عام 1998 بدأت مجموعة من العلماء دراسة إمكانية بناء كلى اصطناعية لإنهاء معاناة الناس الذين ينتظرون سنوات طويلة لإيجاد متبرعين ويخوضون ألم غسل الكلى مدى الحياة. هكذا أُطلق "مشروع الكلى" The Kidney Project بقيادة الباحثين شوفو روي من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وويليام فيسيل من جامعة vanderbilt.
اليوم، يقف الفريق على بعد سنوات قليلة من إنجاز كلى اصطناعية قابلة للزرع من خلال جهاز إلكتروني حيوي هو عبارة عن تصغير آلة غسل الكلى لتصبح بحجم كوب قهوة وقابلة للزرع داخل الجسم باستخدام نفس التكنولوجيا التي تصنع الشرائح الموجودة في الكمبيوتر المحمول والهاتف الذكي. الاختبارات البشرية للجهاز ستبدأ السنة المقبلة.
الجهاز هو عبارة عن مجموعة من فلاتر السيليكون المصممة بعناية بثقوب نانومترية تقوم بتنقية الدم من دون الحاجة إلى مضخّة أو طاقة كهربائية، مدمجة مع خلايا كلى حية تزرع في المفاعل الحيوي لتقوم بوظائف أخرى مثل المحافظة على نسبة مياه مناسبة في الدم والقيام بوظائف التمثيل الغذائي. يتم وضع الحزمة في صندوق يلائم طبيعة الجسم ومتصل بنظام الدورة الدموية للمريض والمثانة من دون أيّ أنابيب خارجية.

المرحلة الأولى انتهت عام 2010 وتمكّن فيها العلماء من إثبات قابلية تنفيذ مكونات الجهاز

ترتكز الكلى الاصطناعية القابلة للزرع إلى جهاز غسل الكلى الموجود حالياً من خلال الجمع بين غشاء مرشح الدم (وهو علاج يُستخدم في حالات القصور الكلوي الحاد) ومفاعل حيوي من خلايا الأنبوب الكلوي لتقليد العديد من وظائف التمثيل الغذائي والغدد الصماء والمناعية التي تقوم بها الكلى السليمة، وفق ما يرد على موقع المشروع. فالهدف النهائي من مشروع الكلى هو تطبيق النظم الكهروميكانيكية الدقيقة وتكنولوجيا النانو لتصغير جهاز غسل الكلى الخارجي إلى جهاز حيوي قابل للزرع، وذاتي المراقبة والتنظيم. يشرح الباحثون على الموقع أنه بعد عملية جراحية واحدة لإقامة اتصال الدم الدائم، تعالج الكلى الاصطناعية عمليات الدم بشكل مستمر لمدة 24 ساعة في اليوم، ما يخفف من المضايقات المرتبطة بغسيل الكلى المتقطع.
ينقسم المشروع إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى انتهت عام 2010 وتمكّن فيها العلماء من إثبات قابلية تنفيذ مكونات الجهاز من خلال تصنيع أغشية سيليكون قوية واختبارها للتأكد من إزالة السموم في ضغوط مماثلة للدم، تقييم المواد الغشائية للسلامة وتوافقها مع الدم، إنشاء إمدادات موثوقة من الخلايا المشتقة من الإنسان، وإجراء تجارب لإظهار أن الخلايا في المفاعل الحيوي مصغرة توفر نشاطاً بيولوجياً، بما في ذلك القدرة على إعادة امتصاص الماء والأملاح، تماماً كما هو الحال في الكلى السليمة. هكذا كانت هناك حاجة إلى ثلاثة تطورات رئيسية في مجال التكنولوجيا لتنفيذ هذه المهام: أغشية فائقة الترشيح (للتنقية) ذات كفاءة عالية، السيطرة على تفاعلات المواد الدموية مثل تخثّر الدم والقاذورات، وعمل الخلايا الكلوية بشكل مستقر في بيئة مهندسة. كان من الضروري التقدّم في تكنولوجيا النانو السيليكونية لكي يتسنّى إنتاج كميات كبيرة من الأغشية الموثوقة العالية المسامية والقوية والمدمجة، كذلك كان لا بدّ من تحسينات في الطبقات الخارجية الجزيئية التي تحدّد توافق الدم وإيجاد تقنية لتغطية الأغشية السيليكونية من دون إغلاق المسامات، إضافة إلى حلّ مشاكل مصادر الخلايا والتخزين... وجميع هذه التكنولوجيات باتت موجودة.
المشروع اليوم في مرحلته الثانية التي تنتهي قريباً لتبدأ السنة المقبلة المرحلة الثالثة بإجراء اختبارات بشرية للجهاز على متطوعين (بلغ عدد المتطوعين الذين تسجّلوا نحو 9 آلاف شخص) على أن تستمر هذه المرحلة وفق توقعات القيمين على المشروع مدة سنتين، في حال الحصول على تمويل كافٍ وعدم مواجهة مشاكل كبيرة، ليُصبح الجهاز متاحاً عام 2020 في حال أثبت فعاليته. هكذا سيصبح لدى المرضى خيار ثالث غير الغسيل أو انتظار أحد المتبرعين؛ قريباً سيكون لدينا كلى اصطناعية.



* للمشاركة في صفحة تكنولوجيا التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]