تترقّب موريتانيا الإعلان الرسمي في بداية الأسبوع الجاري لنتائج الاستفتاء الشعبي الذي جرى أول من أمس، والهادف إلى إدخال تعديلات على دستور البلاد، يُعدُّ أبرزها إلغاء مجلس الشيوخ والسماح للرئيس محمد ولد عبد العزيز بالترشح إلى ولاية ثالثة في عام 2019.
وأول من أمس، دعي 1.4 مليون موريتاني للإدلاء بأصواتهم في صندوقين، واحد للتعديلات الرئيسية وأبرزها إلغاء «الشيوخ» الذي وصفه رئيس البلاد الأسبوع الماضي بأنه «وكر للفساد والرشوة»، والثاني لتغيير العلم الذي سوف يُضاف إليه خطان أحمران يرمزان إلى «دماء شهداء مقاومة» الاستعمار الفرنسي.
وأثارت الدعوة إلى هذا التعديل انقساماً سياسياً في البلاد الواقعة في منطقة «الساحل» المتوترة في أفريقيا، ورأى طيف واسع من قوى المعارضة أنّ الاستفتاء يعكس «ميلاً خطيراً إلى الاستبداد» وسعياً من الرئيس «للتمديد لنفسه في الحكم»، وهو ما ينفيه الأخير.
وترى المعارضة الموريتانية التي احتشدت ضد الاستفتاء، والمشكّلة من تحالف «المنتدى الوطني للديموقراطية والوحدة» إلى جانب أحزاب «تكتل القوى الديموقراطية» وحزب «الصواب» و«القوى التقدمية للتغير»، أنّ التعديلات تمثّل «مغامرة غير مجدية وانقلاباً على الدستور»، فيما شهدت الحملة التي سبقت الاستحقاق، مظاهرات حاشدة من قبل المعارضين، كما شهدت أيضاً اشتباكات، بينهم وبين قوات الأمن أدت إلى إصابة كثيرين بجروح.
ومساء أمس، تداول صحافيون موريتانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي نتائج غير نهائية للاستفتاء، تشير إلى أنّ المشاركة في الاستحقاق قاربت نسبة 59 في المئة، بينهم 87 في المئة صوّتوا بـ«نعم»، في مقابل 9 في المئة بـ«لا». ولم يُعرف إذا ما كانت هذه التقديرات تشمل مشاركة أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن، الذين صوّتوا على الاستفتاء يوم الجمعة.
ويَعتبر الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي وصل إلى السلطة للمرة الأولى في انقلاب عام 2008 وفاز بولاية رئاسية ثانية في 2014، أنّ المعارضة المقاطعة للاستفتاء الدستوري «وهمية وافتراضية وضئيلة»، فيما أشار بعيد إدلائه بصوته في أحد مراكز الاقتراع في نواكشوط إلى أنه «قد يتم عرض تعديلات أخرى في غضون عامين أو عشرة أعوام لملاءمة الدستور مع الوقائع».

يرى الرئيس الموريتاني
أنّ المعارضة المقاطعة للاستفتاء وهمية

وكان مجلس النواب الموريتاني قد أقرّ نص تعديل الدستور المطبّق منذ عام 1991، إلا أن 33 من أعضاء مجلس الشيوخ الـ56 رفضوه في شهر آذار، وهو ما دفع ولد عبد العزيز إلى الدعوة إلى إجراء الاستفتاء، علماً بأنّه «برفض الشيوخ للمشروع، تسقط التعديلات نهائياً»، كما يؤكد صحافيون موريتانيون.
وقبل أيام، رفض ولد عبد العزيز، القريب في إطار السياسات الإقليمية من السعودية والإمارات، الاعتذار لـ«الشيوخ» بعد اتهامهم بـ«الفساد»، معتبراً أن «أعضاء المجلس ضالعون في قضايا رشوة، وأن إلغاءه المجلس بات ضرورة، (خاصة أنه) مكلف جداً ولا يفيد في شيء».
وفي حديث إلى وكالة «رويترز»، لفت المحلل في «فيريسك مابلكروفت»، شون سميث، إلى أنّ هذا «الاستفتاء يمثّل تحولاً شمولياً سوف يزيد تهديد الاضطرابات الأهلية خلال العامين المقبلين»، مضيفاً أنّ «الإصلاحات الدستورية المقترحة سوف تعطي عبد العزيز مزيداً من السلطة في نظام يتمتع فيه الرئيس بسلطات هائلة بالفعل».
وكان زعيم حزب «تواصل» جميل ولد منصور قد أعلن، في مؤتمر صحافي، أنّ الاستفتاء «شابته خروقات كبرى، منها استبدال مديري مكاتب التصويت الرافضين للتزوير ورفض حضور المراقبين، فضلاً عن استخدام وسائل الدولة في التعبئة للتصويت بنعم».
(الأخبار)