حرصت المغنية اللبنانية نجوى كرم، ألا تخوض في دهاليز السياسة والانقسامات، ولا التصريحات التي تخسّرها شرائح من الجمهور ربما انسجاماً مع تصريحها لنا ذات يوم بالقول: «لم أكن أستطيع حمل السلاح، لكنّني خضتُ حرباً انتصاراً للأغنية اللبنانية». قد يكون لهذا السبب ــ إضافة إلى قوّة شخصيتها، وطبيعة صوتها الجبلي الخاص ـــ لقّبها الكاتب والشاعر اللبناني الراحل أنسي الحاج بـ «الزحلاوي القبضاي».
ومع ذلك، لم تغض «شمس الأغنية اللبنانية» في سجالات، إلا فيما ندر مع بعض زملائها. وغالباً كانت صاحبة حق بذلك، فيما وفّرت طاقتها نحو جولات افتراضية محصورة في تكريس صورة نمطية ورجعية عن المرأة «ملكة عرش بيتها» كما تراها، وقد صرّحت بذلك علناً في أكثر من محفل. ولم تفوّت الفرصة لتكرار آرائها عبر السوشال ميديا. لكن مساء أمس كان المزاج مختلفاً بالنسبة إلى كرم، فقد طوّعت حسابها على تويتر لنشر لقطة فوتوغرافية إنسانية ربما تعتبر صورة الموسم بالنسبة لها، خاصة أنها تلخّص بكثافة، وبساطة، ورشاقة، صورة الحرب السورية والحال الذي وصلت إليه البلاد، وتحكي من دون كلام عن النيران التي لم ترحم لا البشر ولا الحجر، وحتى الفن أردته قتيلاً بشظاياها. هكذا، نشرت نجوى صورة لأحد ألبوماتها يبدو اسمها مكتوباً عليه بالخط عريض. لكن الألبوم مرمي بين الدمار والركام في أحد الشوارع السورية التي دمّرتها الحرب، وعلّقت على الصورة بكلمات حساسة من وحي اللقطة حيث قالت: «وجعني صوتي لمّا مِنِ العتمة هيك تكيتْ، وبكيت مواويل كنت بالدّني جيدها، تراب المنايا فَتَّتِت صوت الصّخر تفْتيت، تنده مروِّة بشر وينا تمدّ ايدها». الصورة كانت بمثابة فرصة بوح عريضة أمام الآلاف من متابعي المغنية الشهيرة، الذين تفاعلوا مع الحالة، وعلقوا بمشاعر حزن مشابهة.