يدرك تنظيم «داعش» أن مسألة إنهاء وجوده في معاقله الأخيرة في محافظة دير الزور باتت محسومة، وأن القرار اتخذ، وهو قيد التطبيق من خلال العمليات المتصاعدة للجيش وحلفائه هناك.
وهو ينطلق من هذا الواقع في الهجمات المنسقة التي شنّها على عدد من محاور ريف المحافظة، وذلك بهدف تأخير العمليات والظهور بمظهر القادر على الهجوم وقلب الطاولة؛ فالتنظيم الذي رمّم أفراد قياداته بعدما قتل الكثير منهم، استغل زخم نشر كلمة زعيمه أبو بكر البغدادي، ليطلق أوسع هجوم منظّم على نقاط ومواقع الجيش الممتدة بين ريفي حمص ودير الزور، تحت اسم «غزوة أبو محمد العدناني»، وهو المتحدّث السابق باسم التنظيم، والذي قتل في ريف حلب في آب من العام الفائت. واستهدف هجوم التنظيم الطريق الرئيسي بين السخنة ودير الزور، بالتزامن مع هجوم على بلدة حميمة في أقصى ريف دير الزور الجنوبي ومحطة «T3» في ريف حمص الشرقي، وذلك في محاولة لإرباك الجيش وتحويل مسار العمليات، وإعادة إنعاش وجوده في البادية.
ونتيجة لضغط الهجوم بعدد كبير من الانتحاريين والمفخخات، واستهداف أكثر من عشرة مواقع في الوقت ذاته، نجح التنظيم في السيطرة على بلدة الشولا والوصول إلى أطراف بلدة كباجب وهريبشة، والضغط على حميمة ومحطة «T3»، إلى جانب محاولة الوصول إلى السخنة عبر الضغط على تلال الهيل المحاذية للبلدة. الهجمات أربكت دفاعات الجيش، قبل أن تتمكن وحداته من استعادة التوازن، وإطلاق هجومين مضادين متزامنين؛ الأول انطلاقاً من دير الزور باتجاه الشولا، والثاني من السخنة باتجاه كباجب. وبمساندة من سلاحي الجو السوري والروسي، تمكنت القوات من الالتقاء في محيط كباجب بعد استعادة السيطرة على المواقع التي تسلل إليها التنظيم، وإنهاء الخرق الذي أحدثه. كذلك امتصّ الجيش الهجمات على حميمة ومحطة «T3»، وقتل العشرات من مسلحي التنظيم.

موسكو: لن نسمح
لواشنطن بعرقلة عملياتنا العسكرية ضد الإرهاب

وخلال الموجة الأولى من هجمات التنظيم سقط عدد كبير من الشهداء في صفوف الجيش وحلفائه، وأدت أيضاً إلى استشهاد عدد من المدنيين على الطريق بين كباجب والشولا، من بينهم عضو مجلس الشعب السابق عن دير الزور جهاد الشخير وسائقه، وسط أنباء عن إعدام التنظيم لعدد من سائقي الشاحنات التجارية التي كانت متوجهة إلى المدينة عبر الطريق الرئيسي. وأكد مصدر عسكري في حديثه إلى «الأخبار» أن «الجيش أحبط مخططاً واسعاً للتنظيم، يتوافق ومخططات «التحالف الدولي»». وكشف المصدر أن «الجيش قتل جميع المهاجمين، وسوف يعيد فتح الطريق رسمياً بعد الانتهاء من إجراءات تأمينه، وتعزيز وجود القوات في محيطه بما يمنع تكرار الهجمات».
وبالتوازي، شهدت الضفة الشرقية لنهر الفرات هجمات مركزة من «داعش» تستهدف المواقع التي سيطر عليها الجيش هناك خلال الأسابيع الماضية. غير أن الجيش استطاع صدّ الهجوم والتقدم باتجاه قرية حطلة من الجهة الغربية وبلدة أبو عمر شرقاً. وتضمن هجوم «داعش» تفجير ثلاث عربات مفخخة في محيط بلدات مرّاط ومظلوم وخشام. ويتوقع أن تشهد جبهة حميمة ومحطة «T2» عمليات جديدة، بهدف تأمين كامل محيط طريق السخنة ــ دير الزور الشرقي، ومنع تكرار هجمات التنظيم على الطريق، وصولاً إلى التمهيد لشنّ عمليات نهائية باتجاه الريف الشرقي في البوكمال والميادين، بالتوازي مع عمليات في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة.
وفي مقابل نشاط الجيش شرق الفرات، تشهد جبهة «قوات سوريا الديموقراطية» مع «داعش» هناك جموداً لافتاً، بعد أن ثبّتت تلك القوات مواقعها في حقلي العزبة وكونيكو، دون أيّ تقدم جديد على هذا المحور. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية الروسيّة على لسان نائب الوزير، أوليغ سيرومولوتف، المسؤول عن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، أن «موسكو ستقاوم محاولة واشنطن عرقلة عملية القضاء على الإرهابيين في سوريا بشكل نهائي». وتزامن ذلك مع اجتماع للرئيس الروسي فلاديمر بوتين مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي، لبحث الوضع في سوريا، وخاصّة في دير الزور. وهو ما انعكس على حجم التعزيزات الروسية التي وصلت إلى دير الزور، بما يشير إلى احتمال تنفيذ عمليات أوسع في المحافظة.
وبالتوازي، أعلن مسؤولون أميركيون أمس أن جنديين أميركيين تعرّضا لإصابات «لا تهدّد حياتهما» عندما ارتطمت طائرة عسكرية من طراز «أوسبري» كانت تقلهما بالأرض أثناء هبوطها في أحد المواقع ضمن سوريا. وقال الجيش الأميركي في بيان إن الجنديين «نقلا إلى منشأة طبية وخرجا بعد التأكد من أن إصابتهما غير خطيرة». وأضاف أنه «لم يصب ركاب آخرون كانوا على متن الطائرة ولم تحدث أي إصابات أخرى على الأرض».