يُجاهر الأُستاذ في دائرة العلوم الاجتماعية في الجامعة الأميركية في بيروت سمير خلف، الذي تتّهمه إحدى طالباته بـ«التحرّش المعنوي» على خلفية حجابها وتعرّضه لها بالإهانة والتعنيف المعنوي، برفضه كل مظاهر التديّن في الجامعة. ويقول لـ«الأخبار» إنه «مع منع اليهودي الذي يرتدي القلنسوة من دخول الجامعة، كذلك المسيحي الذي يرتدي الصليب، وصولاً إلى المُسلمة التي ترتدي الحجاب».
ماذا عن حُرية المُعتقد واحترام الاختلاف والتنوع ومناهضة التمييز الذي تُنادي به الجامعة؟ يُجيب خلف إنه لم يمسّ بهذه الحُرية، وإن جُلَّ ما قاله للطالبة إن «الحجاب الذي تضعه على رأسها بطريقة مشدودة جداً هو الذي يمنعها من سماع» مُحاضراته، مُتسائلاً: «كيف لطالبة مُحجبة أن تستكمل دراساتها وهي ترتدي ما يمنعها من السمع؟». لكن هناك الآلاف من الطالبات المُحجبات، ممن تخرّجن في الجامعة وممن يُعلّمن أو يعملن فيها. «نعم، وأحترمهن جميعاً»، يُجيب خلف مُركّزاً على فكرة أن الطالبة لا تسمع بسبب حجابها وأن صوته «عال كفاية وأن لا أحد يشكو غيرها» من عدم سماعه لدى إلقائه المُحاضرات.

حادثة دجاني
شجّعت الكثير من الطالبات المُحجّبات على البوح بما كنّ يتعرّضن له من إساءة من الأستاذ نفسه

وكانت الطالبة مريم دجاني قد أثارت، أول من أمس، على صفحتها على «فايسبوك»، مسألة تعرّضها لإهانة من خلف على خلفية طلبها منه أن يُعيد ما قاله أثناء المُحاضرة، فما كان منه، بحسب دجاني، إلا أن «استشاط غيظاً وصرخ في وجهي: لا تستطيعين أن تسمعيني بسبب هذا الوشاح الغبي الذي يُغطّي أُذنيك، لذلك إن نزعت هذا الحجاب ستتمكنين من سماعي بوضوح».
ولفتت دجاني في منشورها الى أن ردة فعل خلف تكون مُغايرة عندما يطلب منه طلاب آخرون تكرار ما يقوله، وأضافت: «عندما أجبته أن هذا رأيه الشخصي ولا يحق له التهجم، فما كان منه إلا أن قال لي إنه لا يتهجّم عليّ بل علينا، ويقصد كل المُحجّبات بالمُجمل». وختمت بأن موقف الأستاذ الجامعي «مُقزّز ومُثير للاشمئزاز وغير مقبول وهو بمثابة تحرّش معنوي» و«هو بلا شك مخجل ويُخالف كل قواعد السلوك في أي مؤسسة تعليمية».
منشور الطالبة أثار استياء العديد من الناشطين الذين عمدوا الى مُشاركته بهدف طرحه كقضية يجب تناولها وشجب تصرّف الأستاذ الجامعي. عقب انتشار المنشور بشكل واسع، نظّم عدد من طلاب الجامعة وقفة رمزية، أمس، في الجامعة، للتأكيد على «احترام الجامعة لمبادئ التنوع والاختلاف وحرية المعتقد ورفض التمييز»، وفق ما تقول مريم جمال، إحدى المُنظّمات للوقفة. وأوضحت «أننا نهدف الى التأكيد على أن الاختلاف حقّ، وأن التنوع ضروري في هذا الصرح الذي نؤمن بمبادئه».
من جهته، قال عميد الطلاب طلال نظام الدين في اتصال مع «الأخبار»، إن الوقفة لم تكن ضدّ أحد أو تستهدف أحداً، لكنها تأكيد على رفض تعرّض أي طالب للإهانة، لافتاً الى أن إدارة الجامعة ستتخذ الإجراءات المُناسبة. وقد حاولت «الأخبار» التواصل مع دجاني، لكنها لم تردّ على الاتصالات المُتكرّرة.
وأصدرت الجامعة بياناً جاء فيه أنها «تنظر بجدية مُطلقة الى أي اتهامات بالمُضايقات والتمييز، وقد استجابت إدارتها بسرعة لمعالجة الحادث»، لافتاً الى أن المسألة «الآن قيد التعامل بالتنسيق مع الطالب المعني، بسرية، استناداً الى القوانين والإجراءات المرعية في الجامعة». وشدد البيان على أن الجامعة «تتمسّك بمبدأ تكافؤ الفرص وترفض التمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو العمر أو الهوية الوطنية أو الإثنية (...)».
خلف، من جهته، قال إن الإدارة تواصلت معه وقالت له إنها تحترمه، «لكن هناك إجراءات يجب أن يباشروا بها»، لافتاً الى استعداده للتنحّي «لعدم إحراج الجامعة».
اللافت هو ما أثاره عدد من الطلاب الذين شاركوا في الوقفة، أمس، بأن حادثة دجاني شجّعت الكثير من الطالبات المُحجبات على البوح بما كنّ يتعرضن له من إساءة وإهانة وتمييز من الأستاذ نفسه.
تجدر الإشارة الى أن الجامعة افتتحت في الفترة الأخيرة مكتباً مخصصاً لاستقبال شكاوى تتعلّق بالتمييز وغيره، إلّا أن مصادر مُطلعة في الجامعة تقول إن عمل هذا المكتب "شكلي" و"قد استحدثته الجامعة من أجل رفع نقاطها في التصنيفات بين الجامعات".