هي الخيبة الكبرى، وهي الخيبة المتجددة أمام الإيرانيين تحديداً. خيبة تعيدنا بالذاكرة إلى إحدى أقسى الهزائم التي تذوقها منتخب لبنان أمام نظيره الإيراني في كرة السلة الآسيوية.تلك الخسارة التي كان تاريخها 5 آب 2007، كانت في نهائي البطولة القارية عامذاك (69-74)، وكانت الأولى في سلسلة هزائم تعرض لها اللبنانيون أمام الإيرانيين، ووصلت إلى أربع مع الخسارة مساء أمس، مقابل فوز واحد كان قبل ثلاثة أيام من التاريخ المذكور، وتحديداً في الدور الثاني عندما فاز «رجال الأرز» بفارق كبير وصل إلى 22 نقطة (82-60).

ومن ذاك الانتصار إلى تلك الهزيمة المؤلمة وقتذاك، كان بالإمكان اكتشاف عقلية الإيرانيين في التعامل مع ظروفٍ مماثلة، حيث نهضوا بسرعة، وواصلوا نهضتهم في عالم المستديرة البرتقالية التي فرضوا فيها حكمهم للقارة الأكبر أعوام 2007 و2009 و2013.
يوم أمس كان المشهد مشابهاً، إن كان من حيث الخيبة، وإن كان من خلال ما تحلّى به الإيرانيون من رباطة جأش، حيث واجهوا رجال لبنان على أرض الملعب، ومعهم نحو 8 آلاف متفرج غصّت بهم مدرجات ملعب نهاد نوفل في الزوق. هذا الملعب الذي سيفتقد حشداً من هذا النوع حتى تاريخٍ غير معروف. وهذا الحشد كان يعلم كما يعلم كل متابع لبطولة آسيا أن النجاح بالنسبة الى لبنان مرتبط بالدرجة الاولى بتحقيق المنتخب للإنجاز الكبير واحراز اللقب، فالنجاح التام بالنسبة الى الجمهور اللبناني لا يقاس بأي جاذبية اخرى، ولا باستعراضات اعلامية وصور لمسؤولين لم يوفّروا اي مناسبة لتأكيد حضورهم الذي لم يكن مهماً بقدر الهدف الأهم، ألا وهو النصر.
بطبيعة الحال، من تابع عن كثب اداء المنتخب اللبناني منذ المباراة الاولى، عَلِم بلا شك بأن منتخبنا عانى في جوانب عدة، أوّلها الدفاعي، حيث كان بإمكان اختراق السلة اللبنانية بسهولة، وهو ما فعله الايرانيون بسلاسة أمس. أما ثانيها، فكان الهجومي، حيث ظهر لبنان أمس غير قادر على التعامل مع دفاع المنطقة الذي اعتمده منتخب ايران طوال المباراة، بل كانت مقاربته ارتجالية، فدفع الثمن غالياً في الجهة المقابلة للملعب، وخصوصاً بوجود حامد حدادي (2.18 م) الذي تعملق في هذا اللقاء، رغم انه ظهر أثقل من الأيام التي عرف فيها فترته الذهبية، حيث لعب في الدوري الاميركي الشمالي للمحترفين.

النجاح التام للبنان
في تنظيم البطولة كان مرتبطاً بإحراز المنتخب للقب


العملاق الايراني تمكن من تسجيل «دابل دابل»، قوامها 23 نقطة و20 متابعة، بينما حاول وائل عرقجي ابعاد منتخبه عن الغرق في فارق كبير في اكثر من مناسبة، فكان افضل مسجلي اللقاء مع الايراني محمد جمشيدي برصيد 24 نقطة لكل منهما.
سقطة جديدة يفترض التعلّم منها، وطرح اسئلة من خلالها على غرار سؤال عما اذا كانت الفترة الاستعدادية واستراتيجيتها كافيتين لمنتخبنا حتى يرتقي الى مستوى التحدي في الحدث القاري. وسؤال يطرح ايضاً عمّا اذا كانت الجدية والالتزام حاضرين في المعسكرات الداخلية والخارجية وخلال فترة البطولة.
كذلك، فإن شكل منتخب ايران (سيلاقي في نصف النهائي كوريا الجنوبية الفائزة على الفيليبين 118-86)، بلاعبيه المحليين الذين كانوا دائماً الحجر الاساس في تشكيلته، وهم الوافدون من دوري اعتُبروا فيه دائماً الحلقة الاقوى، لا على غرار لاعبينا المحليين الذين يدفعون الأثمان محلياً ودولياً بسبب انظمة غير مدروسة فنياً، ووسط تجاهل لنتائجها المستقبلية التي ظهرت اولى كوارثها أمس.
خسر منتخب لبنان، وترك من اعتمد عليه لقطف النجاح امام الكاميرات في بحرٍ من الخسائر، وما اكثرها! لينتقل الكل ابتداءً من اليوم ووصولاً الى اليوم الختامي للبطولة الى مرحلة محاولة تقليص حجم الخسائر التي بلا شك قد تترك جرحاً عميقاً في كرة السلة اللبنانية لفترة غير قصيرة.