بدأت قصة «كبابجي» رسمياً في أيلول من عام 1993. لكنّ الفصل الأول من فصولها كُتب قبل عشرات السنوات من هذا التاريخ، وتحديداً حين كان المؤسس «توفيق خويري» يبلغ من العمر خمس سنوات فقط. في تلك المرحلة المبكرة من حياته تعلّق «خويري» بالأكل «من خلال مساعدتي لأمي في تحضير الطعام في المطبخ» كما يقول. الأمّ كانت معلمته الأولى، ومنها تعلّم «أن الأكل شكل من أشكل التعبير عن الحب. وهو ما سعيتُ إلى تقديمه للزبائن.
مائدة فيها الكثير من العاطفة والرعاية، تُشبع الروح قبل أن تشبع المعدة». من مدرسة الأم، حطّ مؤسس «كبابجي» في سويسرا حيث درس الفندقية لينقل معارفه من إطار الهواية إلى العلم، من الفطرة إلى التخصّص.

مطعم بلا طهاة

يعتمد «كبابجي» على منظومة عمل فريدة من نوعها، هي الوحيدة من نوعها في لبنان بحسب «خويري» وهي «الأساس في نجاحه وجاذبيته وقدرته على النمو والتوسع في الخارج». فعلى الرغم من أنّ المنطق البديهي للأمور يفرض أن يضمّ أيّ مطعم طاهياً إلا أن كبابجي مطعم بلا طهاة، يستند إلى طريقة إنتاج متكاملة ومدروسة تشمل جميع العاملين وفق وصفات ونكهات موحّدة في جميع فروعه في لبنان والخارج.
يشرح «خويري» أن «النكهات في كبابجي لا تتبدّل. فلا مجال هنا لاختراعات الطهاة وتجاربهم. فأيّ طبق يحمل نفس النكهة على الدوام في جميع الفروع كون النكهات والمقادير لا تتبدّل». قد يكون الالتزام بالمقادير سهلاً نسبياً، لكن الأصعب هو الحفاظ باستمرار على النكهة ذاتها وأينما كان.

يطمح كبابجي إلى
أن يصل عدد فروعه في بريطانيا إلى 50

والسرّ وراء هذا الثبات يكمن في أن النكهات «يتم تصنيعها وتركيبها في ألمانيا في أهم شركة عالمية في هذا المجال وفق مقادير محددة وُضعت بعد سلسلة طويلة من التجارب والأبحاث على مدار سنوات بما يضمن فرادتها. وبالتالي تصل النكهات جاهزة من ألمانيا مباشرةً وتُوزّع على جميع الفروع في لبنان وخارجه».

الأكل أخلاق

يشدد «خويري» على أن «كبابجي» ومنذ اليوم الأول التزم بتقديم الأكل السليم لزبائنه «وذلك يعود إلى قناعاتي الذاتية والفلسفة التي أؤمن بها والتي تتحكّم بطريقة تعاملي ونظرتي للأمور. فأنا مؤمن بالـ «كارما»، وبأنّ ما تقوم به قد يرتدّ عليك سواء إيجاباً أو سلباً، ومن هنا التزامي الأخلاقي بما أقدمه للزبائن. فأنا أقدم لزبائني ما أقدّمُه لعائلتي».
في هذا الإطار يتميّز الطعام في «كبابجي» وفقاً لخويري بأنّه «قليل الدسم، خالٍ من الهرمونات والمضادات الحيوية، ويتكوّن من منتجات طازجة، معروفة المصدر، كيفية العناية بها، والمياه المستخدمة لريّها. فعلى سبيل المثال نولي الخُضر عناية خاصة في كبابجي نظراً لفوائدها الصحية الكبيرة. لذلك فإن الخُضر التي نقدمها في سلسلة مطاعمنا يتم ريّها بمياه عذبة صالحة للشرب من بئر مياه ضخم في أرض أملكها وتم فحصها من قبل الجامعة الأميركية في بيروت. وفي ما يختصّ باللحم فإننا نستخدم أجود أنواع اللحوم والتي تتمتع بأعلى المواصفات الدولية، من لحم العجل والغنم والبقر. وزيادةً في التميّز نحرص على استيراد لحم العجل الذي يُستخدم في أطباق اللحم المشوي خصيصاً من نيوزيلندا».

