أخطأ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في اختيار الهدف عندما استهدف في انتقاداته جهاز الشرطة ومفتشها العام، رون ألشيخ، على خلفية تقرير تلفزيوني يؤكد أنها ستوصي بمحاكمته في أكثر من ملف فساد مُتهم فيه. وبدلاً من التغطية على ارتفاع منسوب الشك بتورطه، يصحّ القول إن نتنياهو أصاب قدمه عندما أطلق النيران باتجاه أحد أجهزة فرض القانون في إسرائيل.
لم تقتصر مفاعيل تقرير القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، بأن الشرطة قد توصي بمحاكمة نتنياهو في ملفي «القضية 1000» (تلقي هدايا ورشى) و«القضية 2000» (اجتماعاته مع ناشر «يديعوت أحرونوت» لإغلاق صحيفة «إسرائيل اليوم») على كونها مجرد تسريب إعلامي، بل تحولت إلى مؤشر إضافي على جدية الشكوك في مستقبله السياسي والشخصي. وبدلاً من أن يستقطب تعاطفاً شعبياً وسياسياً معه، جرّ نتنياهو نفسه من خلال ردّ فعله الذي انتقد فيه المفتش العام للشرطة، إلى مكان أقرّ فيه من حيث لا يشعر بجدية التقرير وأضفى عليه المزيد من الصدقية، خاصة أن الاتهامات الموجهة إليه تتمحور حول أعمال فساد تصل إلى حدّ ارتكاب مخالفات رشوة وخيانة الأمانة. وكان نتنياهو قد اتهم الشرطة بالتسريب لوسائل الإعلام، واصفاً تقرير القناة الثانية بـ«تسونامي التسريبات». وهاجم مفتشها العام، مشيراً إلى أنه «عندما بدأ مزاولة مهماته اتخذ قرارين مهمين: ألّا تكون هناك تسريبات من التحقيقات، وألّا تصدر توصيات عن الشرطة»، مؤكداً بذلك صحة التقرير لجهة إمكانية أن توصي الشرطة بمحاكمته. وكشف نتنياهو عن قلقه العميق من خطوة كهذه ستعزز الانطباع حول تورطه، وتقطع الطريق على أي محاولة سياسية التفافية. وكما هي الحال في كل مرة، يحاول نتنياهو أن يعطي خلفيات سياسية لأي تقرير يتناول تورطه في قضايا فساد، ويضعه في سياق استهدافه كزعيم لمعسكر اليمين، ولكن هذه المرة أضاف إلى هذه اللائحة، مقولة مستمدة من المستجدات السياسية. إذ رأى مصدر مقرب من نتنياهو، أن ردّ فعله تجاه الشرطة كان على خلفية تقديره أن هذه التسريبات استهدفت إنجازاته، بعد خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الاتفاق النووي مع إيران.
في المقابل، ردت الشرطة الإسرائيلية على اتهامات رئيس الحكومة، مؤكدة أن أقواله لا أساس لها من الصحة وأن غايتها تشويش مسار التحقيق في شبهات الفساد ضده. ولفتت أيضاً إلى أنها «تنفذ عملها بموجب القانون وبصورة رسمية. ولن ننجرّ إلى تهجمات لا أساس لها وغايتها تشويش عمل الشرطة والمسّ بشرعية سلطة القانون». وذكرت صحيفة «هآرتس» أن ألشيخ قال قبل نحو شهر في حديث خاص، إن من الواضح له أنه سيتحول مع محققي الشرطة إلى هدف لهجمات رئيس الحكومة باعتبارهم المسؤولين عن تقدم التحقيقات في القضايا المتهم بها، وهو ما يشير إلى مستجدات جدية في نتائج التحقيقات. ولفتت الصحيفة إلى وجود تقدير مفاده أنه كلما اقترب موعد الحسم وتقديم التوصيات سيرتفع منسوب الاتهامات والهجمات التشكيكية. في السياق نفسه، أعربت مصادر مقربة من رئيس الحكومة عن خيبة أملها من أداء وتصرف المفتش العام للشرطة، روني ألشيخ، على خلفية التحقيقات مع نتنياهو وزوجته سارة، ووصفوا اختياره في هذا المنصب بـ«خطأ استراتيجي».
وسيكمل ألشيخ، بعد أقل من أسبوعين، عامه الثاني في منصبه وسيدخل في العام الثالث. ورسمياً، فإن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان مطالب بهذه الفترة تخيير المفتش العام للشرطة، بعد نهاية عامه الثالث، إن كان سينهي العمل في منصبه أو سيبقى فيه للعام الرابع.
وتعليقاً، على انتقادات نتنياهو كتب رئيس الحكومة ووزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، ايهود باراك، على «تويتر»، إن «نتنياهو، في طريقه إلى الأسفل، وهو مستعد لأن يحرق الدولة. وهذه ملاحقة حقيرة وخطيرة لمؤسسات الدولة. وعندما يهدد القانون بيبي (أي نتنياهو)، فإن بيبي يهدد القانون».