لدى إعلانها عن القائمة الطويلة لـ «جائزة مان بوكر»، قبل أشهر، دعت رئيسة لجنة التحكيم الكاتبة البريطانية لولا يونغ الناشرين والكتاب البريطانيين «ألا يشعروا بالتوتر» لترشح أربعة أميركيين، وصل ثلاثة منهم إلى القائمة القصيرة هم بول أوستر وجورج ساندرز (الصورة) وإيميلي فريدلند.
خطاب تكرر خلال الإعلان عن فوز جورج ساندرز، مساء أول من أمس، بالجائزة البريطانية العريقة كثاني أميركي منذ أن أضحت الجائزة الأدبية متاحة أمام الروائيين الأميركيين عام 2014. إذ أكدت يونغ أننا «لا نعير اهتماماً لجنسية الكاتب. صدقاً إنها ليست قضية بالنسبة إلينا. نحن فقط مهتمون بالكتاب وبما يقوله لنا».
بعدما نالها الأميركي الأفريقي بول بيتي العام الماضي عن روايته «الخائن» وعوالمها التهكمية، ها هو القاص الأميركي يحصدها عن باكورته الروائية الطويلة «لينكولن في الباردو» (Bloomsbury)، بعدما تنافس مع الأميركيين إيميلي فريدلند (تاريخ الذئاب) وبول أوستر (4321)، والبريطانية فيونا موزلي (إلمت)، والباكستاني البريطاني محسن حميد (Exit West) والاسكتلندية آلي سميث (خريف). تستعيد الرواية قصة حقيقية من حياة رئيس الولايات الأميركية الراحل أبراهام لينكولن، تحديداً الليلة حين التي يدفن فيها ابنه ويلي البالغ 11 سنة في مقبرة واشنطن عام 1862. حمل ساندرز هذه الرواية لحوالي 20 سنة في رأسه، قبل نقلها إلى الورق. وفيها، ينهل من معتقدات البوذية، للدخول إلى عوالم الموت من وجه نظر الصبي الذي لا يتقبل الموت بيما ينتظر والده ليعود. هذه الرواية التجريبية، تشبه الكولاج، إذ يدخل فيها ساندرز عوالم وأساليب سرد مختلفة، من السيرة والوثائق التاريخية الحقيقية، والرسائل وأهمها الحوار الذي اعتمدت الرواية عليه بشكل أساسي. لطالما خيّم هاجس التجريب على أسلوب الكاتب الأميركي الذي دخل عالم الكتابة متأخراً، خصوصاً في مجموعاته القصصية القصيرة أولها CivilWarLand in Bad Decline عام 1996، وآخرها «العاشر من ديسمبر» (2013) التي حاز عنها جائزتي «فوليو» و«ستوري»، إلى جانب روايتين قصيرتين (نوفيلا) وكتاب صحافي. يغلب الطابع الشرير والعنيف على أحداث قصصه، التي يصطاد فيها بمهارة أعمق الانفعالات البشرية ضمن قالب تهكمي وأسود. أما سورياليته فطالعة من الحياة الأميركية العادية المعاصرة حيث أميركا مقسمة دائماً، إن لم يكن بسبب العرقية، فبسبب الطبقية، أو بفضل العلاقة الطاحنة بين الأفراد والمؤسسات وضرورات تجارية وإعلانية تنهك الشخصيات. بعد مناقشة دامت خمس ساعات، توصّل أعضاء لجنة التحكيم (الروائية سارة هال، والكاتبة الإيرانية الفرنسية ليلا أعظم سنغانه، والفنان توم فيليبس وكاتب الرحلات كولن ثوربن) أخيراً إلى اختيار ساندرز الذي نال الجائزة في احتفال أقيم في لندن. شدّد بيان الجائزة على أصالة الرواية والتأثير العميق الذي تتركه لدى القارئ، مؤكداً بأنه عمل استثنائي «يدمج بين اللحظات الداخلية والخاصة لأبراهام لينكولن، مع تلك العامة المتعلّقة بالحرب الأهلية الأميركية» كما أكدت يونغ.