ليل السبت، علت أصوات جراح محمد هلال على الكورنيش البحري في صور، على أصوات الساهرين وصخب المقاهي وحفلات المطاعم في شارع المشاة. على شاشة عملاقة نصبت في وسط الشارع، كان ابن المدينة يستعيد مجزرة الدفاع المدني (16 تموز خلال عدوان 2006) عندما تعرض مبنى من 14 طبقة لقصف العدو الإسرائيلي.
هلال نجا منها، فيما استشهد وجرح العشرات من أقربائه وجيرانه. شهادته كانت جزءاً من الفيلم الوثائقي القصير «المبنى 125» الذي أنجزه الموقع الإلكتروني المحلي «صدى صور» في الذكرى الحادية عشرة للمجزرة وعرضه بين العامة في الكورنيش «لتوجيه التحية لمن غادرنا حتى نتمكن من استكمال حياتنا».
تحافظ صور على فرحها الظاهر طوال العام. إلا أنّها تضمر الكثير من الحزن والألم الصامت، منها تلك المجزرة التي يأسف أهلها لأنها لم تأخذ حصتها التي تستحق في الإعلام وتوثيق وقائع العدوان.

«المبنى 125» حمل شعار «لكي لا ننسى» المجزرة التي وقعت في الحي الآمن وفي المبنى السكني الذي كان يشغل الدفاع المدني طبقته الأولى، بحسب مدير الموقع محمد مهدي. تحت إعداد رواد الأمين وتصوير عدنان عطية وإخراج عطية وحسن شحادة بمشاركة ملاك خليل في كتابة السيناريو، ظهر أربعة ممن عايشوا ونجوا من المجزرة. ابن الحي الزميل علي هاشم وهلال الذي بترت أصابع يده اليسرى وعانى من مرض السرطان لاحقاً والمربي محمد حسين الذي أنزل سكان المبنى من الشقق وجمعهم في الطبقة السفلى، وعلي زيدان الذي علق في منزله في الطبقة الثامنة تحت ركام ست طبقات دمرت فوقها. في الحي، لم يبق أثر للمجزرة. الطبقات الست المدمرة أزيلت ورمم المبنى وطلي بألوان جديدة وارتفعت مبان من حوله. حتى مقر الدفاع المدني الذي التصق به ولا يزال، انتقل بعيداً عنه. لكن الأربعة وأقرانهم لا يزالون يعيشون في ذلك اليوم. ينتهي الفيلم مع الناجين يقلبون صور الضحايا والدمار والركام. «صار جرحي عندهم معرضاً» يقول هلال.