اختارت إدارة الليسيه فردان، التابعة للبعثة العلمانية الفرنسية، اليوم الدراسي الأول، لأخذ تلامذتها «رهائن» و«إذلال» أهاليهم المعترضين على زيادة غير مبررة للقسط المدرسي. المدرسة أصرت على حجز الصغار في قاعة واحدة، رافضة السماح لهم بالجلوس على مقاعدهم، في خرق فاضح لمضمون اتفاقية حقوق الطفل ومنظومة القيم التعليمية الفرنسية، باعتبار أنّ الأولاد غير معنيين بأي نزاع من أي نوع كان.
إدارة المدرسة رفضت في اتصال مع «الأخبار» التعليق على أي تفصيل، مكتفية بالقول: «لسنا مخولين بالتحدث للإعلام». أما الأهالي الذين ما عادوا يخفون استياءهم من زيادات متتالية للأقساط (220% خلال 9 سنوات، إذ ارتفع القسط من 3 ملايين و117 ألف في عام 2007 إلى 8 ملايين و200 ألف في عام 2016)، فقد نفذوا أمس اعتصاماً أمام مدخل المدرسة، احتجاجاً على استثناء الإدارة أبناءهم من لوائح التلامذة المقبولين للتسجيل في العام الدراسي الجديد، التي نشرتها على موقعها الإلكتروني، عند الحادية عشرة، ليل أول من أمس.
المعترضون انتظروا أن يحضر ممثلون عن لجنة الأهل لمساندتهم في هذه المحنة من دون جدوى. وفيما سارع بعضهم إلى دفع المطلوب منهم يوم أمس وإعادة أبنائهم إلى الصفوف وعدم تدفيعهم الثمن، قدم الآخرون شكوى إلى القاضي المدني في بيروت الناظر بقضايا العجلة، طلبوا فيها استصدار الأمر على عريضة بإلزام إدارة المدرسة باستقبال التلامذة وإلحاقهم بصفوفهم، استناداً إلى المادة 10 البند 8 الفقرة ب من القانون 515 التي تنص على عدم استخدام الأولاد في النزاع القضائي، ومنعاً للضرر الذي سيتفاقم على نفسيتهم وخسارتهم سنتهم الدراسية.
إحدى الأمهات الرافضات لزيادة الأقساط، تروي كيف أنها كانت تعضّ على الجرح وتتردد في سحب أولادها من المدرسة وتسجيلهم في مدرسة أخرى، نظراً إلى العواقب التي قد يحدثها مثل هذا الإجراء على نفسيتهم، إلا أنها فعلتها أخيراً، لكونها لا تريد لصغارها أن يعيشوا هذه الأجواء اللاتربوية، على حد تعبيرها، «فمن واجب المدرسة أن تستمع إلينا وإلى مشاكلنا، ونريد أن نعرف ما هو موقف وزارة التربية الفرنسية من عدم استقبال الطلاب».
الأهالي بدأوا، في آذار الماضي، حركة اعتراضية امتنعوا خلالها عن تسديد الدفعة الثانية من القسط المدرسي، رفضاً لما سموه يومها «زيادة غير مفهومة وغير شرعية وغير منطقية» للقسط تراوح بين 800 ألف ومليون و100 ألف ليرة لبنانية.
في ذلك الحين، لم يجد هؤلاء أي مؤشر اقتصادي يبرر الزيادة، باعتبار أن السنوات الأربع الماضية شهدت انكماشاً وليس تضخماً، وليس هناك سبب موضوعي للزيادة، إذ إنّ عدد التلامذة انخفض من 2600 تلميذ في عام 2007 إلى 2260 تلميذاً في عام 2016 فقط. ولما استفسرت لجنة الأهل عن سبب الزيادة، قيل لها يومها إن هناك 104 تلامذة و4 أساتذة غادروا المدرسة في العام الدراسي الماضي، ما يعني، كما قال الأهالي، أنهم كانوا يسددون أقساط هؤلاء ورواتبهم. اللافت ما يقوله البعض عن التسهيلات التي تقوم بها المدرسة لموظفين في القطاع العام من أهالي التلامذة، ولا سيما لجهة عدم إلزامهم بدفع الزيادة مقابل تسهيل أمور المدرسة في الدوائر الرسمية والمؤسسات العامة، ولا سيما في الضمان الاجتماعي وغيره.
في 23 أيار، تقدم الأهالي بشكوى لدى المجلس التحكيمي التربوي حملت الرقم 3953/12. وفي انتظار الحكم، دفعوا القسطين الثاني والثالث ورسم تسجيل عن العام الدراسي الجاري 2017 ـ 2018، أي إنهم دفعوا كل ما عليهم وتمنعوا فقط عن تسديد قيمة الزيادة.
والأهم أنهم أجبروا منذ 3 سنوات على دفع سلفة على سلسلة الرتب والرواتب من خارج الموازنة وبلا مفعول رجعي، بما مجموعه أكثر من مليون ونصف مليون ليرة عن كل تلميذ، وهم ينتظرون اليوم من إدارة المدرسة أن تعيد إليهم الأموال التي كانت تتقاضاها تحت هذه الخانة، ولا سيما أن هناك اتفاقية خطية بين لجنة الأهل والمدرسة تقضي باحتساب أي زيادة تأتي تحت أي مسمى سلسلة أو غير سلسلة ضمن هذا البند. إلى ذلك، تلقت اللجنة تعهداً من الإدارة بإعداد الموازنة في شهر أيلول وعدم الانتظار حتى كانون الثاني المقبل ليكون الأهل على بينة منذ البداية. ينتظر أن تعقد لقاءات قريبة بين لجنة الأهل وبعض أولياء الأمور من جهة، واللجنة وإدارة المدرسة من جهة ثانية.