صور الدمار الهمجي لمدينة الرقة، لم تثر أحداً. كأنّ ما حدث مجرّد ألعاب فوتوشوب. لو كان ما شاهدناه حصل في فيلم بعنوان «مدينة الأشباح» مثلاً، لاستحق سجالاً أعمق.
بقايا شوارع مهجورة، حيوانات ضالة، جسور محطّمة، وحكايات لن يرويها أحد. لا نعلم أين تبخّر أصحاب الرايات السود، وكيف دارت المعارك، وكم طناً من القنابل والصواريخ صنعت «هيروشيما» أخرى؟ هذا الصمت المريب حيال هذه المدينة الفراتية العريقة يدعو للأسى حقاً. لم تتسابق عدسات الكاميرات إلى هناك، لم نرَ قوافل الهاربين من الجحيم إلى عراء الصحراء. لا توثيق للجريمة، لا شهود على الهمجية، لا وقت للعقاب. ضباع تتناهش الفريسة بصمت. كأن نهر الفرات بلا ذاكرة، لا أنين لقصب الشواطئ، ووجع العتابا. هنود حمر وحسب. هكذا تسلّل المصور الفوتوغرافي عبود حمام إلى خرائب المدينة لتوثيق هذا الجحيم الدنيوي بمشهديات مفزعة، محاولاً تظهير صورة مدينة، كانت يوماً ما، بشوارع، وبيوت، وأسوار قديمة، تحميها من الغزاة. ولكن ماذا نفعل بالصور، وكيف نوثّق حشرجات الموتى، والعيون المطفأة لمن تبقّى على قيد العيش؟