تسير العلاقة بين حركة «حماس» ومصر ببطء. الطرفان مقتنعان بضرورة التواصل بينهما، لكن المعوقات الموجودة أكبر من وتيرة تحسين العلاقات؛ فالقاهرة ملزمة بعدم كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، لذلك ما يقال عن فتح معبر رفح دائماً أو أسبوعياً لا يزال مستبعداً في الوقت الحالي، كما أن الصراع الخليجي ــ المصري مع «الإخوان المسلمين» يمنعها من الانفتاح كلياً على «حماس»، خاصة بعد الانتقادات التي وجهتها السعودية والإمارات إلى النظام المصري بسبب «تسهيل» حكم الحركة في غزة.
فلسطينياً، تدرك «حماس» أن مصر هي رئة القطاع، وأنه لا يمكن الخروج من تحت عباءتها، لذلك تسعى إلى تقديم مبادرات حسن نية إلى النظام المصري، لجهة ضبط الحدود مع رفح أو منع تسلل مسلحين إلى سيناء. لكن الحركة تعتمد في انفتاح مصر عليها، رغم انتقادات الخليج، على حرص الأخيرة على دورها الإقليمي عبر البوابة الفلسطينية.
في اليومين الماضيين، عقد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، لقاءات مع قيادات وشخصيات أمنية مصرية، أبرزها رئيس «المخابرات العامة»، خالد فوزي. وقال مصدر أمني مصري إن «حماس قدمت خلال اجتماعاتها مع ممثلي الأجهزة الأمنية ملفات بشأن رصد اتصالات على الشريط الحدودي بين عناصر متطرفين كانوا يسعون إلى تنفيذ عمليات تستهدف المنشآت العسكرية في سيناء»، مؤكداً «اتفاق الطرفين على استمرار تبادل المعلومات في المرحلة المقبلة».

سيعود إسماعيل
هنية مباشرة إلى غزة بعد انتهاء الزيارة


أما في ما يتعلق بفتح معبر رفح، فإن الطرف المصري يربط فتحه دائماً بتشكيل حكومة وفاق وطني بعد مصالحة فلسطينية داخلية، وهو الأمر المستبعد حدوثه قريباً. وأكد المصدر المصري أن المطلوب «إعلان تشكيل حكومة وحدة وطنية للبدء بإجراءات تشغيل المعبر، ليشمل ذلك دخول بضائع ومنتجات مصرية ضمن آلية واضحة متفق عليها، لإحلال البضائع المصرية والمستوردة بدلاً من الإسرائيلية». وأضاف: «حماس وافقت على إلغاء شرطها السابق بوجودها على المعبر، واعتماد الصيغة المقترحة من الجانب المصري لإدارة المعبر عبر حكومة الوحدة في حال شُكّلت».
وكان القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق قد قال، في تصريحات صحافية، إن «حماس التزمت بكل ما يتعلق بمقتضيات أمن الحدود، والجانب المصري لمس هذا الأمر بشكل ملحوظ»، معلناً أن «تنظيم داعش عدوّ مشترك بيننا وبين مصر، لكن لديه بعض الأشخاص في غزة، ونحن نحاربهم ونتصدى لهم بقوة». وأضاف أبو مرزوق أن مصر وعدت بجدولة تشغيل معبر رفح بعد إنهاء أعمال بناء وتجديدات فيه، وبتقديم تسهيلات لمرور الأفراد وإدخال البضائع وإمداد الكهرباء. وتابع: «بعد إنهاء اجتماعاتنا في القاهرة، سيعود هنية إلى غزة، وكلّ منا سيغادر إلى مقر إقامته»، مؤكداً بذلك رفض الحكومة المصرية السماح للوفد بمغادرة أراضيها من أجل جولة خارجية (راجع العدد ٣٢٧١ في ١١ أيلول).
في سياق متصل، نقلت «الوكالة الفرنسية للأنباء»، عن مصدر في الحركة، أن الأخيرة «معنية بأن تنجح مصر في إنجاز المصالحة... وأعتقد أنه لا حجة الآن (بعد موافقة حماس على حلّ اللجنة الإدارية)، لحركة فتح في تعطيل جهود مصر لتحقيق المصالحة وإلغاء حكومة السلطة القرارات العقابية التي اتخذتها ضد غزة».
في المقابل، قال القيادي في «فتح» فايز أبو عيطة، أمس، إن رئيس السلطة محمود عباس أكد أن وقف إجراءات السلطة ضد القطاع غزة «مرتبط بحل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق برئاسة رامي الحمدالله من مسؤولياتها ودورها». كذلك، أعلن عضو «اللجنة المركزية لفتح» عزام الأحمد أنه سيتوجه إلى القاهرة للقاء القيادة المصرية ومتابعة جهود إنهاء الانقسام وملف المصالحة الفلسطينية. وأشاد الأحمد، في بيان أمس، «بالجهود المتواصلة التي تقوم بها مصر الشقيقة من أجل إنهاء الانقسام».
وقال الأحمد: «البيان الذي أصدرته حركة حماس (أول من أمس) في القاهرة وأبدت فيه استعدادها لحل اللجنة الإدارية... هو تكرار لتصريحات عدة»، لكن «الأساس هو إعلان حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها في غزة، كما الحال في الضفة والقدس وإجراء الانتخابات العامة».
إلى ذلك، أعلن المفوض العام لوكالة «غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ــ الأونروا»، بيير كرينبول، أمس، أن الوكالة تواجه هذا العام عجزاً في ميزانيتها يبلغ 126 مليون دولار، ما يعني أنه لن يكون لديها أي أموال في نهاية هذا الشهر. ودعا كرينبول، في الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الخارجية العرب المنعقد في القاهرة، الدول العربية إلى «دعم الوكالة بقوة لتتمكن من المحافظة على دورها الحيوي في خدمة 5.3 ملايين لاجئ فلسطيني حتى يتحقق لديهم أفق ما».
(الأخبار)