دعت «منظمة العفو الدولية» السعودية إلى التراجع عن قرار إعدام 14 شخصاً قالت إنهم تعرضوا للتعذيب أثناء محاكمتهم. ورأت أن «تأكيد المتهمين أنهم تعرضوا للتعذيب يجعل اعترافاتهم حول المشاركة في تظاهرات مناهضة للحكومة باطلة ولا يعتد بها»، مطالبة بـ«إعادة محاكمة المتهمين بما يتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، ودون اللجوء إلى استخدام عقوبة الإعدام». وشددت على ضرورة «إجراء تحقيق نزيه ومستقل حول تعرّض المتهمين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة».
وكانت المحكمة العليا في السعودية قد صدّقت أواخر الشهر الماضي على أحكام الإعدام الصادرة بحق 14 شخصاً بعد إدانتهم بـ«ارتكاب جرائم إرهاب تشمل قتل مدنيين، وقتل واستهداف رجال أمن والاعتداء عليهم». وعقب إعلان الحكم، كشف ناشطون حقوقيون أن كل المتهمين في ما بات يعرف بـ«خلية العوامية» المكونة من 24 عنصراً أدين منهم 23 بـ«الإرهاب»، نُقلوا إلى الرياض، في دلالة على قرب إعدامهم.
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل منصور القفاري، ادعاءه أن «جميع المتهمين أمام المحاكم السعودية يحصلون على حقهم في محاكمات عادلة تستوفي كافة المعايير والشروط والمتطلبات، مع الالتزام أيضاً بجميع الشروط القانونية المعمول بها في المملكة»، مشيراً إلى أن «أحكام الإعدام الصادرة ضد المتهمين بقضايا إرهابية تخضع للمراجعة والتدقيق... وتمر بمراحل عدّة يشترك في نظرها 13 قاضياً». وينفي الناشط السعودي ورئيس منظمة «القسط» لحقوق الإنسان يحيى العسيري، كلام القفاري، واصفاً أحكام الإعدام الأخيرة بـ«الجائرة». ورأى أنه «إذا كان هؤلاء الـ 14 قد ارتكبوا جرائم، فإن المحاكمة العادلة لا يجب أن تخيف السلطات السعودية».
وكانت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قد انتقدت الممارسات «البربرية» في مجال حقوق الإنسان في السعودية، ملقية الضوء على التناقض بين وعود ولي العهد محمد بن سلمان، والممارسات بحق المعارضين، الذين بدورهم «يعبّرون عن تطلعات لا تتناقض مع وعوده».
وذكّرت الصحيفة بـ«الرؤية 2030» التي عرضها ابن سلمان العام الماضي، والتي «وعد فيها ببناء بلد مزدهر يتمكّن فيه جميع المواطنين من تحقيق أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم»، وتعهد أيضاً «ببناء دولة متسامحة تعتمد على الاعتدال كمنهجها». واعتبرت أن «قائمة وعود ابن سلمان الطويلة مبالغ فيها، ولا سيما في مملكة لطالما كان التغيير فيها بطيئاً وثمنه مؤلماً»، مشيرة إلى أن السعودية «لا تزال غارقة في العصور المظلمة: حقوق الإنسان تُداس، وحرية التعبير تُسحق». ورأت الصحيفة أن خير مثال على التناقض بين وعود ابن سلمان والواقع هو «مصير 14 رجلاً سعودياً، كلهم من الأقلية الشيعية في البلاد، والذين يواجهون الإعدام بتهمة تنظيم احتجاجات في المملكة».
وتأتي هذه التطورات بعد إعدام أربعة سعوديين الشهر الماضي بعد إدانتهم بعدة تهم من بينها «إثارة الشغب والسرقة والسطو المسلح والتمرد المسلح ضد الحاكم». ووفق «العفو الدولية»، فإن معدلات الإعدام في السعودية هي من بين الأعلى في العالم، إذ أعدمت المملكة 66 شخصاً على الأقل منذ بداية العام.