ما أشبه اليوم بالأمس، بين المشهدية الدامية للاجئين السوريين الذين داسوا الحدود المقدونية وصولاً الى صربيا، وتعرضوا لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي، ولا ننسى طبعاً، الصور الخارجة قبل عامين من مخيم «روسكي»، على الحدود المجرية-الصربية، تظهر طريقة تعامل السلطات المجرية والشرطة تحديداً، مع اللاجئين السجناء خلف قضبان هذا المخيم، وتوزيعها لحصص غذائية عبر رميها في الهواء، بينما يحاول لاجئون آخرون التقاط الطعام عبر تسلق السياج الحديدي.
مشاهد رسخت في الذاكرة القصيرة للتغريبة السورية، عدا حكايات ومآسي الغرق في البحر المتوسط، تتقاطع معها اليوم، مشهدية لجوء مسلمي «الروهينغا» المضطهدين في بورما الى جنوب بنغلادش.
صحيح أنّ هذه الإضطرابات ليست جديدة، وتتكرر بين فترة وأخرى، الا أن زمن السوشال ميديا، أخرجها الى الضوء أكثر، وبدأ منذ فترة، بتداول الصور القاسية الآتية من هناك، والمعلومات حول هروب أعداد هائلة الى مخيمات بنغلادش، وصلت الى نصف مليون لاجىء، بينهم 60% لاجئين من الأطفال والنساء. عدا القصص الفظيعة التي تداولت أخيراً على المنصات الإعلامية، عن عمليات الذبح والقتل، وأعداد الوفيات التي غرقت في النهر، وهي متوجهة الى ضفة النجاة، وأعداد الأطفال الذي قضوا على الشاطىء، في قصة شبيهة بوفاة الطفل إيلان الكردي على الشاطىء التركي.
حالة التفاعل والإستغاثات التي انتشرت أخيراً، على منصات التواصل الإجتماعي، حيال مسلمي «الروهينغا»، بنيت على مجموعة صور فوتوغرافية، عملت على نشرها وكالات الأنباء، والمواقع الإلكترونية، وشكك في البعض منها، أو في تاريخها، لكن، تبقى الفيديوات الدليل الأسطع والحيّ الشاهد على هذه المأساة. في العام 2015، تمكنت شبكة «الجزيرة»، من دخول أحد المخميات هؤلاء اللاجئين في غربي مينمار، ووقتها نقلت مراسلتها وسيلة عولمي، الحالة المأساوية الإنسانية التي يعيش فيها هؤلاء، من نقص في المعونات الطبية، والغذائية. وهذا الأمر حدث بعيد مرور 3 سنوات على إندلاع الإضطرابات هناك. وأخيراً، برزت تغطية فريق «فرانس 24» (مايسة عواد-كونستانتان سيمون-مانداكيني غولو) ،في مخيم جنوب بنغلادش. كاميرا الشبكة الفرنسية عاينت أحوال اللاجئين عن قرب، ونقلت الصور الحية من هناك، وطريقة تواجدهم ضمن ظروف صعبة في خيم بدائية وسط أمطار تهطل على خيمهم البالية، والوحول التي يغرقون فيها.
مراسلة الشبكة الناطقة بالعربية، مايسة عواد، قدمت وفي رسائل متلاحقة من هناك، الصورة الكاملة لواقع اللاجئين والوضع الإنساني الصعب الذي يتخبطون فيه. خرجت قصص لأطفال ولنساء عاشوا قتل ذويهم أمام أعينهم، ورأينا طبيباً شاباً يتطوع لمساعدة اللاجئين في تشخيص الأمراض وتوزيع الأدوية، وشاحنة أخرى ترمي الأغذية، واللاجئون يهرعون بأعداد كبيرة وراءها في محاولة لإلتقاط حصة غذائية يقتاتون بها.
ولعلّ هذه التغطيات الحيّة، ونقل أحوال القلة المضطهدة، بالصور والوقائع، أبلغ ما يمكن أن يُفعل صحافي، عدا جهود الطواقم الصحافية التي تتحمل الصعوبات المناخية واللوجستية، للتغطية، وأيضاً إيجاد وسيلة التواصل: اللغة، كي يصل صوت هؤلاء الى العالم.