يُشاع أن حزب القوات يُحسن اختيار وزرائه. لكن عندما يتعلّق الأمر بانتقاء المرشحين إلى الانتخابات النيابية، تبدو خياراته غير صائبة. هكذا لم تجد معراب في قضاء بعبدا سوى وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي لتتبنّاه كمرشح أيضاً الى الانتخابات النيابية. قد يكون بو عاصي وجهاً مقبولاً في الوزارة، إلا أنه، وفقاً للمقرّبين منه ولبعض رؤساء بلديات المتن الأعلى، «غير صالح ليمثل البعبداويين» في المجلس. مأخذهم عليه أنه غير ناشط، لا في بلدته العبادية ولا في الجوار، ويكادون يجمعون على أنه لا يعرف اسم مختار واحد في الجرد. العتب هنا ليس على المرشح، بل على رئيس الحزب سمير جعجع. فبو عاصي يكرر على مسامع أصدقائه أنه يفضّل لعب دور الوزير، لكنه سيرضخ لقرار جعجع مهما كان. وفعلياً، لم يعد أمام معراب سوى التعلق بترشيح بو عاصي بعدما فقدت ورقتين قويتين هما رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى السابق ورئيس بلدية الشبانية كريم سركيس ورئيس بلدية الشياح إدمون غاريوس؛ فالأخيران مستقلان في قوى 14 آذار وكانا في صلب الماكينة التي خاضت انتخابات عام 2009 وحققت نتائج جيدة.
لكن تمسّك القوات ببو عاصي هذه المرة أفقدهما الحماسة، فلم يقدّما استقالتيهما ولا هما في صدد إطلاق ماكينة لمساندة القوات. وحالهما هنا كحال معظم رؤساء البلديات الذين شكّلوا سابقاً رأس حربة 14 آذار في وجه التيار الوطني الحر، لكنهم اليوم غير معنيين بتكرار الأمر، لا سيما أن الظروف تغيّرت وبات الرئيس السابق للتيار الوطني الحر، العماد ميشال عون، رئيساً للجمهورية. هذه الضربة الأولى للّائحة القواتية المفترضة، فيما الضربة الثانية هي في غياب الحماسة أيضاً لدى أيّ مرشح جدّي آذاري لخوض المعركة الى جانب معراب، لإدراكه أنه إذا كان من أمل للفوز بمقعد فسيكون لمصلحة مرشح القوات. وبالتالي لن ينخرط كثر في المعركة الخاسرة سلفاً، وهو ما ينقله المقربون من المرشح صلاح حنين، رغم بروزه في غالبية استطلاعات الرأي ومنافسته للنواب. لذلك تجد القوات نفسها اليوم من دون حليف في بعبدا «تتعكّز» عليه لبلوغ الحاصل الانتخابي، والمنفذ الوحيد أمامها هو التحالف مع الحزب الاشتراكي. هنا أيضاً عقدة أخرى، إذ تشير مصادر المختارة الى أن الحزب لم يحسم تحالفاته بعد، وأنه يعمل على تفادي معركة في القضاء عبر تسوية أوضاعه مع حزب الله لضمان عدم ترشيح النائب فادي الأعور مجدداً وفوز مرشحه الوزير أيمن شقير بطريقة تشبه التزكية. في حال صحّ ذلك، ستفقد معراب آخر أوراقها، خصوصاً أنه لا يبدو أن حزب الكتائب في صدد وضع يده بيدها وضمان مقعد مجاني لها، فيما يؤثر القواتيون في عاليه إزاحة النائب الكتائبي فادي الهبر للجلوس مكانه.
على المقلب الكتائبي، لا تزال الصورة غير واضحة، خصوصاً أن لا مرشح بارزاً حتى الساعة في القضاء، إذ اعتادت بكفيا دعم لائحة المستقلين، فيما اليوم لا لائحة فعلية لقوى 14 آذار. لذلك، من المرجّح أن تتجه أنظارها الى لائحة «المجتمع المدني». وحتى الساعة ينشط «حزب سبعة» في بعبدا للبحث عن مرشحين طموحين لتبنّيهم، شرط الانضمام الى صفوفه، فيما تقول مصادر بعبداوية إن مرشحاً بدأ ينشط أخيراً يدعى فادي صليبي، يلقى دعم تيار «المردة»، من دون أن يتضح ما إذا كان سيكمل حتى النهاية أم أن التداول باسمه محاولة لجسّ نبض الاحزاب، لا سيما القوات، وذلك بعد أن بات واضحاً أن التيار سيعيد ترشيح نوابه الثلاثة: ألان عون وناجي غاريوس وحكمت ديب.