تُخيّم على الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، إلى واشنطن، الأزمات المتراكمة بين البلدين، أحدثها الأزمة الدبلوماسية التي وقعت في 9 تشرين الأول على خلفية اعتقال تركيا لموظف في القنصلية الأميركية في إسطنبول، وليس أكثرها تعقيداً قطع التواصل القائم بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.
قد تكون الزيارة ذات طابع دبلوماسي، لكن هناك فريق اقتصادي يرافق يلديريم إلى نيويورك من أجل الترويج لفرص استثمار تركية في الولايات المتحدة. ومن الناحية الدبلوماسية، فإنّ أجندة الزيارة ستكون مشبعة مع وجود الكثير من الملفات المتراكمة التي لم يتم حلّها بعد بين الحليفين في «حلف شمال الأطلسي».
في غضون ذلك، أكدت مصادر حكومية لصحيفة «حرييت» التركية أنّ الزيارة يجري الإعداد لها منذ لقاء يلديريم وبنس في 18 شباط الماضي على هامش «مؤتمر ميونخ للأمن»، مضيفاً أنّ تقييماً حصل بشأن توقيتها، نظراً إلى المشاكل بين البلدين، وتمّ بعد ذلك اتخاذ قرار بأن من الأنسب المحافظة على المحادثات وعدم قطع التواصل كلياً.
وفق مصادر «حرييت»، فإنّ أول بند سيناقش هو مسألة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، المتّهم بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز 2016، والذي تريد أنقرة أن يُرحّل من الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك بند أكثر حساسية، يتمثّل في مسألة دعم الولايات المتحدة لـ«حزب الاتحاد الديموقراطي» في سوريا، الذي تعتبره أنقرة فرعاً من «حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً في تركيا. وقد سبّب تعاون الولايات المتحدة مع «الاتحاد الديموقرطي» ومدّه بالسلاح والتدريب غضباً في تركيا. ووفق ما كتب رئيس تحرير «حرييت»، مراد يتكين، أمس، فإن هذا الأمر دفع تركيا إلى التعاون بشكل أقرب مع روسيا وإيران على الرغم من بقائها في «التحالف الدولي» ضد «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا والعراق.

للزيارة طابع دبلوماسي، لكن هناك فريق اقتصادي يرافق يلديريم


من جهة أخرى، إنّ تركيا ليست الطرف الوحيد المستاء في العلاقة، إذ إنّ الولايات المتحدة أيضاً تطالب أنقرة بالإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون الذي يعيش في إزمير، والذي تعتقله السلطات التركية حالياً للاشتباه في ارتباطه بجماعة غولن، وهو أمر من المرجّح أن يناقشه الطرفان خلال زيارة يلديريم. وإلى جانب القس برانسون، هناك مسألة الموظفَين في القنصليتين الأميركيتين في تركيا، اللذين تمّ احتجازهما الشهر الماضي، وكان ذلك سبباً في الأزمة الدبلوماسية الحالية بين البلدين، والتي تطورت إلى درجة إيقاف الولايات المتحدة إجراءات منح تأشيرات الدخول للأتراك في كل قنصلياتها في تركيا.
في المقابل، هناك مذكرات توقيف في الولايات المتحدة بحق 13 تركياً، من بينهم حراس أردوغان الشخصيون الذين يشتبه في تسبّبهم في عمليات شغب في أيار الماضي ومواجهتهم لمتظاهرين أمام السفارة التركية في واشنطن. وهناك أيضاً مذكرة توقيف بحق وزير الاقتصاد السابق في حكومة أردوغان، ظافر شاغلايان، الذي يرد اسمه في فضيحة الفساد التي ظهرت عام 2013، والتي تتناول مسألة «قبض رشى من رجل الأعمال الإيراني الأصل، رضا زراب». إلا أنّ أردوغان ينكر التهم الواردة بحق أعضاء حكومته، ويعتبر القضية مفبركة من قبل جماعة فتح الله غولن. وبالنسبة إلى زراب، الذي يحمل كلتا الجنسيتين الإيرانية والتركية، فهو متهم في الولايات المتحدة بالتدبير لخرق العقوبات على إيران عبر تسهيله لصفقات «الذهب مقابل النفط والغاز» بين إيران وتركيا، وهو موقوف حالياً. ومن المؤكد أن قضية زراب ستطرح في لقاء يلديريم بنس، خاصة أنّ محاكمة في القضية ستعقد في 27 تشرين الثاني المقبل في نيويورك، مع الإشارة إلى أن أردوغان قد عبّر أكثر من مرة عن استيائه من القضية التي وتّرت العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
بصورة عامة، قد تسهم تلك الزيارة في تذويب الجليد بين الحليفين، لا سيما أنها تأتي بعد أسبوعين فقط من إلغاء وزير العدل التركي لزيارة كانت مقررة إلى الولايات المتحدة، مع حديث الأوساط الإعلامية التركية عن أن الولايات المتحدة لم تمنح تأشيرات دخول لبعض أعضاء الوفد المرافق له.
(الأخبار)