكير بما كتبه الباحث في «كارنيغي» جوزف باحوط قبل استقالة الحريري، عن أنّ «السعودية تسعى إلى إيجاد سبل للتعويض عن فقدانها سوريا، كساحة يُمكن أن تتحدى منها إيران. ولديها (السعودية) رغبة في استعادة موطئ قدم لها في لبنان».
ونشرت «لو بوان» الفرنسية تقريراً عن الاستقالة، متسائلة عمّا إذا كانت مقدّمة لحرب جديدة من خلال ربطها بما يحصل في سوريا وتراجع الدور السنّي في المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أنّ «استعادة دير الزور من قبل الجيش السوري، بمساعدة حزب الله، كانت تتويجاً لنجاح المشروع الإيراني، بالتزامن مع تهميش الدور السنّي في عدد من الدول العربية. وقد رفض السعوديون رؤية لبنان يقع بيد إيران من دون تحريك ساكن». ورأت أن «السعوديين يأملون أن يتعثر حزب الله وحلفاؤه في البحث عن استقرار حكومي، أو فرض ذلك بالقوة، عندها قد تندلع حرب جديدة».
من جهتها، نقلت «لو فيغارو» الفرنسية عن محللين قولهم «إن قرار الاستقالة جاء في أعقاب ضغوط كبيرة مارستها السعودية التي تريد أن تنقل نطاق المواجهة مع إيران إلى لبنان. ومما لا شك فيه أن ذلك سيُسهم في إغراق الأخير في مزيد من الاضطرابات السياسية». وفيما لفتت «لو موند» إلى أنّ «الأزمة السياسية في لبنان قد تفتح مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل»، رأت أنّ «كل شيء في لبنان بات مهدداً، الاقتصاد والانتخابات والنفط والغاز».
أما صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية، فنشرت تقريراً عن الاستقالة بعنوان «ما الذي كسبته السعودية، وقد يخسره لبنان؟»، معتبرة أنّ «الاستقالة هي تضحية بحياة الحريري السياسية، ما سيخلق صعوبات سياسية واقتصادية يمكن أن تدمر استقرار لبنان». ورأت أن «الاستقالة لن تُغيّر في موقف حزب الله إقليمياً»، لكنها «حطّمت الحياة السياسية التي استعادها لبنان قبل عام، عندما وافق الحريري على تسمية مرشح حزب الله، ميشال عون، للرئاسة».
«فايننشال تايمز» البريطانيّة وصفت ما تقوم به الرياض، بوضع «بيروت تحت الضغوط بسبب التسامح مع حزب الله». أما بالنسبة إلى الحريري، «فبعض الدبلوماسيين الإقليميين والحلفاء السياسيين يعتقدون بأنّه مُحتجز، وبنوعٍ من الإقامة الجبرية». وأشارت إلى أنّ الدفع ضدّ حزب الله «ليس خياراً سهلاً، فجناحه السياسي يُعَدّ من أقوى الأطراف اللبنانية، ولديه قوة عسكرية. كذلك، لن تسمح إيران بترك حليفها يتراجع، من دون قتال».
(الأخبار)