«تحول التلفزيون السوري إلى إعلام دعاية وصراخ وهتاف، وأصبح تلفزيوناً لا يحترم المشاهدين، كوادره ضعيفة مهنياً، ولا يعتمد سياسة إعلامية واضحة، همّه إرضاء الحكومة وأصحاب القرار والمتنفذّين، حتى في موضوع تعيين المذيعات واختيار الضيوف». هذا فحوى أحد التقارير الصادرة عن «المجلس الوطني للإعلام»، والذي بقي أعلى سلطة إعلامية في سوريا، إلى أن أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً بحلّه والاستغناء عن خدماته.
باعتراف حكومي، رسم تقرير المجلس «صورة سوداوية» عن حالة الإعلام السوري، لكن تلك الصورة كانت مختلفة بالأمس على القنوات الحكومية، التي نقلت في بث مباشر، احتفال توزيع جوائز «مهرجان الإعلام السوري» الأوّل «حكاية صمود»، والذي أقامه «اتحاد الصحافيين في سوريا». بعد حديث طويل عن «الصمود والإرهاب، وقنوات الفتنة والتضليل الإعلامي، وانتصارات الجيش السوري»، حان وقت توزيع الجوائز التي نال الإعلام الرسمي منها «حصة الأسد»، ما بين جوائز فردية، وجوائز وزعت بالمناصفة، وجوائز ترضية على شكل «تنويه».
في التلفزيون، ذهبت «جائزة أفضل برنامج حواري» مناصفة بين برنامج «سورية بلدي» و«من الآخر» على الفضائية السورية. أما جائزة الفترة التلفزيونية المفتوحة، فذهبت مناصفة بين «كل مساء» على سورية دراما، وإحدى الفترات الإخبارية على الفضائية السورية.
التقرير السابق لـ «المجلس الوطني للإعلام» وجّه انتقادات للحوارات السياسية الطويلة المعروضة على التلفزيونات السورية، باعتبارها مجرّد وسيلة لـ «تعبئة الهواء»، إضافة لافتقارها إلى المهنية الإعلامية في التحضير من قبل المعد والمحاور والمخرج، واعتماد ضيوف لا يمتلكون موهبة التحليل السياسي والإقناع.
ونوّه تقرير المجلس بعمل إذاعة «شام إف إم» الخاصة، موجهاً سهام انتقاداته لعمل الإذاعات الرسمية، التي تعاني حسب التقرير من «مشاكل مهنية، وأساليب مكررة ومملّة، ما أدى إلى تراجع مخيف في نسب الاستماع بسبب عدم قدرتها على تلبية حاجات المستمع».
أما في احتفال الصمود، فكانت جائزة أفضل نشرة سياسية لإذاعة «سوريانا» الحكومية، مع التنويه بنشرة المنتصف في إذاعة «صوت الشباب»، في حين ذهبت جائزة أفضل برنامج حواري إذاعي إلى برنامج «المختار» على إذاعة «المدينة»، الذي يقدمه الإعلامي باسل محرز، وهي الجائزة الوحيدة التي نالها الإعلام الخاص في الحدث.
على صعيد الصحافة المكتوبة، فازت صحيفة «تشرين» بجائزة وتنويه على أفضل تحقيق صحافي، وذهبت أفضل زاوية رأي لصحيفة «الثورة» التابعة للحكومة.
بينما يكشف تقرير المجلس الوطني للإعلام أن نحو نصف الصحف المطبوعة، تعود على شكل مرتجعات، بينما يوّزع معظمها على الدوائر الحكومية.
وتحدّث التقرير عن مشاكل مهنية، وانعدام جاذبية، أدت إلى ضعف في الإقبال على الصحف الرسمية من قبل السوريين، في حين سيطرت بعض الصحف اللبنانية على السوق.
وبالنسبة لجائزة أفضل مراسل حربي، تقاسمتها مناصفة «الإدارة السياسية» التابعة للجيش السوري، و«الإخبارية السورية» الرسمية. وبخصوص عمل المراسلين، رأى تقرير «المجلس الوطني للإعلام» أن القنوات الحليفة ومنها المنار والميادين تفوّقت على إعلام الحكومة، وكانت أكثر صدقية وسرعة من الإعلام الرسمي الذي لم يحترم المشاعر الإنسانية للمشاهد من خلال عرض صور الجثث والمصابين.
أما جوائز المواقع الالكترونية، فاحتكرها موقع «بتوقيت دمشق» الرسمي الذي يدار من مبنى وزارة الإعلام السورية، كما حصل موقع الوكالة السورية للأنباء «سانا» على مجرّد «تنويه». وكان التقرير نفسه قد نوّه بعمل عشرات المواقع السورية الخاصة، معتبراً أنّه من المعيب أن يتفوّق موقع الكتروني صغير يديره شخص واحد أو عدد من الأشخاص على موقع وكالة «سانا»، الذي تقف وراءه مؤسسة ضخمة تضم مئات الموظفين وجيش من الصحافيين.
على صعيد البرنامج الخاص لصمود سوريا، فاز فيلما «وجع» و«أبناء الدم»، كما نوهت اللجنة ببرنامج «مسرح تدمر» على قناة «العهد». وتخلل الاحتفال تكريماً لقنوات «المنار» وnbn و«الميادين» من لبنان، و«العالم» الإيرانية، ووكالتي «سبوتنيك» و«روسيا اليوم».