بتعديل بسيط، تحوّلت دائرة بيروت الأولى من أرثوذكسية الى دائرة أرمنية بامتياز. وهو ما لم يستسغه أرثوذكس بيروت بشكل عام، بعد أن بات للأرمن 4 مقاعد من أصل ثمانية، إثر نقل منطقة المدوّر من الدائرة الثانية الى الأولى.
فبعد أن كان عدد الناخبين الأرثوذكس هو الأكبر في هذه الدائرة، أسهمت إعادة دمج دوائر العاصمة في رفع عدد الناخبين الأرمن من 20 ألفاً عام 2009 الى 45 ألفاً حالياً (من أصل نحو 133 ألفاً، ما يعني أن عدد الناخبين الأرمن هو الأكبر مقارنة بأرقام باقي المذاهب المسيحية ــ الرقم الأقرب هو للناخبين الأرثوذكس البالغ عددهم نحو 26 ألفاً)، وزيادة مقعدين أرمنيين على المقعدين الموجودين أصلاً (أرمن أرثوذكس وأرمن كاثوليك). وذلك رغم كون نسبة الاقتراع عند الأرمن من أدنى نسب الاقتراع لدى الطوائف، بحيث لا تتخطّى 35 في المئة، لعدة أسباب، أهمها هجرة الأرمن اللبنانيين الهائلة. وهو ما ضاعف الاعتراض الأرثوذكسي على تمثل الأرمن بأربعة مقاعد رغم أن العدد النهائي لمقترعيهم تقارب نسبة اقتراع الناخبين الأرثوذكس الذين لا يتمثلون سوى بمقعد واحد.
ما سبق يقود الى ترجيح أوّلي بأن لا يتمكن حزب الطاشناق ــ الذي يحظى بتأييد نحو 80% من المقترعين الأرمن ــ من الفوز إلا بمقعدين، الأمر الذي يؤكده النائب هاغوب بقرادونيان، مشيراً الى أنه «يستحيل توزيع الأصوات على 4 مقاعد، ولكن في الوقت عينه يمكن للتحالفات أن تلعب دوراً كبيراً في مضاعفة الفوز». والأهم في هذه التحالفات، بحسب بقرادونيان، هو «التوافق بين مختلف الأحزاب الأرمنية والتعاون انتخابياً في ما بيننا». ففعلياً صبُّ الصوت الأرمني في لائحة واحدة يمكن أن يؤدي الى الفوز بثلاثة مقاعد. غير أن قواتيي الأشرفية يتحدثون عن احتمال ترشيح ريشار قيومجيان الى جانب عماد واكيم عن المقعد الأرثوذكسي، فيما ترجّح مراكز الاستطلاع أن ينقسم الصوت القواتي بين المرشح الحزبي والنائب نديم الجميّل، ما يلغي حظوظ قيومجيان بالفوز. وعن ذلك يقول بقرادونيان إن «الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن أسماء محسومة، ولكن هناك مبدأ عام وشبه اتفاق بيننا وبين مختلف الأحزاب على عدم ترشيحهم لأرمني. تماماً كما لم ولن نفكر يوماً بتأليف لائحة تضم موارنة وكاثوليك».
من جهة أخرى، وحتى الساعة، لم يحسم حزب الطاشناق أسماء مرشحيه، ولكن سيتم انتقاؤهم وفقاً لما يأتي: «أولاً، حضوره داخل الطائفة، ثانياً كفاءته، ثالثاً قدرته الشخصية على الفوز بأصوات الأرمن وغير الأرمن، رابعاً أن يتمتع بالطيبة الأرمنية». أما المفاجأة فتكمن في التحالفات التي ينوي الطاشناق حياكتها في بيروت وزحلة، وهي لن تكون ببعيدة عن تيار المستقبل: «لا شيء يمنعنا من التحالف مع المستقبل، لا سيما أن الكل تحالف معه فهل وقفت علينا؟». وفي الواقع «مشكلتنا مع تيار المستقبل تلاشت وتم تجاوزها، وحتى في عزّ الخلافات السياسية تحالفنا مع الرئيس سعد الحريري في بيروت وشكلنا لائحة بلدية معاً. لذلك احتمال التعاون وارد بقوة». وهنا تطرح عدة علامات استفهام حول مدى فاعلية التحالف الأرمني ــ المستقبلي في ظل احتمال دعم التيار الأزرق لمرشحه عن مقعد الأقليات نبيل دو فريج وعدم قدرته على دعم أكثر من مرشح واحد، نظراً لعدد أصوات ناخبيه القليل. والتحالفات لن تقتصر على بيروت «بل ستتعداها الى زحلة حيث نسبة المقترعين الأرمن متدنية جداً». لذلك، لا يمكن فعلياً حصول الطاشناق على الحاصل الانتخابي وحده، بل يحتاج الى شريك والى «توافق أرمني بين مختلف الأحزاب أيضاً»، فيما الفوز يتطلب هنا أيضاً التزام الأحزاب بمبدأ عدم ترشيح أرمني ينافس المرشح المعتمد. ففي زحلة «نستفيد من الطوائف التي لن ترشح إلا مرشحاً واحداً ولديها أصوات فائضة عن الحاصل». ولكن ما سبق لن يكون سهلاً في ظل المعركة الشرسة الدائرة في زحلة واستحالة إيجاد حليف يتطوع لإهداء الأرمن مقعداً من مجموع أصواته الانتخابية.