تعيش لعبة كرة السلة حالة من الانفصام. بطولة تسير وسط منافسة مشتعلة واتحاد مأزوم ومقسوم ومشلول، بغض النظر عن حال البطولة، فالأخيرة تعتبر أنديتها أم الصبي. الإنتاجية في العمل لا تقوم على إقامة بطولة فقط، بل على أمور أكثر بكثير تحتاج إليها اللعبة ولا تجد من يؤمنها في ظل الانقسام الاتحادي.
يعتبر البعض أن استضافة كأس آسيا وطريقة إدارتها هما اللتان فجرتا أوضاع الاتحاد وقلبتا التحالفات. لكن هذا قد يراه البعض تسخيفاً لتركيبة ولدت هجينة وغير متجانسة. تحالفات انتخابية بين أشخاص يعرفون بعضهم بعضاً تماماً ولهم تجارب سيئة عديدة سابقاً، ورغم ذلك تحالفوا. فالرئيس بيار كاخيا ونائبه رامي فواز كانا يعلمان تماماً طبيعة حلفائهما وخلفياتهما ولا يمكن أن يكونا قد نسيا أحداثاً عديدة حصلت معهما. في المقابل، يعلم حلفاء كاخيا من هو هذا الرجل وطريقة عمله وتفكيره، وبالتالي كانوا يعلمون في يد من يضعون أيديهم.
استضافة كاس آسيا حلمٌ لأي بلد. وكاخيا وإلى جانبه فواز كانا صادقين في نياتهما تجاه هذه الاستضافة. شخصان يتحمسان بسرعة ويذهبان بعيداً، لكن في بعض الأحيان أبعد من اللازم أو الممكن.
قد يكون هذا ما حصل في موضوع استضافة كأس آسيا وطريقة إدارتها. لكن من الصعب الاقتناع بأن كاخيا وفواز هما الوحيدان اللذان يتحملان مسؤولية الأخطاء التي حصلت.
تتكوّن اللجنة الإدارية للاتحاد من 15 عضواً، أحدهم وهو تمام جارودي استقال باكراً وابتعد عن الاتحاد. بقي 14 عضواً كانوا حاضرين في معظم جلسات اللجنة الإدارية في ما يتعلق بكأس آسيا وغيرها.
يحق لأربعة أعضاء أن يغسلوا أيديهم مما حصل، وهم: أكرم الحلبي، طوني خليل، جورج صابونجيان وباتريك لحود. هؤلاء رفعوا الصوت كثيراً وحذروا وعارضوا وخرجوا الى الإعلام. أما الباقون فهم شركاء في ما حصل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
يعترض الحلبي في حديث إلى «الأخبار» على هذه الفكرة، معتبراً أن البعض كان يتحفّظ كضومط كلاب وشربل رزق، لكن التحفّظ لا يعفي المتحفّظ من المسؤولية. فمن يتحفظ في هذه الحال كمن يضع يديه على عينيه إزاء أخطاء يسمع تفاصيلها، وخصوصاً إذا كانت من الحليف والشريك. وفي حال كان هناك اعتراضات، من الممكن التصدي لها بألف طريقة غير التحفّظ.
انتهت بطولة آسيا وانتهى معها الاتحاد. فمن يقرأ رسائل «الواتس أب» بين الطرفين ومستوى الحديث والعبارات المستعملة، إضافة الى تصريحات إعلامية بين من كانوا حلفاء في الأمس، يعلم أن الاتحاد قد مات ولم يبقَ سوى تحديد موعد الدفن.
وهنا بيت القصيد. متى موعد الدفن، ومن سيشرف عليه، ووفق أي مراسيم وبأي كلفة، ومن يبقى بعد الدفن، ومن يرحل؟
كلها أمور تتحكم في واقع الحال الاتحادي، وكل ما يحكى عن ساعات وعدٍّ عكسي قريب جداً وعن يوم ويومين فهو إما يتحدث عن موضوع آخر، أو لغاية في نفس يعقوب.
ما هي السيناريوات المطروحة؟
استقالة البعض أو إعادة توزيع مناصب أو استقالة الاتحاد؟ هو أحد هذه السيناريوات الثلاثة. كل له حيثياته وصعوباته، ومن يعود له القرار أو القادر على لعب دور العرّاب لا يزال متحفظاً على فتح بابه للأطراف المعنية التي تسعى إلى الجلوس وحلّ الموضوع.

