رغم محاولات رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إظهار الثقة ببراءته وأن أحداً لن يتمكن من إزاحته عن الحكم، بدأت تتفاعل المعطيات التي توالت بعد تحوّل مدير مكتبه السابق، أري هارو إلى «شاهد ملك»، واستجابة المحكمة لطلب الشرطة بفرض التعتيم الإعلامي في ما يتعلق بهذه القضية.
أول مفاعيل هذا المستجد القضائي ــ السياسي، أن الحرب على خلافة نتنياهو بدأت بالاحتدام كما يبدو، استعداداً لإمكانية تقديم لائحة اتهام ضده، ما قد يؤدي إلى دفعه نحو الاستقالة، ثم بحكم القانون، سقوط الحكومة. وينبغي ألا يؤثر في قراءة المشهد السياسي الداخلي الإسرائيلي المواقف المؤيدة من داخل حزب «الليكود» لزعيمهم، نتنياهو؛ بمعنى أن ذلك يشير بالضرورة الى أن وضعه مستقر داخل حزبه، وبذلك لن يكون مضطراً إلى الاستقالة، وخاصة أن أي طامح لخلافة منصبه سيكون مضطراً إلى مداهنته، وألا يبدو كمن يتحيّن الفرص للانقضاض أو الغدر به، لأن لنتنياهو مساحة تأييد واسعة داخل «الليكود»، وهو ما سيعرض هؤلاء لخسارة قاعدة شعبية واسعة، ثم يساهم في إضعاف موقفهم.
ووفق المسار القضائي للقضية، لا تتوقع تطورات دراماتيكية فورية. ومع ذلك، ازدحمت محاولة استقراء السيناريوات التي يمكن أن تلي تقديم لائحة اتهام رسمية بحق نتنياهو، زمن أبرز هذه السيناريوات أن ينتخب «الليكود» أحد قادته رئيساً جديداً ومرشحاً لرئاسة الحكومة بهدف تفادي الذهاب نحو انتخابات مبكرة، والحفاظ على الحكومة اليمينية القائمة. وما يعزز هذا الاحتمال أنه حتى هذه اللحظة، لا تزال المعطيات تعزز الانطباع باستمرار تماسك أحزاب الائتلاف في الحكومة تفادياً للذهاب نحو انتخابات مبكرة.

وفق المسار
القضائي للقضية لا تتوقع تطورات دراماتيكية فورية

في هذه الحالة، يبادر الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين ريفلين، إلى إجراء مشاورات نيابية تفضي إلى تكليف الرئيس الجديد لـ«الليكود» تشكيلَ الحكومة من دون الاضطرار إلى انتخابات مبكرة. ويحضر في هذا الإطار سيناريو تكليف تسيبي ليفني عام 2009، بعد استقالة إيهود أولمرت من رئاسة الحكومة على خلفية توجيه لائحة اتهام بحقه، لكن نتيجة عجزها آنذاك عن تشكيل حكومة بديلة ــ حال دونها حزب «شاس» الحريدي ــ أُجريت انتخابات مبكرة أدت إلى فوز نتنياهو برئاسة الحكومة. ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن أي من خصومه من إزاحته عن كرسيه.
وفي حالة نتنياهو، من الواضح إنْ عجز أي من المرشحين عن تشكيل حكومة بديلة، يصبح إجراء انتخابات مبكرة حتمياً. وفي هذه الحالة أيضاً، سيحتدم التنافس داخل «الليكود» بين الطامحين إلى منصب رئاسة الحكومة الذي سيحسم بانتخابات تمهيدية داخلية.
ووفق معلق الشؤون الحزبية في موقع «nrg» العبري، شالوم يروشالمي، فإن «القادة الأكثر بروزاً ويتمتعون بقدر من الفرصة لخلافة نتنياهو هم: وزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، باعتبار أنه الرجل القوي في اللجنة المركزية، إضافة إلى وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، ووزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغف، إضافة إلى الوزير تساحي هنغبي، ورئيس الكنيست، يولي إدلشتاين». أما المنافس الأقوى له، في المراحل السابقة، جدعون ساعر، فلن يتمكن من أن يخلف نتنياهو لأنه ليس عضواً في الكنيست، إذ ينص القانون على أن يكون رئيس الحكومة عضواً، فيما لا يشترط ذلك على الوزراء.
في كل الأحوال، وطبقاً للوتيرة القضائية القائمة، لا يزال سقوط نتنياهو غير وشيك، إلا في حال حدوث سيناريوات مفاجئة غير مرجحة ضمن دائرة التوقعات، إضافة إلى أن ما تقدم يبقى تقديرات نظرية منطلقة من المواقف الحالية، والظروف السائدة الآن، وخاصة أن من الصعب التكهن بالدينامية التي سيطلقها تقديم لائحة الاتهام، وما يمكن أن يترتب عليه من ضغوط وأجواء من الواضح أنها ستتسبب في إرباك داخل معسكر اليمين.