القاهرة | بالتزامن مع بدء العد التنازلي لانتخابات الرئاسة المصرية التي تنعقد في شهر أيار/ مايو المقبل، بدأ يلوح في الأفق توجه نحو إجراء استفتاء بداية العام المقبل على أبعد تقدير، بهدف إطالة مدة ولاية الرئيس، على أن تطبق هذه الإطالة بدءاً من ولاية الرئيس المقبل.
وتشير كل المعطيات إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيكون الفائز بالانتخابات المقبلة، ما يعني أن الاستفتاء يهدف بالدرجة الأولى إلى إطالة ولاية السيسي الثانية في حكم البلاد. ويُنهي السيسي ولايته الأولى في أيار/ مايو المقبل، بعد أربع سنوات قضاها رئيساً بموجب دستور 2014 الذي حدد ولايتين فقط لمن يتولى منصب الرئاسة. ومن المفترض أن يتم التوجه إلى تعديل مدة ولاية الرئيس لتكون ست أو سبع سنوات بدلاً من أربع سنوات.
حتى الآن، فإن دعوات تعديل الدستور لإطالة مدة الولاية الرئاسية لا تلقى رواجاً شعبياً بالشكل الذي يضمن إمرارها بنسبة تأييد شعبي مرتفعة، وهذا ما أجّل الخطوة أكثر من مرة بالرغم من طرحها في أروقة السلطة خلال الفترة الماضية كثيراً، إلا أن التخوّف من نسبة التأييد كان يزيلها عن أجندة البرلمان في اللحظات الأخيرة.

أشارت استطلاعات الرأي
إلى أن نسبة فوز السيسي
ستراوح بين 60 و80%


ونصّ الدستور الحالي في المادة 226 على عدم جواز تعديل النص المتعلق بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات. وكان نائب برلماني محسوب على الأغلبية قد طرح هذا المقترح في شهر آذار الماضي، لكنه لم يلقَ قبولاً في أروقة البرلمان، وسط توقعات بإعادة طرحه مجدداً مع بداية دور الانعقاد الجديد خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، علماً بأن تحركات مكثفة تجرى لصياغته بشكل أكثر إحكاماً وليخرج معبراً عن «رأي الأغلبية البرلمانية».
وتجرى مناقشات واسعة بشأن التعديل، بالإضافة إلى تمهيد إعلامي له خلال الفترة الحالية، الأمر الذي ظهر في المقال الأخير لرئيس مجلس إدارة صحيفة «الأخبار» المصرية، ياسر رزق، المقرّب من السيسي، والذي ذكر أن هذا الملف هو قيد المناقشة.
وبرغم أن السيسي يعتبر حتى الآن المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية المقبلة، تدور نقاشات في أروقة السلطة حول آليات التعامل مع الانتخابات المقبلة التي يخشى الجنرال المصري أن يدخلها منفرداً بما «يهز صورته أمام العالم». كذلك، طلب دراسة آليات زيادة نسبة المشاركة بشكل ملحوظ «لتكون اللجان الانتخابية مليئة بالناخبين»، علماً بأن جميع استطلاعات الرأي التي أجرتها جهات مقربة من الرئاسة أشارت إلى أن نسبة فوز السيسي ستراوح بين 60 و80% في الدورة المقبلة، وهي نسبة أقل بكثير من الـ 96.94% التي حصدها في انتخابات 2014.
وبحسب مصادر تحدثت إلى «الأخبار»، هناك ثلاثة اتجاهات داخل أروقة قصر الاتحادية حالياً في هذا المجال. الأول يفضّل أن تشمل التعديلات عدد المرات التي يترشح فيها الرئيس باعتبار أن نسبة تأييد السيسي في الشارع لا تزال كبيرة مع تعديل مدة الرئاسة، بينما يرى تيار آخر ضرورة الاكتفاء بالتعديل الأول ليكون مرتبطاً بمدة الرئاسة فقط من دون فتح المجال أمام مزيد من المُدد تجنباً للغضب الدولي، أما التيار الثالث، وهو الأقوى حتى الآن، فيقول بضرورة إرجاء الأمر بالكامل لعامين آخرين تكون قد ظهرت فيهما نتائج الإصلاح الاقتصادي، بما يمكّن السيسي من استعادة جزء من شعبيته المفقودة وإمرار تعديلات تفتح باب الرئاسة «ليكون بلا عدد ولايات محددة».
تبدو الخلافات في أروقة القصر الرئاسي معبرة عن حالة الاستقطاب الموجودة في الوقت الحالي في مصر. خلافٌ في وجهات النظر ليس مرتبطاً فقط بالتعامل مع الموقف الحالي، ولكن أيضاً في آلية إدارة المرحلة المقبلة وكيف يمكن الاستعداد الأمثل للانتخابات الرئاسية، في وقت اعتمد فيه السيسي قانون الهيئة الوطنية للانتخابات تمهيداً لتشكيلها لتبدأ ممارسة عملها بالاستعداد لرئاسية 2018، وسط ارتفاع أصوات المعارضة الداعية إلى المقاطعة الكاملة، مقابل أصوات الأحزاب التي تبادر إلى تأييد السيسي لولاية ثانية، مثلما حدث مع عدد من أحزاب ائتلاف دعم مصر، وفي مقدمهم حزبا «المصريين الأحرار» و«المؤتمر».