سلامة في الغذاء

وعمّا أُثير سابقاً حول سلامة الغذاء في «كبابجي» خلال الحملة التي أطلقها الوزير السابق وائل أبو فاعور، يوضح «خويري» أن «مصلحة حماية المستهلك أخذت عيّنات من الطعام من أحد فروعنا ورفعت علينا دعوى بحجة أن الطعام لا يراعي متطلبات سلامة الغذاء، لكنّنا نجحنا من خلال الأدلة التي أبرزناها في الفوز بالدعوى وتمّت تبرئتنا كلياً من جميع التهم، لنكون أول من ينتصر في دعوى في ملف سلامة الغذاء. فقد كشفنا بالصور الطريقة غير المهنية التي أُخذت فيها العينات والوقت الذي احتاجت له الشاحنة للوصول إلى المختبر والتي قاربت ثماني ساعات». فكبابجي بحسب خويري يولي سلامة الغذاء أهمية محورية منذ تأسيسه إذ إنه يشترط على جميع الموردين أن يسلموه تقريرين كل شهر يتضمنان نتائج الفحوصات المخبرية لجميع المنتجات التي يشتريها منهم. كما أن قسم الإنتاج الرئيسي يرسل مرتين في الشهر عينات من اللحوم إلى المختبرات لفحصها والتأكد من سلامتها، إضافة إلى فحوصات مستمرة للأسطح والأرضيّات والآلات المستعملة في جميع الفروع، وأيادي الموظفين زيادة في الأمان لتتوافق مع متطلّبات الـ ISO. حتى المياه الداخلة في عملية التحضير تخضع لفحصوات مستمرة. وفي السياق عينه يحرص كبابجي أيضاً على تفقّد مكاتب الموردين مرة في السنة للتقييم وأخذ الملاحظات.

تمدّد في الداخل والخارج

تجربة ربع قرن كانت كفيلة بأن تمنح «كبابجي» المصداقية لأن يتوسع خارج لبنان وينقل الخبرات التي اكتسبها على مدار هذه السنوات الطوال إلى دول أخرى، ليكون سفيراً للمائدة اللبنانية، فيقرب لبنان من الاغتراب اللبناني ويعرّف شعوباً أخرى على تقاليد لبنان الغذائية.
في هذا السياق يكشف «خويري» أن «كبابجي بدأ بالتوسع في الخارج من خلال الفرانشايز أو عقود الامتياز التجاري مع شركات مختصة لديها خبرة كبيرة في مجال الأكل في كلٍّ من دبي وأبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة والرياض وجدة في السعودية، إضافة إلى البحرين وسلطنة عمان وسوريا بحيث وصل مجمل فروعنا في هذه الدول إلى 7 خلال سنة ونصف فقط، والتي يفترض أن تبلغ 44 فرعاً خلال مدة 10 سنوات. أما خارج الدول العربية فنتحضّر لافتتاح فرع في لندن منتصف عام 2018، ومن ثم فرع في نيويورك عام 2019. وطموحنا يقضي استناداً إلى دراسات الجدوى التي قمنا بإعدادها بأن يصل عدد فروعنا في بريطانيا إلى حوالى 50 فرعاً».
في ما يتعلق بلبنان، فإضافة إلى فروعه الـ 13 الحالية سيفتتح «كبابجي» ثلاثة فروع جديدة هذا العام في كلٍّ من المطيلب والمنصورية ومنطقة أخرى حيوية لم يتم حسمها حتى الآن.

* [email protected]