ثلاثة سيناريوات للحل، أسهلها صعب ويحتاج لقرار من أصحاب القرار

بالنسبة إلى رأس الحربة أكرم الحلبي، الأمور محسومة. لم يعد هناك مكان لبيار كاخيا في الاتحاد. عليه أن يستقيل ويسدد ما لا يقل عن مليون دولار لسد جزء من العجز المتراكم من كأس آسيا البالغ 1.6 مليون، أو الذهاب الى القضاء حتى النهاية مع إعادة توزيع للمناصب. الأمر عينه ينطبق على رامي فواز بالنسبة إلى الحلبي. فبنظر رئيس الاتحاد المقبل، أن فواز يتحمّل مسؤولية في ما حصل بقدر كاخيا وأكثر.
لكن الأمور ليست بالسهولة التي يظنها البعض، سواء في ما يتعلّق باستقالة كاخيا وفواز أو في إعادة توزيع المناصب. المدير العام لوزارة الشباب والرياضة زيد خيامي التقى كاخيا وفواز ونصحهما بالاستقالة، وهو أكّد هذا الأمر لـ«الأخبار»، معتبراً أن الأمور لا يمكن أن تستمر رغم اقتناعه التام بأن كاخيا كان صادق النيات باستضافته كأس آسيا، لكن الأمور لم تسر وفق ما يريد.
وعُلم أن خيامي يفكّر بنادر بسمة بديلاً لفواز. لكن بسمة أبلغ «الأخبار» أنه ليس بوارد العودة الى همّ الاتحاد، وخصوصاً بعدما خبر طعم الراحة بعيداً عنه. وحين تكرر السؤال إذا ما كان جوابه نهائياً ولا يمكن أن يعود تحت أي ظرف، يضحك عضو الاتحاد السابق ويجيب «هناك شخص واحد لا أستطيع أن أرفض طلبه. أتمنى أن لا يتصل بي».
لكن بالنسبة إلى فواز، وفي اتصال معه، أكّد أنه ليس بوارد أن يستقيل لا هو ولا كاخيا، فالمشكلة ليست عنده، بل عند الطرف الآخر وهو في فترة مشاهدة لما يحصل.
السيناريو الآخر، أي إعادة توزيع المناصب، لديه حيثياته أيضاً. فليس هناك في نظام الاتحاد ما يشير الى إمكانية إعادة توزيع مناصب في الاتحاد. وهنا يبرز رأي يعتبر أنه في حال عدم إشارة النظام الخاص الى أي مسألة، فالعودة فيها تكون للنظام العام، الذي يتيح تغييراً في ظل موافقة ثلثي الأعضاء.
أمر يتبناه الحلبي ويوافق عليه خيامي، الذي يعتبر أن الجمعية العمومية انتخبت أعضاء اختاروا من بينهم رئيساً، وليس رئيساً وأعضاء.
الفريق الآخر يعتبر أن هذا مخالف للقانون وممكن الطعن فيه، لكن قبل ذلك يجب السؤال: هل هناك عشرة أعضاء جاهزون للتصويت على إعادة توزيع المناصب؟
هناك ثلاثة أعضاء محسوم أمر وقوفهم ضد إعادة التوزيع، وهم: كاخيا وفواز وروجيه عشقوتي، أضف إليهم تمام جارودي المستقيل وسليم فوال الذي ليس بوارد الدخول مع طرف في هذه الأزمة. إذاً، يبقى عشرة أعضاء وهو العدد المطلوب، فيأتي سؤالان بالغا الأهمية: الأول هو: هل يصوّت ياسر الحاج مع قرار بتنحية فواز عن نيابة الرئيس؟ والسؤال الثاني: هل يصوّت فرحات ممثل نادي الشانفيل مع قرار يوصل أكرم الحلبي الى رئاسة الاتحاد، في ظل كل ما بين الحلبي والشانفيل، وخصوصاً في هذه الفترة وفي ظل وجود ابراهيم منسى؟ سؤالان تجيب عنهما الفترة المقبلة وإن كان جوابهما معروفاً لكثيرين.
تبقى مسألة استقالة الاتحاد والذهاب الى انتخابات جديدة. هل الأطراف المعنية جاهزة؟ وهل الظروف الاقتصادية وعوز الأندية وحاجتها إلى المال والتجهيزات يسمح للممسكين بالجمعية العمومية أن يفتحوا على أنفسهم هذا الباب؟
كل السيناريوات معقّدة: من إعادة توزيع المناصب الصعبة، إلى استقالة كاخيا التي لا يمكن أن تحصل إلا مقابل ضمانات بأن يكون خروجه بأقل الخسائر، إلى استقالة الاتحاد حيث لا يمكن لمعظم الأعضاء تقديم استقالتهم إلا إذا ضمنوا عودتهم.
لكن في النهاية، لا بد من إيجاد حل، حيث من المفترض أن يتم تشغيل المحركات من قبل أصحاب القرار بدءاً من الأسبوع المقبل.




مخالفات عديدة

لا يكفيك صفحات لكتابة ما يفنده أكرم الحلبي من مخالفات مالية وإدارية وأكاذيب ووعود فارغة، كما يقول الحلبي. من العقود المبرمة من دون علم اللجنة الإدارية، الى الشركات الوهمية كشركة Beyond التي نظمت حفل الافتتاح مقابل 91.300 دولار، ولا وجود لهذه الشركة، وفق المعلومات التي حصل عليها من أنجليك كنج التي أرسلت الفاتورة الى الاتحاد، الى مطالبة مدير البطولة فادي تابت بمبلغ 92 ألف دولار بدل أتعاب له وللمتطوعين من دون وجود عقود، وخصوصاً أن كاخيا أبلغ الاتحاد بتطوع تابت، في حين أن الأخير يتحدث عن حقه بمبلغ 5 آلاف دولار شهرياً لخمسة أشهر، وهو في صدد إرسال إنذار الى الاتحاد.